أوصى فضيلة الشيخ الدكتور علي بن عبدالرحمن الحذيفي إمام وخطيب المسجد النبوي في خطبة الجمعة اليوم بتقوى الله جل وعلا بالتقرب إليه والمسارعة إلى الخيرات، ومجانبة المحرمات تفوزوا بأعلى الدرجات وتنجوا من المهلكات. أيها المسلمون إن الله وعد عباده الطائعين بالحياة الطيبة في دنياهم ووعدهم بأحسن العاقبة في أخراهم يحل عليهم رضوانه، ويمتعهم بالنعيم المقيم في جنات الخلد مع النبيين والصالحين الذين اتبعوا الصراط المستقيم قال الله تعالى: (ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض). وأكد فضيلته: المؤمنون يشاهدون ما وعدهم ربهم في حياتهم الدنيا ويتتابع عليهم ثواب الله وتتصل بهم وتترادف عليهم آلاء الله كما قال تعالى: (فآتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة والله يحب المحسنين) وسيجدون في الآخرة الأجر الموعود. والنعيم الممدود قال الله سبحانه: (أفمن وعدناه وعداً حسناً فهو لاقيه كمن متعناه متاع الحياة الدنيا ثم هو يوم القيامة من المحضرين)، وكما وعد الله المؤمنين الطائعين توعد الكفار الجاحدين والعصاة المتمردين وما أنذرهم به من العذاب واقع بهم قال سبحانه وتعالى: (الذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام والنار مثوى لهم). وذكر فضيلته أنه قد ابتلي الإنسان بما يصرفه عما ينفعه ويوقعه فيما يضره ابتلاءً وفتنة تثبط عن الطاعات وتزيد المعاصي ليعلم الله من يجاهد نفسه ويخالف هواه ممن يعطي نفسه هواها ويتبع شيطانه فيفاضل بين المهتدين بالدرجات ويعاقب أهل الأهواء الخاوية بالدركات قال تعالى: (ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلوا أخباركم). وبين فضيلته أن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي، والنفس بما تتصف به من الجهل والظلم تبعد صاحبها عن التصديق بوعد الله وتثبطه عن الاستقامة وتنحرف بالإنسان عن الاعتدال، قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى: فمن عرف حقيقة نفسه وما طبعت عليه علم أنها منبع كل شر ومأوى كل سوء. وأن كل خير فيها ففضل من الله منَّ به عليها لم يكن منها كما قال تعالى: (ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من أحد أبداً)، ولا تسلم النفس من الجهل إلا بالعلم النافع الذي جاءت به الشريعة ولا تسلم من الظلم إلا بالعمل الصالح، ولا بد للمسلم أن يرغب إلى الله دائماً ويدعوه لصلاح نفسه. وأكد فضيلته أن الدنيا عدو الإنسان إذا استولت على قلبه فاشتغل بها وأعرض عن عمل الآخرة، فأكثر أهل الأرض آثروا الدنيا قال الله تعالى: (بل تؤثرون الحياة الدنيا والآخرة خير وأبقى). وفي الخطبة الثانية، قال فضيلته: عباد الله، إن ربنا قال: {يا أيها الناس إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور}، وفي الحديث: (الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني).