رفض النبي – صلى الله عليه وسلم – أن يشهد على هبة الصحابي بشير لابنه النعمان – رضي الله عنهما – لأنه لم يعطِ بقية إخوته مثلما أعطاه؛ وبالتالي لم يقره على هذا الظلم والتفرقة، وفي هذا تربية للوالد ألا يفرق بين أبنائه في العطاء المادي، ومثله العطاء المعنوي من مدح وإظهار عناية ومودة لأحد الأبناء دون البقية؛ لأن هذا يورث الأحقاد بينهم ويزرع الضغينة في حياتهم. وهنا نتذكر قصة يوسف – عليه السلام – وإخوته الذين جعلوه في الجب بعد أن تداولوا في أمره بين قائل بقتله وقائل بجعله في الجب يلتقطه بعض السيارة؛ لكن هذا الرأي الذي استقر عليه الإخوة معناه الحكم عليه بما يقرب من الموت في البئر جوعاً أو خوفاً أو افتراساً أو لدغة من حية، وهم إخوة وأبناء نبي؛ لأنهم رأوا أباهم يعقوب عليه السلام يختص يوسف بشيء من الحب والاهتمام أكثر من بقية إخوانه فحقدوا على يوسف: (إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَىٰ أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ * اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْماً صَالِحِينَ * قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ لَا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ)[سورة يوسف 8 – 10] لقد كان لحادثة تخلص إخوة يوسف من أخيهم آثاره المحزنة على أسرة يعقوب – عليه السلام – وكل مسلم يتأمل في سورة يوسف يعلم هذا، رغم ما حدث ليوسف من الكرامة والرفعة، وما لقي أيضاً من الابتلاء في بيت العزيز قبل أن يمكن له في الأرض. .. فلنتأمل وليكف كل أب وأم عن التفرقة بين أبنائهم ولو بكلمة.. اللهم ارزقنا تربية أبنائنا على الوجه الذي يرضيك، وتكون عوناً لهم على صلاح ذات بينهم.