أظهرتْ أحدث المؤشرات العقارية الرسمية الصادرة عن وزارة العدل، إنهاء السوق العقارية المحلية أدائها خلال الثمانية أشهرٍ الأولى من العام الجاري، بالمقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي، على انخفاضٍ سنوي في إجمالي قيمة الصفقات بلغت نسبته 35.8 في المائة، مستقراً إجمالي قيمة الصفقات العقارية بنهاية الفترة عند مستوى 87.9 مليار ريال، مقارنةً بمستواه المسجل خلال نفس الفترة من العام الماضي عند مستوى 137.0 مليار ريال. وجاء الانخفاض بنسبة أكبر على حساب قيمة صفقات القطاع التجاري، التي سجلت انخفاضاً سنوياً وصلت نسبته إلى 46.0 في المائة، لتستقر بنهاية الفترة عند مستوى 25.4 مليار ريال، مقارنةً بنحو 47.0 مليار ريال المسجلة بنهاية نفس الفترة من العام الماضي. فيما سجلت قيمة صفقات القطاع السكني انخفاضاً سنوياً بلغت بنسبة 30.5 في المائة، واستقرّت بنهاية الفترة عند مستوى 62.6 مليار ريال، مقارنةً بنحو 90.1 مليار ريال المسجلة بنهاية نفس الفترة من العام الماضي. كما أظهرت مقارنة أداء السوق العقارية المحلية خلال الثمانية أشهرٍ الأولى من العام الجاري مع نفس الفترة من عام الذروة العقارية 2014، وفقاً للمؤشرات العقارية الصادرة عن وزارة العدل، انخفاضاً قياسياً في إجمالي قيمة الصفقات العقارية وصلت نسبته إلى 70.6 في المائة، التي وصل إجمالي قيمة الصفقات العقارية خلال نفس الفترة من 2014 إلى نحو 299.4 مليار ريال، مسجلةً بذلك قيمة صفقات السوق العقارية المحلية بأدائها الراهن خسائر فادحة للعام الرابع على التوالي، وصلت إلى أعلى من 211.5 مليار ريال. وتشكّل إجمالي تلك الخسائر حسب فترات الثمانية أشهر الأولى من كل عامٍ من الأعوام الأربعة الماضية على النحو الآتي: خسارة بأكثر من 58.9 مليار ريال عن نفس الفترة من عام 2015 مقارنةً بالعام السابق له، وخسارة بنحو 47.4 مليار ريال عن نفس الفترة من عام 2016 مقارنةً بالعام السابق له، وخسارة بأكثر من 56.1 مليار ريال عن نفس الفترة من عام 2017 مقارنةً بالعام السابق له، وأخيراً خسارة بأكثر من 49.1 مليار ريال عن نفس الفترة من العام الجاري مقارنةً بالعام السابق له. تباطأ نمو القروض العقارية إلى أدنى معدل نمو في تاريخها أظهرتْ أحدث بيانات القروض العقارية (بنوك، مؤسسات تمويل)، الصادرة عن مؤسسة النقد العربي السعودي في نشرتها النقدية الأخيرة "يوليو 2018" تباطأ نموها الربع سنوي إلى أدنى معدلٍ له منذ بدأ تلك القروض، ووصل معدل نموها السنوي إلى 2.7 في المائة، مستقرةً عند مستوى 232 مليار ريال بنهاية منتصف العام الجاري، مقارنةً بنموها لنفس الفترة من العام الماضي بمعدل 13.0 في المائة. ويعزى تباطأ نمو القروض العقارية المصروفة من البنوك ومؤسسات التمويل إلى انخفاض نمو القروض العقارية المصروفة لصالح الشركات بنسبة سنوية بلغت -8.6 في المائة، منخفضةً من مستوى 99.0 مليار ريال بنهاية منتصف العام الماضي، إلى نحو 90.5 مليار ريال بنهاية منتصف العام الجاري، في المقابل ارتفع معدل نمو القروض العقارية للأفراد لنفس الفترة بمعدل 11.5 في المائة، لتستقر عند 141.6 مليار ريال بنهاية منتصف العام الجاري. ويتوقع مع بدء تطبيق المبادئ الجديدة للتمويل المسؤول أن تزداد الضغوط على نمو القروض العقارية، تحديداً في الجانب المتعلق بالأفراد، وأن يبدأ أثره في الظهور مع نهاية الربع الأخير من العام الجاري وما سيليه من فترات، الذي سيكون له الأثر الكبير على أداء السوق العقارية، ويكبح بمزيدٍ من الضغوط الأسعار المتضخمة للأصول العقارية، خاصةً أن تطبيق تلك المبادئ يأتي خلال الفترة الراهنة التي تشهد تواضع معدلات نمو القروض العقارية عند أدنى معدلاتها تاريخياً، ولعل مقارنةً الفترة الراهنة التي تشهد بدء تطبيق مبادئ التمويل الجديدة، مع بدء تطبيق أنظمة التمويل العقاري نهاية 2014، تظهر جزءاً كبيراً من الصورة المرتقبة لمستقبل هذا النوع من التمويل. وشهدت القروض العقارية من بعد نهاية 2014 انخفاضاً كبيراً في نموها السنوي، كان قد وصل إلى أعلى من 47 في المائة في تلك الفترة، سرعان ما انخفض خلال أقل من عامٍ إلى أدنى من 10 في المائة كمعدلٍ سنوي، ثم انخفض خلال العام الثاني إلى مستوياتٍ راوحت بين 5 إلى 6 في المائة، حتى وصلت خلال الفترة الراهنة إلى معدلات أدنى من 3 في المائة، وهو الأمر الذي يتفق مع التحوطات اللازمة من مؤسسة النقد والقطاع التمويلي تجاه الانخفاض الراهن في الأسعار المتضخمة للأصول العقارية باختلاف أنواعها، وتوقعات استمراره خلال الأعوام القادمة، كنتيجة للإصلاحات الراهنة التي يجري العمل الآن على تنفيذها على السوق العقارية، سيكون لتلك التحوطات من مؤسسة النقد الأثر الكبير في حماية القطاع التمويلي والمجتمع على حدٍّ سواء، من الآثار المرتقبة والمتوقعة لتصحيح الأسعار المتضخمة عقارياً. تحليل انخفاض قيمة الصفقات والأسعار يُعزى هذا الانخفاض القياسي في نشاط السوق العقارية المحلية، بالمقارنة مع أدائها طوال الأعوام الماضية منذ عام 2014، إلى عديدٍ من العوامل الاقتصادية والمالية العكسية، إضافةً إلى الآثار الإيجابية للإصلاحات الهيكلية التي نفذتها الدولة -أيدها الله- الهادفة إلى حل ومعالجة التشوهات الكامنة في السوق العقارية، التي يتقدم أولوياتها الحد من أشكال الاحتكار والمضاربة، والعمل المستمر على إيقاف سيطرتها السلبية على تعاملات السوق العقارية، بعد عقودٍ زمنية ماضية طويلة، لعبت خلالها دوراً كبيراً في الصعود القياسي بأسعار الأراضي والعقارات، ما أسهم بدرجةٍ كبيرةٍ جداً في تفاقم أزمة تملك المساكن. لتأتي الإصلاحات الهيكلية الأخيرة مستهدفةً بالدرجة الأولى القضاء على تلك التشوهات، والعودة من ثم بمستويات الأسعار المتضخمة إلى مستوياتها العادلة، التي تتوافق مع مستويات دخل المواطنين، الذي يفسّر بدوره الانخفاضات الكبيرة الراهنة في قيمة الصفقات العقارية طوال الأربعة أعوامٍ الماضية، نتيجة انحسار أشكال الاحتكار والمضاربة على الأراضي بالدرجة الأولى، وبدرجةٍ ثانية بدأ الانخفاض المتدرج في أسعار مختلف الأصول العقارية، الذي أصبح ملموساً من جميع أطراف السوق وكافة أفراد المجتمع. ورغم ذلك الانخفاض في مستويات الأسعار السوقية إلا أنها لا تزال متضخمةً جداً، وبعيدة عن قدرة أغلب المواطنين قياساً على مستوى دخلهم السنوي، وقياساً على قدرتهم الائتمانية، ما يشير بوضوحٍ إلى قوة احتمال استمرار انخفاض أسعار الأراضي والعقارات، يدعم تسارعه في المستقبل القريب بمشيئة الله تعالى، بدء تطبيق مبادئ التمويل المسؤول التي أقرّتها مؤسسة النقد العربي السعودي مؤخراً، بهدف حماية القطاع التمويلي والمجتمع، وتعمل على خفض دخل المقترضين الذي سيتم احتساب القروض بناءً عليه، بعد خصم المصروفات الثابتة عليهم. إضافةً إلى خفض نسب استقطاع أقساط السداد الشهرية لنسبة 55 في المائة بحدٍ أقصى من الدخل الشهري المتاح، وهو العامل الإيجابي الذي يُضاف إلى العوامل السابقة الضاغطة على الأسعار المتضخمة، التي أصبحت معلومة لدى الجميع (ارتفاع عروض بيع الأراضي والعقارات، ارتفاع أعداد الأراضي الخاضعة للتطوير والاستخدام، استمرار ارتفاع معدلات الفائدة، استمرار إخلاء الوافدين وأسرهم للمساكن المستأجرة، استمرار انخفاض تكلفة الإيجارات، التطبيق الفعلي لشهادة الاستدامة على المساكن. في جانبٍ آخر من مؤشرات أداء السوق العقارية المحلية، أنهت صناديق الاستثمار العقارية المتداولة (15 صندوق استثماري) أدائها خلال الأسبوع الماضي عند نفس مستوياتها للأسبوع السابق، وبقيت عند نفس نسبة خسائرها في المتوسط البالغة 15.0 في المائة، بالمقارنةً مع مستويات أسعار وحداتها المتداولة عند الطرح، وتجاوز صافي خسائرها الرأسمالية بنهاية الأسبوع سقف 1.9 مليار ريال، مقارنةً بقيمتها الرأسمالية عند الطرح.