بقلم أميرة سعد محسن الزهراني تزايد الحديث هذه الأيام عن حادثة الفتاة في سوق عكاظ، وتضاربت التعليقات ما بين غاضب وهازل وساخط ومندهش، وبعيداً عن أسباب ذلك التصرف وعن تعصب البعض وإلقاء اللوم على الآخرين، فلا تحتاج الحادثة للتشخيص بقدر ما تحتاج إلى وقفة صادقة مع النفس ونظرة فاحصة عن مستوى الانحدار الأخلاقي والقيمي الذي وصل إليه البعض من أبنائنا وخصوصاً تجاه ما يطرأ على المجتمع من تغيرات وتطورات حديثة وفجائية. وبالرغم من ذكاء أبنائنا والحداثة التي تحيط بهم إلا أنهم يبتعدون شيئاً فشيئاً عن الكثير من القيم والمبادئ الأخلاقية التي يدعو إليها ها ديننا الإسلامي دوماً، فالمتأمل في أخلاق وقيم طلاب مدارسنا قبل عشرين عاماً وأخلاق ومبادئ طلابنا اليوم سيدرك الفرق والتحول في تدني الأخلاق وضعف القيم. كلنا بالتأكيد يعلم عن دور الأسرة في هذا الجانب فهي المسؤولة الأولى عن تربية الأبناء، ولكن إن غاب هذا الدور أو نقص فلا بد أن تعوضه المدرسة فهي المسؤولة الثانية عن التربية، وهذا ما يدعونا لمحاسبة أنفسنا عن ضعف دور التعليم تجاه هذا الانحدار القيمي، فما الذي ننتظره من الشباب بعد غياب هذين الدورين؟ لم يفشل نظام تعليمنا في إكساب أبنائنا المعارف والمهارات اللازمة في هذا القرن فحسب، بل فشل أيضاً في إكسابه القيم والمبادئ اللازمة للنجاح في الحياة العصرية التي نحتاج إليه أكثر من أي وقت آخر، وقد يكون أحد أسباب ذلك تركيز المناهج على التلقين والترديد والجانب النظري أكثر من العملي حتى أصبح الطالب يردد ويحفظ تعاريف الصفات الحسنة دون تطبيقها في حياته، ولهذا حان الوقت لمناقشة هذا الجانب إذا كنا نريد تأهيل طلابنا تأهيلاً لا يقتصر على الجانب المعرفي؛ لأن هذا الجانب لن يُفعل على أرض الواقع إذا ما تم تغيب اكتساب الطلبة قيماً صحيحة حتى يتمكنوا من تسخير معارفهم في خدمتهم وفي خدمة ذويهم والوطن الذي ينتمون إليه. فإذا ما أردنا تقدماً ترفيهياً يجب علينا أن نرفقه بالتقدم الأخلاقي وإلا حدثت هزات ارتدادية في المجتمع أثرت على جميع مكوناته، ولا ننسى التجربة اليابانية التي عمقت تدريس الأخلاق في مدارسها بتقديمها مادة (الطريق إلى الأخلاق) واكتسبت احترامها ومكانتها بين شعوب العالم، ولهذا علينا إحياء القيم والأخلاق وإعطاء جرعات إضافية مكثفة لأبنائنا عن طريق المقررات الدراسية سواء كان ذلك في مقررات منفردة أو مدمجة والأهم هو الاهتمام بالجانب العملي فيها، فما زال التعليم هو الحقل المناسب لترسيخ الأخلاق في المجتمع لينهض على أسس قوية ودعائم ثابتة ونحصل بذلك على وطن متقدم في الترفيه وأيضاً في الأخلاق.