تحدث إمام وخطيب المسجد النَبَوِيّ فضيلة الشيخ الدكتور حسين بن عبدالعزيز آل الشيخ، فِي خطبة الْجُمُعَة، عن الأَخْلَاق الحسنة فهي عنوان سعادة العبد وفلاحه، وقال: "إن المؤمن مَا استجلب خيراً بمثل جميل الخصال ومحاسن الفعال، وَأكَّدَ فضيلته أن نصوص الوحيين متواترة على الدعوة إِلَى اتخاذ المسالك المثلى والمثل العليا. وبين فضيلته أن من الصفات العظيمة والمحاسن الجليلة لأفضل الخلق عليه الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مَا وصفه به ربه جل وعلا بقوله تعالى: (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ)، ويقول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إنما بُعثتُ لأُتَمِّمَ صالحَ الأَخْلَاق). ويقول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: دَاعِياً إِلَى التخلق بالخلق الحسن: (اتَّقِ اللَّهَ حَيْثُمَا كُنْتَ وأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحسنةَ تَمْحُهَا، وخَالقِ النَّاسَ بخُلُقٍ حَسَنٍ). وَأَشَارَ إِلَى أن صاحب الخلق الزكي ينال المرتبة العليا والمكانة الأسمى، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَى وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِساً يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحَاسِنَكُمْ أَخْلَاقاً)، وسُئل صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن أكثر مَا يدخل الناس الجنة فقال: (تَقْوَى اللَّهِ وَحُسْنُ الْخُلُقِ). وَأكَّدَ الدكتور آل الشيخ أن الخلق الحسن من أسْبَاب رضا الرحمن، وثِقل الميزان قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَا مِنْ شَيْءٍ أثْقَلُ فِي مِيزَانِ العبد المُؤْمِنِ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ حُسْنِ الخُلُقِ). وبين إمام وخطيب المسجد النَبَوِيّ أن حسن الخلق يشمل كل جميل من الأقوال والأفعال فهو كل مسلكٍ مُرضٍ شَرْعاً وطَبْعاً فِي التصرفات كلها، أو التعاملات جميعها. وأَوْضَحَ أن حسن الخلق هو الالتزام بالآداب الشَّرْعِيَّة الواردة فِي النصوص من أطايب الأقوال، وجميل الفعال، وحميد الخلال، وشريف الخصال، وكل تصرف يقوم به الإِنْسَان مِمَّا يكثر معه مصافوه، ويقل به معادوه، وتسهل به الأمور الصعاب وتلين له القلوب الغضاب، فمواقف صاحب الخلق الحسن فِي التعامل كلها حسن ورفق، وإحسان وتحل بالفضائل وسائر المكارم، مستدلاً بقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَا تَحْقِرَنَّ مِنَ الْمَعْرُوفِ شَيْئاً، وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ) رواه مسلم. وألمح فضيلته إِلَى أن بسط الوجه وطلاقته وبشاشته، وبذل المعروف وكف الأَذَى واحتمال مَا يكون من الآخرين من إساءة وزلل وكظم الغيظ، والبعد عن الفضول، وتجنب المعاتبة والمخاصمة واللجاج، كل ذلك من حسن الخلق الذي يعني أن يكون الإِنْسَان براً رحيماً، كريماً جواداً سمحاً، باذلاً سخياً لا بخيلاً، صبوراً شكوراً، رضياً حليماً، رفيقاً متواضعاً، عفيفياً شفيقاً رؤوفاً، هيناً ليناً فِي طباعه، سمحاً سَهْلاً فِي تعاملاته، قَالَ تعالى: (وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً) قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِمَنْ يَحْرُمُ عَلَى النَّارِ أَوْ بِمَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ النَّارُ عَلَى كُلِّ قَرِيبٍ هَيِّنٍ سَهْلٍ). وقال: "إن من حسن الخلق تهذيب الألفاظ، وحسن المعاشرة، ولطف المعشر، والبعد عن السفه ومجانبة مَا لا يليق ولا يجمل، ولا يسمع لصاحبه فِي المجالس عيبة، ولا تحفظ له زلة ولا سقطة، وأن من أفضل الأَخْلَاق وأجملها: الإيثار، وستر العيوب، وإبداء المعروف، والتبسم عند اللقاء، والإصغاء عند الحديث، والإفساح للآخرين فِي المجالس، ونشر السلام وإفشاؤه، ومصافحة الرجال عند الالتقاء، والمُكَافَأَة على الإحسان بأحسن منه، وإبرار قسم المسلم، والإعراض عما لا يعنيك، وعن جهل الجاهل بحلم وحكمة، وهكذا سائر التصرف الطيب الذي يجعل كبير المسلمين عندك أباً، وصغيرهم ابناً، وأوسطهم أخاً". وختم فضيلته خطبته حَاثّاً المسلمين على حسن الخلق، وأن الواجب المحتم على المؤمن ألا يتقرب إِلَى الله بشيء إلا مَا ورد فيه دليل من قُرْآن أو سُنّة، فمن يزعم من فضائل بتخصيص شهر رجب بعبادة ما، فلم يرد فِي ذلك شيء من الشرع كما نَصّ على ذلك المحققون.