كانوا يتهامسون ب(متى).. (متى)، وعلى مشارف هطول فرحتهم باقتراب موعد الاكتتاب، حضر السؤال الأهم (طيب.. ما الحكم الشرعي)؟ هذا السؤال الذي يأتي دائماً هو لجام المسلم قبولاً ورفضاً، إقداماً وإحجاماً، تنزهاً وتورعاً.. وكنت أنتظر وأتمنى المساهمة في هذا البنك العريق الذي لي فيه حساب إسلامي منذ سنين، وفوجئت مثل غيري كشريحة كبرى من أبناء الوطن أن فيه بعض المعاملات الربوية. وأنه لا يجوز الاكتتاب فيه؛ وعليه فلن أكتتب وذلك لأني أخاف الله (عز وجل) الذي قال في محكم كتابه العظيم: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله). المصرفية الإسلامية أساس في البنك الأهلي، وله فروع إسلامية، وهيئة شرعية مختصة؛ ولذلك تم كتابة هذا المقال، والطلب بإعادة النظر لطرحه ليتوافق مع الشريعة الإسلامية السمحة، وهنالك أسباب أخرى منها: 1/ أن تقوم الهيئة الشرعية للبنك الأهلي، وهم علماء أجلاء بتطهير هذا المكان من تلك التعاملات الربوية؛ لكي يستفيد منها كل مواطن، خاصة أن البنك في طريقه للتحول لمصرفية إسلامية.. 2/ الأمان الاقتصادي العالي للبنك الأهلي الذي يجعله وجهة مهمة في هذه الفترة الحرجة بين أسهم بأكثر من 22 مليار ريال ل 500 مليون سهم، منها 300 مليون سهم للأفراد، ومعدلات الربح المميزة (أكثر من ثمانية مليارات سنوياً) لكثير من الأفراد والشركات؛ مما يحتم على القائمين عليه رغبة الأغلبية بتخليصه من لوثة الربا؛ ليكون ملاذاً آمنا لهم – بعد الله – حيث إنها فرصة ثمينة، وأتمنى أن لا يُحرموا منها. 3/ يحتل البنك مكانة اقتصادية، من ناحية الأمان والكم، ومن كل الجهات فلم يحرم المواطن الذي يخاف الله ولا يتعامل بالربا منه في الاكتتاب وفي الاستثمار؛ ومن ثم لاحقاً في التداول، والبيع، والشراء، فهو فرصة قد لا تتكرر. 4/ قد يكون هناك نوايا لأسلمة البنك مستقبلاً، وهذا شيء محمود، لكن هذا بعد فوات الأوان، حيث إن الأغلبية ستُحرم من الاكتتاب ومكاسبه، والعزوف عنه وهو الذي كان منتظراً من سنوات. 4/ تعودنا من الدولة – حفظها الله – ومن سيدي خادم الحرمين الشريفين – أطال الله في عمره – ومن ولي عهده الأمين، ألا تطرح مشاريع ضخمة إلا بعد تسهيل طرقها؛ ليتمكن منها المواطن البسيط، وينتفع بها بدءاً من الاتصالات، وبنك البلاد، وموبايلي، وكيان، وبنك الإنماء، وغيرها، ولأن الربا سيكون حاجزاً أمام إقدام الأغلبية، فكلي أمل أن يعاد النظر في موعد الاكتتاب؛ لكي يتم أسلمته؛ ومن ثم يطرح مرة أخرى. 5/ مثل كل مرة يطرح اكتتاب لشركة ما، أو بنك، أو نزولها في السوق.. إلخ. يحصل موج هائج من الآراء المتضادة، هذا يجيز، وذاك يحرم، وأدرك أن اختلاف الآراء هو تيسير لكن الإشكالية هنا هي مصادر التلقي، وأحياناً شخصيات غير معروفة… وأتمنى من الرئاسة العامة للإفتاء أن يكون لها السبق في إصدار الفتاوى الاقتصادية، بدلاً من أن يلجأ المواطنون لبحث الفتوى من هنا وهناك والمصدر الرئيسي لها صامت، وحث الشركات لعرض أوراقها مسبقاً للرئاسة لإبداء الفتوى قبل طرح الشركة، وترغيبهم وحثهم على أن تكون إسلامية خوفاً من الله – سبحانه – ثم لإعطاء كل المواطنين فرصة للاكتتاب، علماً بأن الاقتصادية الإسلامية والتعامل فيها شرع الله – سبحانه – ثم إنها عالمياً الأنجح، كما اتضح بعد الأزمة الاقتصادية لعام 2008. وفي النهاية، نحن أملنا بالله، ثم بسيدي خادم الحرمين الشريفين، وولي عهده الأمين، بالأمر على من يلزم بتأخير طرح البنك لحين تحويله لبنك إسلامي بحت، مثل بنك الإنماء، وغيره ليستفيد جميع المواطنين، بلا استثناء، وأن يعمل في الحساب للشركات القادمة أن تكون متوافقة مع الشريعة الإسلامية؛ لكي لا يحرم شريحة كبرى من المجتمع من هذا البنك ومن باقي الشركات. ختاماً، يقول الله سبحانه: (يمحق الله الربا ويربي الصدقات) تأمل كلمة (يمحق)..