جاءت رؤية المملكة العربية السعودية 2030 لتعزز مسألة الحفاظ على الهوية الوطنية وإبرازها والتعريف بها، ونقلها إلى الأجيال، من خلال غرس المبادئ والقيم الوطنية، والعناية بالتنشئة الاجتماعية واللغة العربية، وإقامة المتاحف والفعاليات وتنظيم الأنشطة المعززة لهذا الجانب. وأكدت الرؤية على إحياء مواقع التراث الوطني والعربي والإسلامي والقديم وتسجيلها دوليًا، وتمكين الجميع من الوصول إليها بوصفها شاهدًا حيًا على إرثنا العريق، وعلى الدور الفاعل، والموقع البارز على خريطة الحضارة الإنسانية. ويحتفل العالم سنوياً يوم 18 مايو باليوم العالمي للمتاحف وفي عام (2018) جاء تحت شعار «المتاحف وفضاء الانترنت مقاربات جديدة جمهور جديد» وبما أننا نعيش في "العصر الرقمي" وعصر "مجتمع المعرفة" فنحن بحاجة إلى إعادة تشكيل خططنا بما يتوافق مع الرؤية والتوجهات الرقمية، وحق امتلاك المعرفة والخبرات للجميع، وهذا يضمن الوصول للجميع؛ فالتقنية دخلت كل بيت وكل مكان وبكل يد،وكوني ذات شغف بحبي للمتاحف وأقصدها كثيراً في رحلاتي وتنقلاتي آثرت أن أستعرض معكم في مقالي هذا عن "المتاحف الافتراضية". بداية من مفهوم المتحف فهو يخدم المجتمع ويعمل على تنميته، ومفتوح دائماً للجمهور،بوثق ماضيه وحاضره ويفتح للدارسين والمتأملين أبوابه، وله دور مهم في حياة الشعوب، فقد أصبح الابحار في "المتاحف الافتراضية" جزءاً من الثقافة الشخصية لشباب اليوم حتى أصبح شريحة كبيرة منهم يفضلون استخدام الانترنت عن المعلومات والمصادر الورقية لما تتضمنه من تأثيرات ووسائط متعددة ونصوص فائقة أسهمت في عرض المعلومات والصور والقطع المعروضة بطريقة جذابة وممتعة، فكيف بذوي الإعاقة والتي قد تمنعهم ظروفهم من الوصول الشامل للمتاحف؛ مما يقف عثرة كبيرة عنهم من الاستفادة من هذه الأماكن سواء بهدف السياحة والمتعة والتأمل أو الاطلاع والدراسة، فأصبحت الحاجة ملحة أكثر لفتح باب كبير للمتاحف الافتراضية و أن يكون لكل متحف نسخة افتراضية لتمكينهم من الجولات الافتراضية، كما طبق ذلك في متاحف المملكة العربية السعودية على سبيل المثال المتحف الوطني السعودي، والمعرض والمتحف الدولي للسيرة النبوية والحضارة الإسلامية وغيرها.... وكثيراً من الدول بدأت بالتحول الى "المتاحف الافتراضية" كألمانيا ، وبريطانيا، وأمريكا مثلاً بدأوا في تقديم عروضهم على شبكة الانترنت ووجدوا إقبالاً كبيراً عليها ، فالزائر الافتراضي في ظل التكنولوجيا أصبح يتنقل في داخل أعماق قطعة ما ، لا يمكنه القيام به في المتاحف الحقيقية، وبالتالي بات الشيء المستحيل ممكناً ،كما أن التكنولوجيا أتاحت لنا تصميم متاحف افتراضية من الخيال ، وابتكار عالم آخر من الخيال. أثبتت التجارب أن "الجولات الافتراضية" أصبح لها عالمها من المهتمين بها؛ لأنها مكنت من الزيارة بطريقة مختلفة ودون عناء أو مشقة ، في ظل تزايد أعداد المتاحف حول العالم وتباعد المسافات. وبما أن المتحف يقصد به "خدمة جميع الأفراد" فهنا لا بد أن نؤكد على أهميته أيضاً مع الأشخاص ذوي الاعاقة ، وقد أكدت الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة والتي كانت المملكة العربية السعودية من أوائل الدول التي وقعت عليها عام 2006، وصادقت على البروتوكول الاختياري عام 2008م في المادة الثلاثون بأهمية المشاركة في الحياة الثقافية وأنشطة الترفيه والتسلية والرياضة، وحق الأشخاص ذوي الإعاقة في المشاركة في الحياة الثقافية على قدم المساواة مع الآخرين ، من خلال التمتع بدخول الأماكن المخصصة للعروض أو الخدمات الثقافية، من قبيل المسارح والمتاحف ودور السينما والمكتبات وخدمات السياحة.... ويتيح "المتحف الافتراضي" لجمهوره خيارات عديدة يمكنهم بذلك من تحديد وجهة الزيارة، وموضوعها ،وتحديد اللغة المرغوبة أيضاً، ويستطيع "الزائر الافتراضي" التعمق في كافة المعلومات التي يريد الوصول إليها؛ إذا ما توفرت له جميع معايير الوصول الشامل في المحتوى الرقمي. ويَشهد القرن الحالي ثورةً في التّكنولوجيا، وسرعة في تطوّر التقنيّات الرقمية إذ أصبحت تُسيطر بشكل كبيرٍ على الحياة اليوميّة، ولم يعد إنشاء وبناء متاحف جديدة وضخمة ذات جدوى مقارنة بالتحول نحو المتاحف الافتراضية، وفي ظل هذا التوجه يتحتم علينا مراعاة حق الوصول للأشخاص ذوي الاعاقة لها، وفيما يلي نسلط الضوء على أهم المبادئ التوجيهية الدولية في المتاحف للأشخاص ذوي الإعاقة وهي: (1) من حيث السياسات العامة: فمن حق الأشخاص ذوي الاعاقة أن تتوافر لهم الفرص للاستفادة من المتاحف وخدماتها وهو حق يكفلهم له النظام (التعليم , الترفيه...) وسياسة عدم التمييز (بحيث تلتزم الجهة بمنح الأشخاص ذوي الاعاقة المشاركة الكاملة في خدماتها وبرامجها وأنشطتها )، وتكافؤ الفرص ، وتحقيق المساواة. (2) أما من حيث الوصول الشامل: والتي تكمن فلسفتها في "التصميم الشامل" UD بمعنى (التصميم بلا عوائق) ليقوم باستيعاب تنوع كافة الخصائص الانسانية ، والوصول لكل من (البيئة، المرافق والخدمات، الثقافة المقدمة والمعروضات المتحفية...). وختاماً يجب أن لاننس حق الأشخاص ذوي الاعاقة في الوصول الشامل إلى المتاحف الافتراضية والاطلاع على كافة المصادر والثقافات المتنوعة في عصر العولمة والتطور الرقمي. د. أروى علي أخضر أكاديمية متخصصة في التربية الخاصة