بقلم | حنان القحطاني لا أدري من أين ابدأ وكيف اختم حديثي هذا، ذلك الداء الذي تسلط على أبي وسرق منه ضحكته وحديثه وقصصه التي كان يغذي عقلي بها واجد سعادتي في سماعي لها وإن كانت اكبر من سني بكثير ، فجأه استحل جسد ابي من غير سابق انذار. لاشك اني كنت اسمع بذلك الداء لكني لم استصيغه ولم استوعبه الا حينما رأيت احب الناس إلى قلبي مُصاب به، هذا الداء ليس مجرد نسيان بل اكبر بكثير، اصبحت اليوم انتظر واتشفق على أن أرى ضحكته واسمع حديثه وأسمع دعواته التي كان لايمر يوماً إلا ويكون لي نصيباً منها ، لازلت اسمعها ولكن ليس مثل السابق. لاشك ان كل الأمراض علاجها الدواء إلا الزهايمر علاجه الحُب والوفاء والاحتواء، عدد الساعات التي قضاها أبي في انتظاري أمام المدرسه والجامعة، داعماً ومشجعاً مراعياً وداعياً، وقوفك بجوار باب الطبيب وبائع الحلوى والسوق وطريق الذهاب والعوده.. شتاءً وصيفاً لو كان بقدرتي لأعدتُ لكَ هذا العمر الذي قصصتهُ من عمرك، في كل ليلة حين تذهب إلى نومك اتجرّع مرارة الألم عليك حسرة وخوف ،وتنتهي تلك الليله بالبكاء ، وكلي يقين ان بكائي لا يجدي بنتيجه، لكن ربما يكون لي المتنفس الوحيد. أبي؛ وإن سرق هذا المرض ضحكتك أعدك أنّي سأُعيدها لك بكل الطرق ، سأبحث عمّا كنت تُحبه وأسعدك به. أبي؛ افتقد حديثك دعواتك ضحكتك وافتقد غناءك اشتهي أن أسمع توبيخك لي وزعلك ،اشتهي أن أعود إليك لأطلب منك السماح فتطيب نفسي بابتسامتك ورضاك وأقبّل رأسك وينتهي الزعل. أوليس القلب أحقّ بالزهايمر من العقل؟! ارهقني يا أبي التفكير بك وفي تطورات ذلك الداء، وأخشى كثيراً ان يأتي ذلك اليوم الذي تسألني فيه من أنتي ؟! لازلت يا أبي أرى هيبتك وقوامتك لكني اخشى ان يأتي يوماً افتقد فيه روحي بسبب فقدك لملامح نفسك، لقد كبرت يا أبي وأصبحت لا أخاف مِنك بل أخافُ عليك ف أعيذكِ بالله من رعشةِ حُزن تُصيب قلبك و من اوجاع الدُنيا وأقدارها رفقاً ب أبٍ كان السند والمتكئ والآن يريد من يكون له المتكئ، كطفل هارباً إلى حضن امّه وكأنه يعلم انه مصدر امانٍ له، اعدك يا أبي أن اسخر عمري ووقتي لأجل نظرة رضا منك، وضحكةٍ أرسمها على قلبك قبل شفاتك.. واعدك يا أبي أن اتفقّدك كما تتفقد الأم طفلها ..