انتشرت في الآونة الأخيرة عبر منصات مواقع التواصل الإجتماعي مقاطع لحالات العنف الأسري الذي يقع على الأطفال بشكل خاص من قبل مختلف أفراد اسرهم وكان أخرها مقطع الرضيعتين اللاتي تعرضن للتعنيف والتعذيب من قبل والدتهن التي لم تتردد في توثيق فعلها الشنيع لطفلتيها وسط تفاعل كبير من المجتمع ووحدة الحماية بجدة . تواصلت الرأي مع كلا من الأستاذ صالح الغامدي المدير التنفيذي للجمعية الوطنية لحقوق الانسان بجدة , والمستشار النفسي الدكتور نواف الحارثي المشرف العام على مستشفى الأمل للصحة النفسية بجدة للحديث حول تفشي ظاهرة العنف على مواقع التواصل الإجتماعي التي تجاوزت التعنيف اللفظي لتصل لحد التعذيب الجسدي الخطر والذي يبقى أثره في نفس وذاكرة المُعنّف للأبد. في بداية الحديث مع الأستاذ “صالح الغامدي” عن دور الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان عند استقبال حالات التعنيف وضح أن دور الجمعية متابعة الحالات حتى يستقر حالهم ومتابعة الإدارات ذات العلاقة لتقديم أفضل الخدمات لهم. وأما عن دور المجتمع تجاه هذه المقاطع المنتشرة على نطاق مواقع التواصل الاجتماعي فذكر أن للمجتمع دور كبير في إيصال صوت المُعنّف للجهات المختصة. ويرى “الغامدي” أن بتواصل العامة وتفاعلهم ونشرهم للخبر فهم يعرضوا المُعنِف لأكبر تأديب حيث يكون أمره قد فُضح خاصتاً أن البعض يتظاهر بالطيبة وكرم الأخلاق أمام العامة بينما يكون لأفراد اُسرته ألد الأعداء. وحدة الحماية وصرح الأستاذ “صالح ” أن وحدة الحماية ينقصها العناصر الفعالة والتي يجب أن تهتم في التعامل مع البلاغات والحرص على العمل ومراقبة الله فقد وفرت لهم الدولة كل ما يتطلب للحماية، ونزل نظام الحماية متكاملاً لكن للأسف . وقال من وجهة نظري لم يعمل بالنظام كما يجب وهناك تقصير في التنفيذ مما أفقد الحماية هيبتها. وفيما يخص الجانب التوعوي بالقضية وضح “الغامدي” أنه لا يزال هناك نقص في توعية المجتمع حول هذه القضية وكيفية التعاطي معها.
مصير الطفل وحول مصير الطفل المُعنّف الذي لا يجد من يتولى رعايته بعد فصله عن مُعنِفه كما في قضية الرضيعتين اللاتي يتواجد والدهن خارج المملكة، أكد الأستاذ “صالح” نحن في بلد الخير وأهل الخير فأي طفل يُعنف يجد قلوب رحيمه تتولاه بعد الله، وكم تقدم لحضانة الأطفال من أهل الخير، كما أن الدولة وفرت كل ما يتطلب لهم. مصرحاً أن وضع الرضيعتين قد لاقى الاهتمام اللازم وهن الأن مستقرات في مستشفى الأطفال بالمساعدية بجدة والإجراءات قاربت لتسليمهم لأسره بديله.
توثيق العنف وبسؤاله عن الدافع الذي قد يجعل المُعنف يوثق عملية تعنيفه دون خوف من سقوطه في ايدي الجهات المختصة ومحاسبته وضح أنه عندما يصل المُعنِف لضرب طفل دون رحمه فيكون بسبب وقوعه في أحد الحالات إما المرض أو الإنتقام وهنا لا يهمه التصوير بل يتمتع لأنه قد يكون وصل لحد اللامبالاة بالنتائج أبد. وأكد المستشار “نواف الحارثي” على كلام “الغامدي ” بقوله أن المُعنِف غالبا يكون فاقد للمشاعر بوقوعه بغضب شديد أو ألم شديد ، أو تكون محاولة للإساءة للأخرين سواء للزوج او الزوجة أو محاولة للتأثير على بعضهم وعلى الرغم أنه يكون على علم ان هذا التصوير سوف يُنتشر ولكنه لا يلغي أنه فاقد القدرة على السيطرة على نفسه. د.نواف الحارثي
إنتشار العنف ذكر الدكتور “نواف” أن العنف من الاباء والامهات تجاه أبنائهم موجود ومنتشر وبدرجات متفاوتة والمقاطع المنتشرة لا تمثل واحد بالمئة من الحقيقة فالانتشار اكبر من ذلك بكثير ,موضحاً أن الدليل الحالات التي تصل للمستشفيات النفسية سواء بمرحلة الطفولة او بعد ذلك في مرحلة المراهقة . وأشار إلى أن العنف في مرحلة الطفولة والمراهقة يؤثر على طبيعة الانسان وسلوكه وافكاره خلال المراهقة والنضج.
أسباب العنف وعن الأسباب التي أدت لوقوع العنف أرجع “الحارثي” إلى أنه في الغالب العنف ينتج عن عدم استقرار نفسي وعاطفي لدى المعنف أي اننا نتحدث عن عدم الاتزان في المشاعر او السلوك او الأفكار او في الغالب لعدم تحمل المُعنِف للضغوط , اوقد يكون مُعنَف سابق او يتعرض لضغوط نفسية واجتماعية و اسرية. ولفت الى ان هذه الحالات تكثر في المجتمعات التي يقل فيها التعليم او لديهم ظروف اقتصادية غير جيدة او مشاكل نفسية او ادمان او قد تكون عائلة الاضطرابات النفسية بها منتشرة , موضحاً أن لعنف في أغلب الأوقات يصدر عن شخص غير مستقر نفسيا وعاطفيا مؤكدا أن ذلك لا يعني فقدانه للأهلية فهو ليس مريض عقلي انما قدرة الاستقرار النفسي والعاطفي لديه غير موجودة .
الإجراءات المتخذة ووضح الدكتور “نواف” أن ممارسة العنف تختلف من تعنيف بسيط لتعنيف شديد واحيانا يؤدي لإصابات، ويتضح ذلك من خلال الزيارات لمستشفيات الأطفال فقد تصل حالة طفل يعاني من اثار الكي بجسده او احمرار وانتفاخ او رضوض فيتضح انه متعرض للعنف ,وتكون هناك محاولات من أولياء الأمور لتبرير ذلك بان الطفل قد سقط او أي امر اخر ولكن في الغالب يُشك في الامر ويتم تتبع الحالة لمعرفة هل هو عنف حقيقي او كما ذكر ذويه. وأفاد أنه يفترض أن يتواجد في كل مستشفى لجنة للحماية من العنف و الاذاء تقوم بتسجل الحالات ورفعها للشؤون الاجتماعية بخطاب سري وتقوم الشؤون بدورها بمتابعة الحالة والتواصل مع الوالدين ومراجعة الوضع بشكل مستمر .
الأثر الواقع على الطفل والعلاج وعن الأثر الواقع على الطفل المعنف بين “الحارثي” أن الطفل غالبا لن يكون مستقر مستقبلا نفسيا وعاطفيا وقد يتعرض للاكتئاب وللقلق وللصدمات النفسية واحيانا تكون صدمات طويلة المفعول وقد تكون مستمرة بشكل دائم. وأضاف لدينا عنف لفظي وجسدي وجنسي واهمال , فالإهمال عنصر من عناصر الايذاء فإهمال الطفل قد يعرضه للاحتراق أو الكسر وكذلك تركه بأماكن غير امنه فأيضا ذلك يبلغ عنه كعنف. وأشار إلى أن الغالب بعد اكتشاف هذه الحالات يخضع الأطفال لعلاج نفسي وتقييم ويتم مراجعة مستوى العنف الذي تعرضوا له , وفي الغالب ما تعرضوا له في طفولتهم لا يمكن الغاءه أثاره بالكامل, وانما يتم تخفيف هذه الاثار ولكنها تبقى في النفس ولكن نحاول عبر الجلسات التخفيف منها وكل ما كان العلاج مبكر و منظم خف الأثر الواقع عليه.
التوعية أكد “الحارثي” أن نشر مفهوم التوعية بالعنف بأثاره ومشاكله ونشر ثقافته واعداد المرافق الصحية والجهات الأمنية له أهمية في الحد من هذه الحالات. وأضاف أن الثقافة العامة بتوعية المجتمع بأهمية توجه من لديه مشاكل عنف كالآباء والامهات لمختصين نفسيين ليتعرفوا على طرق التحكم والتعامل مع الضغوط النفسية. ووضح أن العنف غالبا يكون متسلسل بين اجيال من الاب للابن وابن الابن وقد يكون العنف منتشر بين الذكور والاناث وغالبا يكون منتشر بعوائل ومجتمعات معينة تحت ظروف معينة , كالمجتمعات التي لديها الفقر والجهل والبطالة والادمان هذه من المجتمعات التي يجب التركيز عليها وماهي الا محاولات لإيقاف كرة الثلج للعنف التي تبدا صغيرة وتزداد مع الوقت.