الإصلاح الإداري نظام كامل يشمل بناء وتطوير الأنظمة والأساليب والوسائل كما يشمل بناء وتطوير الكوادر التي تستخدم هذه الأساليب والوسائل بحيث تكون متقبلة للتغيير وقادرة على المبادرة والابتكار والتجربة، وبرنامج التحول الوطني 2020 والذي يمثل خطوة مهمة لتحقيق رؤية المملكة العربية السعودية الشاملة 2030 هو مشروع مهم من مشاريع الإصلاح الإداري والذي يمثل أسلوباً مختلفاً وطريقة جديدة في التفكير بل وفي التخطيط وطريقة العمل، هذا البرنامج يسعى إلى اصلاحات وتعديلات جذرية ويهدف إلى تبني سياسة التحول في طريقة أداء الأجهزة الحكومية وفي البرامج والخطط الاقتصادية والتنموية وتفعيل منظومة الإصلاح الإداري الشامل ليشمل الأجهزة الحكومية وتطوير الموارد البشرية وقياس أداء الأجهزة العامة والتنسيق مع الجهات ذات العلاقة في القطاعين العام والخاص كما يعمل البرنامج على تمهيد الطريق للوصول لرؤية المملكة 2030. وإذا استعرضنا ضخامة هذا البرنامج والأهداف التي يسعى إلى تحقيقها بتطبيق هذه المعايير الجديدة لوجدنا فيه الكثير من الآمال والطموحات التي تتطلع الدولة إلى تحقيقها والأرقام تقول الكثير فمن المستهدف طرح 543 مبادرة بميزانية 268 مليار ريال كما يسعى البرنامج إلى توفير أكثر من 450 ألف فرصة عمل في القطاع الخاص كما يهدف إلى تقليص نسبة الأجور الحكومية من 45% إلى 40% من الموزانة العامة للدولة وزيادة الإيرادات غير النفطية من 163.5 إلى 53 مليار ريال وزيادة الأصول الحكومية بنسبة 67%، كما تهدف إلى رفع قيمة الصادرات غير النفطية من 185 مليار إلى 330 مليار وخفض معدل البطالة للسعوديين من 11.6% إلى 9% ورفع نسبة العنصر النسائي في سوق العمل من 23% إلى 28%، هذا البرنامج جاء في وقته ليعالج ترهلات الأنظمة والأجهزة الادارية بالدولة حيث أصبح تطوير الكثير منها أمراً حتمياً. ان أنظمة الخدمة المدنية والترقيات والمكافآت والتعيين والفصل من الخدمة والهياكل التنظيمية وغيرها من الأنظمة إذا لم تشهد التطور الفعّال الذي يواكب التطور العالمي بحيث تكون هذه الأنظمة مبنية فعلياً على الكفاءة والقدرة على الإدارة والقيادة فلن نستطيع أن نبني مؤسسات قوية وفعّالة تتوافق والنهضة العمرانية والعلمية والصناعية وهذا التغيير هو أساس للوصول إلى تنفيذ برنامج التحول 2020 ومن ثم الوصول لتحقيق الرؤية الشاملة 2030. ان هذا البرنامج يجعل أجهزتنا الادارية الحكومية متطورة وتواكب المعايير العالمية في أنظمة الإدارة والتي لا تتوانى عن تحديث وتطوير أنظمتها التنفيذية سواء ما يتعلق بالمنهجية الادارية أو ما يتعلق بالآليات والاجراءات العملية، هذه الخطة تستند على دعم لا محدود من القيادة الرشيدة وتتوفر لها ما تحتاجه من الكوادر المؤهلة القادرة بإذن الله على التطوير الشامل ما يضمن إنتاجية أفضل وجودة عالية وامتلاك الاستجابة لاستغلال الفرص ومواجهة التحديات فتصبح نُظمنا الإدارية نُظماً مؤسساتية تنبع أسسها من ثقافة المسؤولية الوطنية التي في غيابها تنقلب المؤسسة إلى أنظمة مزاجية وارتجالية تضاعف المشكلة وتزيد من التعقيدات. ان المعطيات والاحتياجات والتغيرات والتحديات تفرض علينا إزالة كل الاجراءات الروتينية المنفرة والثقافة الادارية السلبية لتكون أولوياتنا توليد أنظمة واجراءات ادارية حديثة تواكب التطور وتساعد على الابداع والبناء، ولابد ألا نتوانى عن السعي لإنشاء أنظمة وأجهزة خالية من التعقيدات والاجراءات البيروقراطية غير المبررة لأجل حل مشاكلنا الكبرى في وطننا الكبير. إن الوطن والمواطن يتطلعان إلى تحقيق الأمل بإنجاز هذا البرنامج الوطني العملاق والذي سيكون بلاشك انطلاقة كبرى لبلادنا لتصبح منارة من منارات التطور والإزدهار على مستوى العالم. د. محمد مسعود القحطاني كاتب وباحث في مجال الإدارة