حملت عشيرة الطيار الأردني معاذ الكساسبة المحتجز لدى تنظيم الدولة الإسلامية النظام الأردني مسؤولية الحفاظ على حياته بعد ساعات من تهديد التنظيم بقتله. وهاجمت قيادات من العشيرة مؤسسات سيادية في البلاد مثل القصر الملكي وجهاز المخابرات العامة، ووجهت لها اتهامات بالتباطؤ في السعي للإفراج عن معاذ. وكان تنظيم الدولة بث الثلاثاء تسجيلا صوتيا هدد فيه بقتل معاذ الكساسبة ورهينة ياباني إذا لم يتم إطلاق سراح ساجدة الريشاوي، وهي عراقية مسجونة في الأردن ومتهمة بتنفيذ تفجيرات في عمان عام 2005. احتجاج العشيرة وهرع مئات من أبناء العشيرة -التي تقطن محافظة الكرك جنوبي البلاد- في وقت متأخر من الليلة الماضية إلى العاصمة عمان وأغلقوا الدوار المؤدي إلى مقر رئاسة الحكومة، وقالوا إنهم لن يغادروا قبل إطلاق الطيار المحتجز. وقال متحدثون باسم العشيرة للجزيرة نت إن قوات الشرطة والدرك منعت في وقت لاحق وصول أعداد غفيرة من أبناء الكرك إلى العاصمة للانضمام إلى المحتجين. وأطلق المحتجون هتافات غاضبة ضد المؤسسات السياسية والأمنية، وحملوا صور ولدهم الأسير. وكان لافتا حرص رجال الأمن على عدم الاحتكاك بهم، والاكتفاء بمراقبة الاحتجاج من مسافة بعيدة. وقال مصدر من عائلة الكساسبة للجزيرة نت إن مدير المخابرات العامة اللواء فيصل الشوبكي اتصل بعم معاذ، وألمح إلى أن الدولة لا تستطيع الإفراج عن الريشاوي دون ضمانات تكفل حياة طيارها. لكن المصدر أكد أن المسؤول الأمني الكبير أبلغه أن الجهود الرسمية متواصلة لتأمين حياة الطيار معاذ، دون إعطاء تفاصيل. وطالب صافي الكساسبة -والد الطيار الأسير والذي كان موجودا في ساحة الاعتصام مع زوجته- النظام الأردني بالعمل على إطلاق ولده فورا. وقال في تصريحات للجزيرة نت موجها حديثه إلى ملك الأردن عبد الله الثاني "أنتم أرسلتم ولدي إلى سوريا وعليكم إعادته". وأضاف "لم أتلق أي اتصالات من أي مسؤول.. لا أحد يعرف إلى أين تسير الأمور.. الكرك تغلي والجنوب يغلي والأردن كله يغلي، وعلى الحكومة أن تسحب فتيل الأزمة قبل فوات الأوان". مناشدة للسلطات وفي السياق ذاته، طالبت عشيرة الكساسبة في بيان النظام الأردني بالإفراج الفوري عن جميع عناصر تنظيم الدولة الإسلامية المحتجزين لديه والانسحاب من التحالف الدولي الذي يشن غارات على مواقع التنظيم في سوريا والعراق، محملة الحكومة مسؤولية حماية الطيار الأسير. وطالب البيان -الذي توافق عليه أبناء عشائر "البرارشة" التي ينتمي إليها الكساسبة- بأن يكون على رأس المفرج عنهم ساجدة الريشاوي. بالمقابل، طالبت العشائر في بيانها تنظيم الدولة الإسلامية بالإفراج عن ابنها الطيار "إكراما لله ورسوله وإكراما للشعب الأردني"، على حد تعبير البيان. وتعيش عمان منذ إعلان تنظيم الدولة مهلته على وقع حالة من الترقب المشوب بالحذر، لا سيما مع دخول قضية الكساسبة منعطفا في غاية الخطورة. وكانت القوات المسلحة الأردنية أصدرت بيانا قالت فيه إنها "فتحت تحقيقا للتأكد من صحة التسجيل الصوتي المنسوب إلى داعش"، في إشارة إلى تنظيم الدولة. وقال البيان إن الأجهزة المختصة "تتابع وبشكل حثيث ما نسب لداعش في التسجيل بأنه يطالب بإطلاق سراح ساجدة الريشاوي مقابل الإفراج عن الأسير الياباني، دون ذكر للطيار الأردني معاذ الكساسبة، رغم أنهم يهددون بقتل الرهينتين معا". ورفض رئيس الوزراء عبد الله النسور الرد على أسئلة الصحفيين حول الشريط المنسوب لتنظيم الدولة. واكتفى بالقول إن "التعليق غير مفيد في الوقت الحالي". موقف دقيق ويقول مراقبون إن الأردن في موقف لا يحسد عليه لاعتبارات كثيرة، أهمها أن تنظيم الدولة لم يكفل إطلاق سراح الطيار، ولم يعط ضمانات صريحة لإبقائه حيا، حتى لو تم إطلاق سراح الريشاوي. ويرى هؤلاء أن الأردن يضع إطلاق سراح الكساسبة شرطا قبل الدخول في أي عملية تفاوضية. وكانت مصادر سياسية مقربة من القصر الأردني قالت للجزيرة نت إن كبار مسؤولي الحكم دخلوا الثلاثاء في اجتماعات طارئة لبحث المهلة التي وضعها تنظيم الدولة وكيفية التعامل معها. وقال أحد المصادر إن مؤسستي القصر والمخابرات ستتعاملان مع المهلة بجدية تامة، وستعملان على استغلال كل دقيقة وكل ثانية من الموعد المحدد للحفاظ على حياة الكساسبة. وقال مصدر آخر إن السلطات الأردنية ستفتح قنوات اتصال مباشرة وغير مباشرة مع تنظيم الدولة، وستبذل قصارى جهدها لتمديد المهلة، وستضع حياة الكساسبة أولوية قصوى.