اغتنم الفرنسي ذو الأصول الجزائري "لودفيك محمد زاهد" مناسبة صدور كتابه "القرآن والجنس"، في باريس لكي يروي قصة زواجه مع مسلم آخر تعرف عليه في جنوب إفريقيا. واستذكر لودفيك معاناته والمشاكل التي كان يواجهها مع عائلته والمجتمع العربي والإسلامي. إنها قصة حب ليست ككل القصص. بدأت في جنوب إفريقيا ونضجت في ضواحي باريس. رجلان مسلمان عقدا قرانهما بحضور إمام من جزر الموريس بارك زواجهما. إنها قصة "لودفيك محمد زاهد" وزوجه قيام الدين. الأول فرنسي من أصول جزائرية والثاني جنوب إفريقي. التقى الرجلان في 2011م بجنوب إفريقيا خلال مؤتمر حول مرض الإيدز ومنذ ذلك الحين لم يفترقا، بحسب "فرانس 24". ويسترجع محمد زاهد لحظة تعرفه على عشيقه الجديد قيام الدين، قائلًا "لقد كنت في قاعة المحاضرات حين عرفني إمام من جنوب إفريقيا وهو مثلي الجنس على قيام الدين. فتحدثنا كثيرًا وتبادلنا الآراء حول نظرتنا للحياة. وكان الإعجاب متبادلًا. وبدل أن أعود إلى فرنسا بعد نهاية المؤتمر، بقيت هناك شهرين وقررنا أن نتزوج؛ حيث قوانين البلد تسمح لمثليي الجنس القيام بهذه الخطوة وتعطي لهم الحق حتى في تبني الأطفال. وبعد انتهاء حفل الزفاف الذي نظمته عائلة قيام الدين، قرر الزوجان العودة إلى فرنسا والاستقرار في ضاحية باريس. على أمل أن تعترف الإدارة الفرنسية بشرعية هذا الزواج، لكن طلب لودفيك زاهد قوبل بالرفض ورفضت السلطات تسجيل زواجهما. ويعول لودفيك كثيرًا على مرشح الحزب الاشتراكي، في حال أصبح رئيسًا جديدًا لفرنسا في السادس من شهر مايو/أيار المقبل، لتسوية أوضاعه. وفي انتظار التسوية القانونية، قرر لودفيك تنظيم حفل زواج ثانٍ بفرنسا بحضور عائلته وإمام من جزر الموريس قرأ الفاتحة وبارك العلاقة من الناحية الدينية. نظم الزواج في 12 فبراير/شباط 2012م في منزل متواضع ببلدية "سفرون" القريبة من باريس بحضور والده ووالدته وعدد من الأصدقاء المقربين، وكانت الأجواء -حسب لودفيك- حميمة وجميلة، طغت عليها الموسيقى والرقص والغناء. وأضاف لودفيك "للأسف لا أستطيع أن أغير نفسي. لقد شعرت بأنني مثلي الجنس منذ صغري. لقد أحببت وعشقت الإمام الذي علمني القرآن في الجزائر في 1995م، وعلى الرغم من كل التهديدات العائلية والضغوطات الاجتماعية سواء في فرنسا أم في الجزائر، لم أتغير أبدًّا". ولم تكن حياة لودفيك سهلة، بل ميزتها المخاطر والمصائب. الخطر الأول هو عندما أصيب بمرض الإيدز وعمره لا يتجاوز 19 عامًا. وما عقد أموره أكثر العلاقة السيئة التي كانت تربطه طوال سنوات بعائلته بسبب ميوله الجنسية المثلية. ويقول لودفيك "عائلتي كانت قاسية جدًّا معي في البداية. كنت أتعرض إلى الضرب المبرح من قبل أخي الكبير الذي قاطعني ورفض التحدث معي لسنوات عديدة، أما أمي فقد كانت تبكي كل يوم من شدة اليأس والخجل". ويضيف: "لقد التجأت إلى الصلاة والعبادة لأقاوم الوضع. وأصبحت متدينًا وأديت العمرة ثم الحج مرتين، سعيًّا إلى حياة بسيطة وعادية. اليوم أشعر بأنني شخص مرتاح على الرغم من التهديدات التي تصلني عبر الهاتف والرسائل الإلكترونية ومعاناتي نظرة المسلمين والعرب السيئة". وبالنسبة لمستقبله، يقول لودفيك إن الأولوية المطلقة اليوم هي حل الوضع الإداري والقانوني لزوجه قيام الدين لكي يتسنى له البقاء والعمل في فرنسا، إضافة إلى استكمال الدراسة لنيل شهادة الدكتوراه حول الإسلام والمثلية الجنسية. سبق للودفيك وأن نشر كتابين الأول حول مرض الإيدز والثاني حول القرآن والجنس، فيما يدير منظمة تهتم بقضايا الإسلام والمثلية الجنسية. ولا ينوي الزوجان السفر إلى بلد عربي أو إسلامي خوفًا من التهديدات والمعاملة السيئة. ولا يفكر لودفيك زاهد وقيام الدين في تبني الأطفال، بل بتطوير علاقتهما الزوجية والعيش في هناء بعيدًا عن التهديدات الاجتماعية والحسابات الدينية والسياسية. من جانبه، أكد جلول محمد الصديقي -مدير معهد الغزالي في مسجد باريس الكبير- أن هذا الزواج غير شرعي. وأضاف الصديقي في اتصال مع "فرانس 24": "الزواج لا يمكن أن يكون إلا بين الذكر والأنثى وبالنسبة للدين الإسلامي فهذا انحراف". وتابع كل الديانات السماوية تحرم مثل هذا النوع من الزواج، مشيرًا إلى أن سورتي الحجرات والروم تؤكدان أن الزواج لا يمكن أن يكون إلا بين الرجل والمرآة. وانتقد الصديقي الإمام الذي زكى زواج لودفيك وقيام الدين ووصف عمله هذا بالجريمة، "إنه ليس إمام لأن الإمامة لها شروط".