أكدت حركة «حماس» ما نشرته «الحياة» قبل أيام من أن رئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل لن يترشح لزعامة الحركة، موضحة ان مشعل «أبلغ مجلس شورى الحركة في اجتماعه الأخير برغبته في ألا يكون مرشحاً لرئاسة الحركة في الدورة التنظيمية المقبلة، مع تأكيده مواصلة دوره في خدمة شعبه وقضيته وحركته وقضايا الأمة». وأفادت «حماس» في بيان مقتضب أمس ان «الإخوة قيادات الحركة ورموزها تمنوا على الأخ المجاهد خالد مشعل العدول عن ذلك، وتُرك الموضوع لمجلس الشورى وتقديره للمصلحة العليا، مع الاحترام والتقدير لرغبته، معتبرين ذلك شأناً عاماً تقرر فيه مؤسسات الحركة وليس شأناً شخصياً خالصاً». وقالت مصادر في الحركة: «وفقاً لنظام الحركة الداخلي، فإن أي عضو في الحركة لا يرشح نفسه لأي هيئة فيها، سواء أكان ذلك في القيادة أم الهيئات الدنيا». وأضافت أنه «يتم ترشيح أو تزكية الأعضاء للهيئات من أعضاء آخرين، على أن يخضعوا للانتخابات من أدنى هيئة الى أعلاها، سواء المكتب السياسي أو مجلس الشورى». وأشارت الى انه وفق النظام الداخلي للحركة «لا يجوز ترشيح احد لدورة ثالثة» لكن الحركة سمحت لمشعل بتجاوز هذا البند بسبب الظروف السياسية والأمنية بعد حرب غزة عام 2007 وتم انتخابه لدورة ثالثة. وأشارت الى ان مشعل كان شغل منصبه أواسط التسعينات خلفاً لرئيس المكتب السياسي السابق موسى أبو مرزوق الذي كان يشغل منصب الرئيس لدى اعتقاله في الولاياتالمتحدة آنذاك. ولم يستبعد عدد من القيادات في «حماس» الضغط على مشعل لترشيح نفسه لدورة أخرى بسبب دوره في الملفات المطروحة أمام الحركة، خصوصاً المصالحة والعلاقات مع المجتمع الخارجي. ولفتت مصادر أخرى الى «وجود خلافات كبيرة» بين مشعل وعضو المكتب السياسي للحركة، القيادي البارز في غزة الدكتور محمود الزهار الذي يسانده عدد من قيادات الحركة في غزة، في حين يساند مشعل قادة آخرون. وكانت الخلافات بين مشعل والزهار وصلت ذروتها قبل أشهر من خلال انتقادات علنية عبر وسائل الاعلام شارك فيها قياديون من الحركة مقيمون في دمشق شنوا هجوماً لاذعاً على الزهار. وقالت مصادر فلسطينية مطلعة إن رئيس الحكومة التي تقودها «حماس» في غزة اسماعيل هنية «يتجه للتنافس» على منصب رئيس المكتب السياسي للحركة خلفاً لمشعل. وصرحت لوكالة «آكي» الإيطالية للأنباء بأن «الجولة التي قام بها هنية آخيراً الى السودان ومصر وتونس وتركيا والجولة الثانية المرتقبة له الى قطر والبحرين وايران تهدف الى تعريف القادة في هذه الدول على هنية المعروف أكثر في الساحة الفلسطينية ويتمتع بشعبية في الأراضي الفلسطينية تفوق أي قائد محلي آخر في الحركة». ورجحت المصادر أن تكون المنافسة على رئاسة المكتب السياسي بين هنية ونائب رئيس المكتب السياسي موسى أبو مرزوق الذي يحظى بدعم عدد من القياديين في الحركة بينهم الزهار، وان يفوز بها ابو مرزوق. اما في حال انتخاب هنية لهذا المنصب، فإن ثقل القيادة للحركة يكون انتقل الى داخل الاراضي الفلسطينية، علماً انه يتركز حتى الآن في دمشق. وكانت صحيفة «هآرتس» الاسرائيلية قالت أخيراً إن «هنية وجه انتقاداً علنياً حاداً الى مشعل خلال اجتماعات (مجلس شورى) حماس في السودان أخيراً». وكشفت مصادر في «حماس» ل «الحياة» في رام الله أن مشعل كان فاز في الانتخابات التي أجريت قبل ثلاث سنوات ونيف ب 80 في المئة من الأصوات. وقال مسؤول رفيع في الحركة إن الترشيح لرئاسة المكتب السياسي للحركة يأتي من أحد أعضاء المجلس، ويجري تثبيته بالثناء من عضو آخر، موضحاً أنه لهذا السبب طلب مشعل عدم ترشيحه. وعزا مراقبون وأعضاء في «حماس» قرار مشعل الى تأثيرات الربيع العربي. وقال أحد مؤسسي «حماس» احمد يوسف ل «الحياة»: «مشعل أراد بهذا الاعلان التأكيد على أن حماس حركة ديموقراطية شورية». وأضاف: «مشعل أعلن نيته التنحي بعد أن قدم رؤية جديدة لعلاقة الحركة مع السلطة ومع المنظمة ومع العالم الخارجي، وحقق انفراجات كبيرة في هذه العلاقة». وتابع: «يحسب للرجل انه عمل مع الرئيس محمود عباس على إطلاق المصالحة، وانه عمل على صوغ علاقة حماس بالسلطة والمنظمة والعالم الخارجي». وقال مسؤول آخر: «مشعل سجل إنجازات كبيرة يفضل التنحي في ظلها، مثل انتصار حماس الساحق في انتخابات عام 2006، وعملية تبادل الأسرى والمصالحة». ومن المقرر إجراء الانتخابات في أيار (مايو) او حزيران (يونيو) العام الجاري، لكن مسؤولين في «حماس» لم يستبعدوا تأجيلها لفترة لاحقة بسبب ضغط الملفات الفلسطينية، مثل الانتخابات العامة التي يجري التحاور على إجرائها الصيف المقبل. وعادة ما تتم انتخابات المكتب السياسي للحركة بسرية تامة ويتم الاكتفاء بإعلان نتائجها غير كاملة، إذ لا يتم إعلان أسماء أعضاء المكتب السياسي من الضفة الغربية وأعضاء آخرين، خصوصاً اذا كان طابع عملهم أمنياً أو عسكرياً.