ليس « للحمير» تاريخ مكتوب .. !! رغم أنها كانت تشارك في الحروب .. !! ورغم أنها كانت وما زالت تنقل المؤن والحبوب .. !! والحقيقة أن « الحمير » تنظر إلي التاريخ.. !! تماما كما ينظر الناس إلي ما « فسد » من الطبيخ.. !! لكن « الحمار» يعرف تاريخياً أنه مركوب .. !! وأنه على أمره دائما مغلوب.. !! وإن كان في بعض الأحيان .. !! يحب أن يحرك فمه كأنه يمضغ اللبان .. !! ويتظاهر بأنه في منتهي الغباء .. !! حتى يخدع بتصرفاته جميع العقلاء .. !! وليس سرَّاً أن « الحمير» تلتزم بمنهج دقيق .. !! يتيح لها أن تتعرف علي خارطة الطريق .. !! لكنها لا تلتزم بهذا المنهج في « النهيق ».. !! فلكل حمار له « نهيقه » الخاص المستقل .. !! مهما صغر شأنه أو قَلَّ .. !! وكل حمار يعرف أنه مستغَل .. !! وأنه لا يستطيع معاملة الناس بالمِثل .. !! الحمار هو ذلك المخلوق « المغلوب » على أمرة ، الصبور ، القنوع ، الودود ، الخجول ، وعندما يشتد به الحال وتضيق به السبل يطلق صوتا منكرا أسمة « النهيق » .. !! ويتوج علية « لقب » الحمار عندما يصبح رجلا مكتمل الرجولة .. !! جحشا في مرحلة المراهقة.. !! أما في طفولته الأولى فيكون كر.. !! مسكين ذلك المخلوق المغلوب علي أمره المسمي « الحمار » .. !! إذا ثار مسؤول علي مرؤوسيه نعتهم « بالحمير » ..!! وإذا فشل تلميذ في إجابة سؤال وصفه المعلِّم « بالحمار » ..!! حتى أن تداول كلمة « حمار» علي سبيل الشتم والسب أصبح شائعاً أكثر من أي كلمة سب أخري عرفها قاموس الشتائم في غالبية مجتمعاتنا العربية .. !! احتدم الخلاف بين « المطرب » شعبان عبد الرحيم ، والمطرب سعد الصغير بعد أن تصارع الاثنان على « الحمار » ..!! والحكاية وما فيها أن كلا منهما متمسك بأن « الحمار » ملك له ..!! فقبل سنوات غنى « شعبولا » أغنية يقول مطلعها : أنا بحب الحمار .. !! ثم فوجئنا « بشعبولا » يتهم « سعد » بأنه قد سرق منه حماره ، أو بمعنى آخر سرق منه أغنيته الرائعة مع عمل بعض التغييرات على الأغنية ، ليغنيها « سعد » قائلا: بحبك يا حمار .. !! ولعلمك يا حمار .. !! أنا بزعل أوي لما .. !! حد يقولك يا حمار .. !! طيب يعني المفروض نقول ايه « للحمار » غير انه « حمار » .. !! ؟! نقوله يا غزال مثلا .. !!؟؟ في الحقيقة والواقع المرير أنا بحسد « الحمار» ..!! وأقول له « يا بختك يا حمار » ..!! فقد أصبح عمالقة « الفن » الهابط يتصارعون لأجل الفوز بك ..!! وليس هذا كل الأمر ..!! بل أنك أصبحت أفضل من بني البشر ..!! حيث يتغنى باسمك بدلا من أن يتغنى باسم الأم أوالحبيبة أو الحبيب .. !! والفنان « سعد » الصغير كان طبال مكافح عبر إلي عالم الشهرة والمال بعدما تغلب في مسابقة الرقص علي اعتي راقصات الوطن العربي وقد تم تكريمه بمنحه وساما « روتاني » حتي يهز « ثاني » ..!! وإعطائه فرصة الظهور لمدة ساعات علي أشهر برنامج فضائي يشاهده أكثر من « 80% » من العرب الذي يحمل اسم « أوبرا الشرق » لن تستطيع آن تغمض عيونك .. !! والفنانة « دينا » كانت الوحيدة المنافسة له .. !! وطبعا كانت الغلبة للفنان « سعد » ليس طبعا لأنه « صغير» بل لأنه اثبت انه يمتلك مفتاح تحريك المنطقة الخلفية أحسن من الراقصة .. !! الآن نرجع لمحاور حديثنا الهام على قول المذيع « محمد الصيرفي » كنت شديد الغيرة مع أصدقاء الطفولة ان امتلك حمارا كي أصول وأجول به .. !! « إن أنكر الأصوات لصوت الحمير » هذه آية قرآنية كريمة في سورة لقمان .. !! وكلما سمعت أذني « نهيق » الحمير في مرحلة طفولتي « البائسة السعيدة » ..!! عندما كنت ارتاد مع أقراني مزارع « الجنوب » وروائح أشجارها ..!! وكنت انس بمشاهدة الحمير وركوبها واحياناً الوقوع من على ظهورها .. !! هذا على زمن طفولتي ..!! رغم ان هذه « الحمير » في تلك الأيام ليست من باب الترفيه وإنما كان من منطلق حاجات العمل لاستخدامها في قضاء مصالحهم كجلب الماء أو تحميل حزم الحطب وأحيانا تأجيرها لمشاوير بين قرية وأخرى .. !! وآخر لاستقبال قادم من رحلة غياب أو توديع مسافر في طيات وجدانه أحلام العودة وعناق الأرض الممزوج ترابها بحنين الشوق وعبق الذكريات .. !! لم اعرف ان « حماري » الذي اشتراه أبي « حمار حساوي » ربما يكون « نهايتي » أو « أعاقتي » ولكن قدر الله وما شاء فعل ، فقد كنت في سباق مع أصحابي وانطلقت معهم مسرعا بعد عناية « لحماري في الأكل والشرب » قبل المسابقة .. !! وما هي إلا لحظة « ورفس » بالأرجل إلى الخلف وانطلق بي ..!! ومن شدة السرعة رماني على مجموعة من الأحجار نتج عنها « كسر في يدي » وكانت توبتي في ركب « الحمار» إلى اليوم .. !! والحمار إذا ضايقته وأثقلت علية « رفسك » .. !! و « الرفس » هو اعتماد الحمار على قائمتين أماميتين وقذف قدميه الخلفيتين في الهواء .. !! وكان لي موقف مع « حمار جدي » رحمه الله الحساوي لا أستطيع أبوح بها الآن لأنها لازالت « مشفرة » .. !! الكل استغنى عن « الحمار» وعن خدماته وأصبح « يدهس » في الطرقات .. !!؟؟ انطلقت فكرة رائعة من « مسئولين » في منطقة عسير قبل « 22 » عاماً تقريباً ..!! لتفعيل السنة النبوية » بالرفق بالحيوان » بعد ان اعدت دراسة واسعة ..!! برحمة وشفقة بهذه « الحمير » فكانت التوجيهات بتكوين لجنه رأسها في حينها » الشيخ الحديثي » رئيس محاكم منطقة عسير رحمه الله .. !! وأعضاء موثق بهم ..!! وبدأت المناشدة في الرفق « بالحمار» ..!! وفي ذلك الوقت أصدر تعميم على كافة القطاعات الحكومية بمنطقة عسير « للتبرع » بما تجود به نفس المتبرع « للرفق بالحمير » بعد ان تم اختيار ارض في محافظة « الدرب » التابعة لمنطقة جازان .. !! جمعت المبالغ من الموظفين ووصلت تقريباً إلى » ثلاثة ملايين ريال « الكل يريد « صدقة » جارية ووفاء منهم بخدمة « الحمير » ..!! ولم يعلم الكثير من هؤلاء انهم حينما دفعوا مبالغهم « للحمير » أنهم سيكون « حميراً » والكل يندب حظه على فلوسه .. !! طوقت ارض » الحمير « ..!! وجمع فيها حوالي « خمسة عشر حمارا » ولمدة أسبوع جاء « فاعل خير » وربط الشبك بمؤخرة سيارته وسحبه وإطلاق سراح « الحمير » ..!! ومن بعد ذلك استولي على الأرض ..!! وهنا بقي المبلغ في أيدي الأخوان ..!! حتى اختفى وذهب في طريق « خير » حسب قول اللجنة ..!! وبقي مثلي وأمثالي « يتحمير » إلى وقتنا الحالي ..!! ولا نعرف أين مصير « الملايين » التي ذهبت أدراج الرياح ..!! الكل يفهم هذه القصة في « عسير » من أبناء عسير وقدماء عسير ..!! فلا عجب ان يسرق منها اكثر من «6» مليار ريال في زمن « العولمه » .. !!؟؟ فلنا تاريخ مع « الحمير» ووقعنا حتى مع المشروع المزعوم « للحمير» وللمعلومة ان موقع « هامور » عسير الأول « معجب ال فرحان » الذي كان يستقبل المبالغ في موقع في أبها اسمه « ظهر أم حمار » وكم طاح من شبه « الحمار» معه في ذلك الموقع .. !!؟؟ بفعل طفولتي « الساذجة » ومن منطلق ان يكون لجحشي شأن بين الحمير - مستقبلا لجأت إلى كل الوسائل التي أوهموني بها ..!! وأكثر من ذلك لجأت إلى تدليله وطبع « القبلات » على جبهته الموشومة بغرة بيضاء كنت ازهو بها عندما يحين التفاخر« بالحمير » .. !! لكن « حماري » رماني وظل « الحمار» حمارا .. !! وكم من « شاب وموظف » يكدح طوال عمره ..!! ويعمل من الصباح إلى المساء ..!! ولا يطلب إجازات من أجل أن يحسن معيشة أسرته ..!! حرم نفسه من الملابس أو ملذات الدنيا ..!! ولا يطلب شيئاً سوى قليل من الشكر..!! وفي النهاية صحته تدهورت ..!! وأعصابه « تحطمت » ويسأل نفسه : هل أنا خلفت فقط لكي « أكرف » كالحمار ليل نهار من أجل أن تذهب حياتي هدراً لأناس لا يرحمون .. !! وأنا أقول « نعم » أكرف « كالحمار » وسدد أقساط البنوك وأنت « حمار » واستمتع بانهيار سوق الأسهم بين حين واخر ..!! وأنت « حمار » ..!! ولا لك لا « حمد » ولا « شكر » ولا « الرحمة » ما دمت « حمار » حتى ان ترتقي ولو في مكان « الحصان » .. !! وما دمنا بهذه « السَّيرة » ..!! فقد تفتقت قريحة احد الأخوة « العاطلين » عن العمل في زمن « الطفرة » عندما تخلى جميع المزارعين في المملكة عن « الحمير » بعد أن حلت مكانها الوسائل الحديثة ..!! وأهملت وانطلقت بالآلاف في الصحارى ..!! وقد حسبها ذلك « الشخص » ..!! وعمل دراسة لتصديرها إلى بعض الدول « الأفريقية » طالما انه سوف يقتنيها بدون ثمن ..!! وعندما تقدم إلى وزارة التجارة للموافقة على « التصدير » ..!! رفضوا بحجة أن تلك « ثروة وطنية » .. !! وفي « النهاية » قضت على قطعان تلك « الحمير » بعض العمالة الآسيوية ..!! ولا ادري ما « طعم » لحمها .. !! ومن كان لديه سابق تجربة في هذا المجال « فليكتب » لي .. !! فقبل عامين وعلى طريق سراة عبيدة ظهران الجنوب كُشف « مطعم » كان يعطي وجبات من لحم « الحمير » ..!! وكذلك « القرود » .. !! أذكر قبل سنوات عقد « مؤتمر» دولي في مصر العزيزة لرعاية « الحمير » واشتركت فيه بريطانيا والمكسيك والهند ومصر وكينيا وأثيوبيا حيث قامت كل دولة بعرض الخدمات التي تقدمها « للحمير » .. !! ويا ليت أنهم « أشركونا » معهم.. !! فالله الحمد ملف « الحمير » عندنا مشرف .. !! وكما تعلمون أن نظرية النشوء والارتقاء « لدارون » إلي أن الإنسان أصله قرد ..!! غير أن لي اعتقاد قوي بأن الإنسان أصله « حمار » أعزكم الله .. !! « للحمار » قدرة عجيبة في الصبر والجلف ويستطيع أن « يحك » جميع أعضاء جسمه ..!! إلا « ظهره » ..!! لذلك تشاهدون عنف « الحمير » إذا التقت اخذ كل منهما « يحك » ظهر الآخر بأسنانه بحكم الغريزة حتى تدمي بعضها البعض ..!! ولهذا أخواننا أهل « الشام » وصف هذه الظاهرة بمثل عندهما « حك لي وحكلك » ..!! فهؤلاء الهوامير « الحرامية » كانوا في نهاية الأمر على وصف المثل الشامي « سُهل لهم سرقة عباد الله من له سلطة .. ثم قعدوا بها في السجون للأبد » والأموال « شفطوها » بغير حق الذين لا يخافون الله في « الغلابة » .. !! ومن هؤلاء « الغلابة » الذين يصبرون على مضض صبر « الحمير » ومنهم من ودع الدنيا .. !! ومنهم من في « المصحات» النفسية .. !! إن ما نحتاج إليه « حقاً » هو المزيد من فتح « العقول » ..!! لا المزيد من فتح « الأفواه » وغير الأفواه ، وهناك مثل يقول: شمموا الحمار وردة ..!! قام أكلها ..!! وأرجو أن « يفهم » ذلك المثل كل واحد منكم على طريقته الخاصة .. !! وقفة : ُفتح كل الأبواب لأي « حمار » علي ظهره ذهب .. !! « وسامحونا » .. !!