أحدثكم عن المجتمع العسيري كنموذج صغير للمجتمع السعودي الكبير، وهو بطبيعة الحال مجتمع يندر فيه الأثرياء ولا يخلو من «فشخرة الفقراء»، أقدم لكم نماذج من أفراحه تصل فيها المظاهر الاجتماعية إلى «الفشخرة» نستجير بالله. في قاعة أفراح جمع صاحب الفرح كل من هب ودب وأحرج نفسه وقبيلته وهو يولم للضيوف خمسين خروفاً وحاشيين، كل من حضر انتقد المشهد بعنف ووصل للدعاء السلبي والبقية التزموا الصمت وغادروا على مضض، في قاعة أخرى يقفز متقاعد براتبه المتواضع إلى مصاف الأثرياء ليقدم لضيوفه ثمانية وثلاثين خروفاً لا يغطيها راتبه التقاعدي عدة سنوات مقبلة، وضمن ذات السياق يأتي مكابر بظاهرة جديدة وصلت إلى تقديم خمسة وعشرين خروفاً لضيوفه في ليلة عقد القران وليست ليلة الزفاف وانتهى مشهد « الفشخرة» بفشل مشروع الزواج قبل اكتمال الشهر الأول من ليلة المظاهر. أتصدقون أن عريساً طلب منه أبو الفتاة الاختصار والترشيد مراعاة لظروفه ولكن العريس أصر على الفرح في أكبر فندق في أبها وكلفه الحفل حوالي 400 ألف ريال اتضح فيما بعد أنها ديون وقروض، هذه صور مختصرة من مدينتي الصغيرة فماذا يحدث في مدن الأثرياء؟ إشهار الزواج وإعلان الأفراح والليالي الملاح سنن حميدة وجمع الأهل والأقارب يزيد من مساحة الألفة والمحبة، أما جمع الوفود والتوسل للناس لكي يحضروا الزفاف فهو دناءة فكر وانحطاط ذهن وسقوط عقل ومساحة كبيرة من التندر والسخرية شاء من شاء وأبى من أبى.