ملوك الأرض الأربعة / الثالث كنت قد بدأت معكم في بيان من حكموا الأرض كما قال عليه الصلاة والسلام ,وقد ذكرت الكافران النمرود وبختنصر ,واليوم نتكلم عن المسلم الأول ,ألا وهو سليمان إبن داوود عليهما السلام ,قصة سليمان ابن داود عليه السلام قال الحافظ ابن عساكر: هو سليمان بن نبي الله بن نبي الله. جاء في بعض الآثار أنه دخل دمشق قال الله تعالى: {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ} أي: ورثه في النبوة والملك، وليس المراد ورثه في المال، لأنه قد كان له بنون غيره، فما كان ليخص بالمال دونهم. ولأنه قد ثبت في الصحاح من غير وجه عن جماعة من الصحابة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا نورث ما تركنا فهو صدقة)). حكم سليمان ============= قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن سليمان لما بنى بيت المقدس سأل ربه عز وجل خلالاً ثلاثاً، فأعطاه اثنتين ونحن نرجو أن تكون لنا الثالثة، سأله حكماً يصادف حكمه فأعطاه إياه، وسأله ملكاً لا ينبغي لأحد من بعده فأعطاه إياه، وسأله أيما رجل خرج من بيته لا يريد إلا الصلاة في هذا المسجد خرج من خطيئته مثل يوم ولدته أمه، فنحن نرجو أن يكون الله قد أعطانا إياها)). فأما الحكم الذي يوافق حكم الله تعالى، فقد أثنى الله تعالى عليه وعلى أبيه في قوله: {وَدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ * فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلّاً آتَيْنَا حُكْماً وَعِلْماً...} روى أن هؤلاء القوم كان لهم كرم، فنفشت فيه غنم قوم آخرين أي: رعته بالليل، فأكلت شجره بالكلية، فتحاكموا إلى داود عليه السلام فحكم لأصحاب الكرم بقيمته، فلما خرجوا على سليمان قال: بما حكم لكم نبي الله؟ فقالوا: بكذا وكذا. فقال: أما لو كنت أنا لما حكمت إلا بتسليم الغنم إلى أصحاب الكرم، فيستغلونها نتاجا ودراً حتى يصلح أصحاب الغنم كرم أولئك ويردوه إلى ما كان عليه، ثم يتسلموا غنمهم. فبلغ داود عليه السلام ذلك فحكم به. مع أنه نبي إلا أن الله أعطاه ملكا لم يكن لسواه . فكان يخاطب الشجر والحجر والحيوانات . والحشرات , والريح وكل ما على وجه الأرض ,وله قصص في ذالك كثيرة , أبرزها : قصته مع الهدهد وقد وردت في القرآن ,, قصته مع بلقيس وقد وردت في القرآن ,قصته مع الخيل وقد وردت في القرآن ,قصته مع أصحاب الغنم كما ذكرنا سابقا , وقصته مع النمل وقد وردت في القرآن, وقصته مع الجن وقد وردت في القرآن.ولعل من قرأ هذا المقال يتوقف قليلا مع قصص سليمان في القرآن بتدبر , حتى يتبين له عظم ملكه عليه السلام. قصة وفاته وفيها عبر :: وفاته عاش سليمان وسط مجد دانت له فيه الأرض.. ثم قدر الله تعالى عليه الموت فمات.. ومثلما كانت حياة سليمان قمة في المجد الذي يمتلئ بالعجائب والخوارق.. كان موته آية من آيات الله تمتلئ بالعجائب والخوارق.. وهكذا جاء موته منسجما مع حياته، جاء نهاية فريدة لحياة فريدة وحافلة.لقد قدر الله تعالى أن يكون موت سليمان عليه الصلاة والسلام بشكل ينسف فكرة معرفة الجن للغيب..!! تلك الفكرة التي فتن الناس بها فاستقرت في أذهان بعض البشر والجن..كان الجن يعملون لسليمان طالما هو حي.. فلما مات انكسر تسخيرهم له، وأعفوا من تبعة العمل معه.. وقد مات سليمان دون أن يعلم الجن، فظلوا يعملون له، وظلوا مسخرين لخدمته، ولو أنهم كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين. كان سليمان متكئا على عصاه يراقب الجن وهم يعملون. فمات وهو على وضعه متكئا على العصا.. ورآه الجن فظنوا أنه يصلي واستمروا في عملهم.ومرت أيام طويلة.. ثم جاءت دابة الأرض، وهي نملة تأكل الخشب.. وبدأت تأكل عصا سليمان..كانت جائعة فأكلت جزء من العصا.. استمرت النملة تأكل العصا أياما.. كانت تأكل الجزء الملامس للأرض،فلما ازداد ما أكلته منها اختلت العصا وسقطت من يد سليمان.. اختل بعدها توازن الجسد العظيم فهوى إلى الأرض.. ارتطم الجسد العظيم بالأرض فهرع الناس إليه..أدركوا أنه مات من زمن.. تبينت الجن أنهم لا يعلمون الغيب.. وعرف الناس هذه الحقيقة أيضا..لو كان الجن يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين،ما لبثوا يعملون وهم يظنون أن سليمان حي، بينما هو ميت منذ فترة.. الاية { فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ (14)} فمات عليه السلام كما يموت البشر . وظهر الحق بجهل الجن علم الغيب . وتبين عظم ملك سليمان عليه السلام ,وفي قصصهم عبرة , والسلام عليكم ورحمة الله