قف .. وتأمل في أهالي طريب كما هي العادة في المجتمع السعودي والجنوبي بصفة خاصة فإننا نجد أروع الأمثلة لدى أبناء قبائل قحطان ومن يعيش معهم من القبائل الأخرى في منطقة طريب .. فكلما خطر على بالك صفة أو خصلة من صفات الأخلاق الإسلامية والعربية الأصيلة فأنه سيمر على خيالك اسم طريب الذي تأصل أبناءه بها وأصبحت من شيمهم الأصيلة التي تربوا عليها وتجلت على طباعهم وسلوكهم مع الآخرين في كل مكان في هذا الوطن الغالي. فما أن يصاب منزل أي ( طريبي ) بمصيبة من مصائب الدنيا إلا وتجد الجميع بجوار أهله مساندة ومساعدة وتسهيل وتخفيف من المصاب عليهم. وكذلك الأفراح فالجميع يعيشون هذه الأفراح وكأن الفرح يخص احدهم . ولأن المقال لا يسمح بعرض أمثلة كثيرة لإثبات صدق قولي فإنني سأكتفي بهذا المثال والذي نعيش أحداثه هذه الأيام. عندما اتجهت القلوب قبل العيون إلى ساحة البحار في أبها للقصاص من ابن خاطر فانك عند التفاتتك يمينا ويسارا في الموقع لا تكاد عينك ترى إلا ( طريبي ) بجوارك يدعوا الله ويرجيه ويتنفس بعمق تارة وتارة أخرى يكاد أن يغمى عليه داعين الله بأن يعتق رقبة سيف من القصاص .. الطاعن في السن والشاب دماء اختلطت بها هذه الساحة عيونهم مع ضيق الوقت وقرب الموعد تتنقل مابين بن كدم وما سيفعله وتلتفت سريعا إلى المكبل في الساحة ماذا سيحدث له .. والمنازل تعج بها دعوات النساء الذين يعيشون إحساس الأم والأخت لهذا الطريبي وفجأة وكعادة الشجعان والأبطال وأصحاب قوة وصلابة الرأي ومع إن الشيطان يحاول ان يثنيه عن قراره إلا انه وثب وقال قولته وكلمته التي لن ينساها له التاريخ وليس أهالي طريب فقط ( أعتقتك لي ولوالدي ) وتتغير ملامح الصورة الحزينة إلى مهرجان من العناق والهتافات وبكاء الفرح والدعوات الصادقة لمن رسم هذه اللوحة الجميلة ويضرب بها أجمل ألأمثال في الصفح والسماح بين جميع أبناء القبائل العربية. وحتى أكون منصفا في حديثي هذا فان الأحداث التي تمر بطريب وما يحدث من أخطاء فردية من البعض وبالرغم من قسوتها إلا إنها عانت منها مجتمعات سبقتنا وعلى مر العصور الإسلامية وكانوا أفضل مننا ارتباطا بالله سبحانه وتعالى ولعل ما حصل بين قابيل وهابيل بالرغم من كونهم أخوان يكون فيه خير مثال أخواني في أي منطقة أخرى .. يحق لي أن أتغنى وأفتخر بطريب لكوني احد أبناءها ولأنني أعيش أحداث مجتمعها ولكنني اجزم بأن ما لدينا من مفاخر لا يقل عن ما لديكم دمتم بخير أحبتي في كل مكان بقلمي 10 ربيع الثاني 1433ه