العلمانية .. حقيقة تسميتها والتعريف الصريح لها ..!! سأتناول في هذا المقال عن العلمانية .. كثير منا سمع عنها ولكن لا نعرف حقيقتها وأهدافها .. فأقول وبالله تعالى التوفيق .. حينما أطلقت هذه التسمية في أوربا كان يُقصد بها عندهم حسب ترجمتها الصحيحة " فصل الدين عن السياسة " أو " الفصل الكامل بينه وبين الحياة الاجتماعية " على أساس أنه لا يجتمع العلم مع الدين بزعمهم وقد كذبوا في ذلك وقلبوا الحقيقة ، فإن الدين والعلم حميمان يكمل أحدهما الأخر ويقويه ، أما نسبتهم مذهبهم إلى العلم فإن الحقيقة تدل على أنه لا علاقة بين العلم وبين هذه الفكرة الضالة ، بل إن تسميتها علمانية إنما هو بسبب سوء الترجمة من معناها الغربي الذي هو الابتعاد عن الدين أو باب الخداع والتضليل إذ كان الأولى أن تكون ترجمتها وتسميتها أيضاً هي " اللادينية " لأن مفهومها الأصلي هو هذا وليس نسبة إلى العلم . وما أقوى التشابه بين تسميتهم العلمانية بهذا الاسم نسبة إلى العلم ، وبين تسميتهم الاشتراكية العلمية بهذا الإسم كذلك ، كلاهما تمسُح بالعلم وهو بريء منهما وكلاهما خداع للناس وتضليل . وبعض الباحثين ذهب إلى أن " عِلمانية " بكسر العين وسكون اللام معناها العلم الذي هو ضد الجهل ، وأما " عَلمانية " بفتح العين وسكون اللام فمعناها العالم أو الدنيا مقابل الآخرة ، وتأتي أيضاً بمعنى " دهري " وهو تفسير لكلمة " لائيك " الفرنسية وهو تعبير نشره اليهود في فرنسا فيما بين القرنين الثالث عشر والتاسع عشر الميلاديين . " التعريف الصريح لها " الواقع أن دارس العلمانية سيلاحظ تعريفات كثيرة ، إلا أن أصدق تلك التعريفات وأقربها إلى حقيقة العلمانية هو أن العلمانية مذهب هدّام يُراد به فصل الدين عن الحياة كلها وإبعاده عنها ، أو هي إقامة الحياة على غير دين أما بإبعاده قهراً ومحاربته علناً كالشيوعية ، وإما بالسماح به وبضده من الإلحاد كما هو الحال في الدول الغربية التي تسمي هذا الصنيع حرية وديمقراطية أو تدين شخصي ، بينما هو حرب للتدين ، وذلك أن حصر الدين في نطاق فردي بعيداً عن حكم المجتمع وإصلاح شؤونه هو مجتمع لا ديني لأنه أقام حياته الاجتماعية والثقافية وسائر معاملاته على إقصاء الدين ، وهو حال الحضارة الغربيةالجديدة ونظامها ، وهذا هو الواقع الصحيح ولا عبرة بمراوغتهم في زعمهم أنهم يرعون التدين ، فإنها مجرد خداع للمتدينين ، فإن تسميتهم لهذا الإلحاد علماً هو من باب فرحهم بمعرفتهم ظاهراً من الحياة الدنيا ، وأين هو من العلم الحقيقي الذي يوصل صاحبه إلى معرفة ربه ودينه وإلى السعادة في الدنيا والآخرة . وأخيراً وليس آخراً .. هذا طرح بسيط بالنسبة لحقيقة تسمية العلمانية وتعريفها .. وسنتناول في المقال القادم بأذن الله " نشأة العلمانية وموقف دُعاتها من الدين وبيان الأدوار التي مرت بها " ومن باب الأمانة العلمية .. فهذا المقال والمقالات القادمة مأخوذة من كتاب ( المذاهب الفكرية المعاصرة ودورها في المجتمعات وموقف المسلم منها ) .. تأليف الدكتور : غالب عواجي .. عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة .. ودمتم بخير .. كتبة : فيصل بن راشد السبيعي .