المحارب 75 سبعون خريفاً ونيف هي كل ما أحتاجه أبو عبدا لله أطال الله في عمره على الخير والبسه ثوب الصحة والعافية لمراجعة الذات والانتقال من مرحلة الكر والفر ومن مرحلة الفقر المدقع والوحدة من بيئة صحراوية طاردة لكل ما يمت للحياة بصله, سبعون ربيعاً ونيف هي فترة طويلة قضاها في زراعة الأرض وعمارتها , خمسة وسبعون سنة لم يذق فيها طعم الراحة الجسدية شغله الشاغل هو العمل ثم العمل وليس غير ذلك... اكتسب احترامه وقيمته من احترامه لنفسه ولأرضه ومجتمعة. إذن أما آن الأوان أيها الجبل الشامخ أن تعيد الحسابات وتراجع الذات ؟ وإن كنت على علم مسبق بصعوبة ذلك عليك من جميع النواحي فليس من السهولة بمكان أن يكون التغيير والانتقال من حال إلى حال طريقاً مفروشاً بالورود أو أن يكون ذلك أمرا مستساغا أو متقبلاً على النفس لأي كان فما بالك بمن عاش أغلب حياته في بيئة ريفية كان هو الساعد الأيمن والقوي لأبيه في مكان خالي من السكان ومن الحياة ،، كان هو الطالب والمطالب في نفس الوقت. كان يعتمد عليه والده بشكل كبير وكان كثير التعلق بالأرض والمكان الذي يقطنه والده وأسرته الصغيرة. كان المجتمع قاسياً والبيئة أقسى والحياة أكثر قساوه فأكتسب من هذه ومن تلك (قساوة) وصلابة العود..فأصبح هو المسير وهو الشخص الذي يرجع إليه والده في كل صغيرة وكبيرة. أخذ على عاتقه زراعة وفلاحة الأرض وحفر الآبار . اهتم بتربية أشقاءه وشقيقاته ( بقسوة) ساهم في بناء الكثير من المساكن الطينية منها إثنان له و واحد لوالده رحمه الله وأموات المسلمين . أستأنس به المكان والحيوان، ما أن استقر به الحال وصفى له الجو حتى بدأ يفكر بإكمال نصف دينه وهذا ما تم حين اقترن بأم عبدا لله شريكة حياته الأولى وساعده الأيمن, ولك أن تتخيل عزيزي القارئ حال تلك الزوجة إذا ما عرف بأن زوجها هو ذلك الرجل المكافح والعنيد وصاحب الرؤية المختلفة كلياً عن كل من كان يحيط به من أقرانه . كبرت العائلة نوعا ما وأصبحت ممتدة كماً ونوعاً التحق معظمهم بسلك التعليم والوظيفة, تغيرت القرية الصغيرة وأصبحت مدينة كبيرة وربما محافظة في القريب العاجل, دارت عجلة التطور وأخذت موقعها في جميع نواحي تلك القرية الصغيرة التي عاصرها أبو عبدا لله ( أحسن الله خاتمته) تغيرت الأماكن والأحداث وكثير من الناس ولكن أبا عبدا لله لم يتغير ولا أدري إن كان ذلك نوع من الثبات (الإيجابي) ضد مؤثرات الحياة وتطورها أو أنه جمود ودفاع (سلبي) ضد كل جديد, دارت الأيام وشاخت الأماكن والأزمنة والرجال وبقي أبا عبدا لله على حاله كما الجبال الشامخة رغم عوامل التعرية الواضحة على محياه وجسمه النحيل.بقيت تلك العزيمة القوية والتي وإن قاومت أو عاندت ( كابرت) السنين الطويلة, هي إذن قصة عشق وغرام لشيخ طاعن في السن ولكنه يحمل قلباً فتياً هو مختلف بكل ما تحمله الكلمة من معنى (إيجابي) هو محارب مخضرم لكنه لا يحمل السلاح, رجل أقعدته الأيام والسنون ولم يقتنع حتى هذه اللحظة بأن الزمن ليس زمنه وبأن عقارب الساعة لن تسعفه بالرجوع إلى الوراء خمسة وسبعون عاماً. أبا عبدا لله الغالي أما آن الأوان أن تستريح وأن تأمر ذلك القلب النابض الطاهر بأن يلتقط الأنفاس ويراجع الذات، فلا الجيل جيلك ولا الزمان زمانك ولا حتى المكان في ظل إصرار على البقاء في ذلك الموقع العتيد والرافض لكل جديد. أعذرني أبا عبدا لله فلن أوفيك حقك وحق خمسة وسبعون عاماً في بضع أسطر ولكن ربما هي خلجات تدور في النفس فتأمر الفكر بأن يحرك اليد لتكتب مايروق لها وليس بالضرورة أن يروق لك أيها المحارب فأنا أعرفك حق المعرفة محارب عنيد ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يؤثر فيك مقال أو خاطره فأنت أكبر من ذلك بكثير . أبا عبدا لله الحبيب آن الأوان أن تستريح ليقوم من يتشرفون بخدمتك والسهر على راحتك لعل الله أن يمكنهم من الوفاء ولو بشيء قليل من واجبك الكبير عليهم. الحياة تضحية [email protected]