تصاحب عادةً الخلافات (رغبة الفضول) لمتابعة أخبارها والتحدث بها، وهذا طبيعي فهي تمتاز بالإثارة (الأكشن) فعندما كنت احضر المجالس العائلية التي يتم فيه سرد القصص عن حياة الاولين (اباءنا واجدادنا) استوقفني كيفية تعاملهم مع الخلافات آنذاك، حيث كانت كثيرا ما تترد عبارة (نردها...للمذهب، ونردها... لابن شامان)عندما يصعب حل الخلاف ,وأنا على يقين بأن الكثير منكم سمعها ولكن مع اختلاف الاسم الأخير، والمقصود بالمذهب هنا هو لائحة القوانين والأنظمة المبنية على العادات والاعراف الغير مكتوبة المتوافقة غالبا مع ديننا الإسلامي. أما (نردها... لابن شامان) فتعني الرجوع الى (ابن شامان) وهو رجل بسيط، زاهد في دنياه، لم يبدو عليه ثراء المعيشة، عرف بين جماعته بحكمته وعدله وفراسته، تقلد مكانة اجتماعية وسلطة قضائية اعتبارية من افراد قبيلته للفصل في شتى الخلافات والقضايا على صعيد الأسرة بل يمتد أحيانا للقبيلة (أسرية، تعديات مالية، انتهاك الحقوق، تعديات الأراضي وغيرها) فهو قادر انهاء وحل المشكلات والقضايا، وغالبا الوصول الى تسويات تنهى الخلافات ويعود جميع الأطراف لممارسة شئون حياتهم الخاصة دون ادني ضغينة او حقد. كيف لرجل بهذه البساطة ان يكون قادر على القيام بكل هذه المهام ببراعة واتقان والمام في حين يحتاج غيره في وقتنا الحالي الى سنوات طويلة من الدراسة ليكون قادر على القيام ببعضها فقط. يبدو لي أنه تم اكتساب تلك السمات من خلال تجارب الحياة الطويلة، والمرور بتقلبات قاسية اكتسب منها الصبر والجلد والنخوة العربية الاصيلة فالمواقف تصنع الرجال، ومجالسة الرجال ذو الحكمة والفراسة حيث ان المجالسة تعين على الاقتداء بالشيء فيتأثر الجليس بعلم وسلوك من يجلس إليه وصفاته وفكره وسلوكه وتوجهه كما قال عليه الصلاة والسلام: "الرجل على دين خليله، فلينظر أحدكم من يُخالِل". حيث كانت تلك المجالس اشبه بقاعات دراسية لاكتساب العلم والمعرفة. من هنا يكمن أهمية وجود (شخص) على مستوى العائلة الواحدة يتم تنصيبه بعد الاتفاق عليه من الكل ويكون مشهود له بسمات وصفات القائد لبحث ومباشرة الخلافات على مستوى الاسرة قبل تصعيدها للقنوات الرسمية التي تكون عادة ذو تكلفة عالية من النواحي المالية للدولة والمعنوية لطرفي الخلاف خصوصا في ظل التمرد والانفلات من الجيل الشاب الحالي. الكاتب: عادل زاهي اللهيبي