لا أعلم ما إذا كان من المناسب أن نراجع الموسم الفروسي على الملأ أم أنّ الأجدى أن نحتفظ بتلك المراجعة في أنفسنا و نكتفي بالتذمّر في الخفاء ! لطالما كنت أتحمّس للكتابة في نهاية الموسم ، و أحتفل بسرد الانتصارات و القفزات النوعية التي شهدناها ، إلّا أنني و لأوّل مرّة منذ أن أمسكت القلم الفروسي أكتب مُثقلةً بخيبات الأمل ، و لأوّل مرّة منذ أن تورّطت في الإعلام أشعر بفقرٍ لغوي ، و كأنّ فقر الموسم أخرسني ! نحن يا سادة نقف على أنقاض موسمٍ فروسي خَرِب أبلغ ما يُمكن أن نصفه به هو أنّه حلقةٌ معتمةٌ كئيبة لطّخت اللوحة الفروسية البديعة التي تناوب على رسم تفاصيلها عهودٌ من النصر و الإبداع و التميّز . في كثيرٍ من الأحيان كنت أمتنع عن الكتابة خلال الموسم المنصرم احتجاجاً ، و أغيب عن المشهد اعتراضاً ، و في أحيان أخرى كنتُ أغيب من شدّة السأم ، فالرذم الذي سار على إيقاعه ذاك الذي يسمّونه موسماً كان بارداً مملّاً ، حتى أنّه كان يشعرنا بأنّه توقّف لتتوقّف معه لهفتنا و يتوقّف في عروقنا الشغف . و على الرغم من أنه موسمٌ أشبه بالعطلة الطويلة من حيث الإنجازات ، إلّا أنّه كان مُرهقاً بما يكفي ليُنهك المنغمسين فيه و يستنفذ طاقات كل المتورّطين في دهاليزه التي لا خلاص منها ما بين محاولة مُجاراته تارةً و النفخ في روحه تارةً أخرى ، فكأنّما شطر أحدهم المنافسة فيه نصفين متعمّداً إراقة الحماس فيها بتشتيتها ما بين جدة و الرياض ، ثم لم يلبث العبء المادي أن بسط ذراعيه مخيّماً على الفرسان ببؤسه القبيح مخبراً إيّاهم بأن " البابا نويل " لم يحمل معه الجوائز هذا العام ، كما و أنّه لا يخبّئ لهم في جعبه بطولاتٍ كُبرى و لا هم يحزنون ، فغابت البطولات ذات النجوم و غابت المنافسات الحيّة و غابت الجوائز ثم غاب المنتخب في معرض الغياب ! . لطالما كان البكاء على اللبن المسكوب سمة البُلداء ، و جلد الذات حرفة الضعفاء ، إلّا أنّ الموسم الفروسي " المهزلة " يجب أن لا يمر مرور الكرام دون أن يُبتّ فيه من قبل قادة الفروسية في المملكة بعد أن يقفوا على أبعاد البؤس المتسكّعة في أنحائه و يتحملوا مسؤليّتهم تجاهه ، و يعيدوا حساباتهم في خططه التي لا تدل نتائجها على أنّها كانت مدروسة ، فقائد السفينة عليه أن يستميت دون إرسائها على بر الأمان أو يكون آخر الهالكين على شرف حُطامها الملطوم مدّاً و جزراً . قد نقبل أن يتأرجح موسمٌ على حساب تجارب التغيير – التي لم تُفلح – لكننا لن نتواطأ – مهما كان السبب – في مهزلٍ أُخرى تعبث بتاريخٍ فروسي صنعه رجالٌ آمنوا به و آمنّا بما حققوه ، و ليس العدل في إهدار تاريخهم و إراقته في حقل التجارب و الخطوات الغير محسوبة ، و لن يكون هناك أي مبرّرٍ يشفع لمن بيدهم قرار الفروسية إذا هم سمحوا بإعادة تكرار هذا السيناريو المخجل في الموسم القادم إذا أراد الله و كنّا ما نزال من أهل الأرض .