أغلب الظن عندي أن منفذي ملعب الجوهرة في جدة – وهم يشاهدون الجماهير الاتحادية الغفيرة – يتمنون لو أنهم صمموا الملعب بطاقة استيعابية تفوق بكثير سعته الحالية والبالغة ستين ألف متفرج. ويقيني أن الملعب لو كان بحجم وسعة مدرجات ملعب ماراكانا الشهير في البرازيل، لاستطاع الاتحاديون بكل جدارة ملؤه حضورًا وطربًا وشجنًا. المسألة لا تكمن فقط في الحضور ولبس أطيب الثياب وأكشخ البنطلونات، وإنما في التشجيع المتواصل والتأثير المهيب والذي لا يجيده إلا مدرج العميد. في قاموس العميد، لا يكفي أن تعشق الكيان من بعيد وتكتفي بتشجيعه من المنزل أو في المقهى، لا بد أن تستمع برؤيته في الملعب وتذهب قدر الاستطاعة هناك لدعمه ومؤازرته وجهًا لوجه. فريق يعيش رحلة بناء بعد تبعيات تراكمات سابقة، ومع ذلك يتعالى الهتاف وتجود الحناجر بما لذ وطاب من أهازيج الحب والعشق والانتماء. في العام الماضي حطمت الجماهير الاتحادية الأرقام القياسية باقترابها من حاجز ال 600 ألف مشجع، وأدخلت نحو 30 مليون ريال في خزينة النادي حتى وُصفت بالراعي الرسمي لعميد الأندية السعودية. وفي هذا العام حيث مباراة الهلال الأخيرة، دعمت الجماهير الاتحادية فريقها بثلاثة ملايين ريال من خلال حضورها الكامل للمباراة. في ليلة لقاء الهلال، زفت جماهير العميد فريقها لتحقيق فوز صريح، حيث ألهبت الحماس في داخل لاعبي الاتحاد وزرعت الرعب في نفوس لاعبي الهلال، حتى أن صيحاتهم المزلزلة وقت اتجاه الكرة بالخطأ نحو مرمى السديري كانت سببًا رئيسًيا في تسجيل هدف الاتحاد الأول. لقد حضرت المتعة في مباراة الاتحاد والهلال، وظهرت الروعة في مدرج العميد، وكانت جماهيره – كالعادة – على قدر الحدث حضورًا وذوقًا في التشجيع، لدرجة أننا شاهدنا هلاليين يجلسون في مدرج العميد بجانب إخوانهم الاتحاديين دون أن نلمس أي إشكالية أو احتقان. هذه هي الصورة في مدرج الذهب، تشجيع مثالي ينبذ التعصب وينصرف بكلياته لمؤازرة فريقه بأهازيج طروبة باتت عنوانًا لرابطة مشجعي الاتحاد وشكلت علامة تجارية مسجلة باسم العميد. تويتر AliMelibari@