أصبحت كرة القدم الأسيوية مهددة بالدخول في دوامة التعصب والمشاكل في ظل التوتر الذي تشهده مباريات دوري أبطال آسيا, خاصة بين الفرق السعودية ونظيرتها الإيرانية. وجاءت مباريات دوري أبطال آسيا في الموسم الحالي لتثير الكثير من القلق, بسبب زيادة حجم التوتر في عدد من مباريات البطولة, خاصة المباريات التي تجمع الفرق السعودية بنظيرتها الإيرانية وساهمت الأخطاء التحكيمية خاصة في المباريات التي تقام على ملاعب الأندية الإيرانية, في زيادة وتيرة الأزمة بين فرق البلدين والتي توجت بأحداث مباراة الهلال السعودي مع مضيفه بيروزي الإيراني منتصف الأسبوع الماضي. تويتر يترجم العبارات وتداول مشجعو الهلال على مواقع التواصل الاجتماعي، صورة للافتة تحمل إساءة بالغة إلى السعودية ورموزها على هامش هذه المباراة الصعبة, وكانت بعثة الهلال أعربت أيضا عن شكواها من تعمد السلطات الإيرانية تأخير إجراءات البعثة لدى وصولها إلى المطار. واكتملت الأزمة بالأخطاء التحكيمية التي حرمت الهلال على الأقل من تحقيق التعادل في هذه المباراة التي انتهت لصالح بيروزي بهدف نظيف. وإزاء شعور الجماهير السعودية بالتعرض للظلم على كافة المستويات وتراكم أخطاء الحكام, خاصة في مواجهة الهلال صاحب الشعبية الطاغية في المملكة، اتجهت الأنظار صوب جهتين الأولى هي الاتحاد الأسيوي للعبة والمركز الدولي للأمن الرياضي, في ظل الاتفاقية التي أبرمت بين المركز والاتحاد الأسيوي على هامش انتخابات الأخير في نهاية أبريل الماضي. ولم يتردد الاتحاد السعودي للعبة في إصدار بيان رسمي إزاء هذه الأحداث, لاسيما وأنها تأتي بعد شهور من واقعة الأخطاء التحكيمية, التي بددت آمال الهلال في الفوز بلقب دوري الأبطال الأسيوي لصالح ويسترن سيتي الأسترالي في نهائي البطولة بالموسم الماضي. وضاعف من حجم الأزمة هذه المرة أنها لم تقتصر على الأخطاء التحكيمية, لأن الصورة التي تداولتها جماهير الهلال على مواقع التواصل الاجتماعي تنم عن إقحام السياسة في الرياضة, وهو ما ترفضه جميع عناصر اللعبة جملة وتفصيلاً, كما أن اللافتة التي أشارت إليها الجماهير السعودية تضمنت إساءة بالغة لدولة عربية هي الأكبر في منطقة الخليج وغرب آسيا. تدخل أمني في الوقت نفسه، اتجهت أنظار كثير من الجماهير السعودية صوب المركز الدولي للأمن الرياضي, بعد الاتفاقية التي أبرمها مع الاتحاد الأسيوي مؤخرا, ولكن الاتفاقية اقتصرت على جزئية خاصة بإجراءات الأمن والسلامة في الملاعب, ولم تشمل اختصاصات أخرى للمركز من بينها التصدي للتلاعب بنتائج المباريات والعنف في الملاعب. ولهذا، خرج محمد حنزاب رئيس المركز عن صمته وفجر مفاجأة من العيار الثقيل, بعدما طالب بالتحقق من الصورة التي تم إشهارها في ملعب "آزادي" خلال مباراة بيروزي والهلال في ذهاب دور الستة عشر لدوري الأبطال يوم الثلاثاء الماضي. وأوضح حنزاب في مقابلة خاصة مع صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية نشرته على موقعها الإلكتروني: "إن كانت هذه الإساءة للرموز السعودية صحيحة، فعلى الاتحاد الآسيوي لكرة القدم أن يلغي نتيجة المباراة وأن يتم حرمان إيران من استضافة أي مباريات تقام تحت مظلة الاتحاد القاري, كون أنظمة الفيفا والاتحاد الآسيوي ترفض تماماً استغلال مباريات كرة القدم سياسياً, وتقاضي كل من يسيئ للرموز الوطنية في كل العالم". وقال حنزاب إنه على المسؤولين في الاتحاد الآسيوي وتحديدا اللجان القضائية, أن يتحققوا من الصورة المتداولة في مواقع التواصل الاجتماعي والتي حملت إساءة بالغة للسعودية ورموزها. وأشار إلى أنه في حال التأكد من صحة الصورة المسيئة, فإنه يجب على الاتحاد القاري أن يتخذ الإجراءات القانونية التي تكفل حق الفريق السعودي (الهلال) بإلغاء نتيجة المباراة, وحرمان إيران من إقامة أي مباريات على أرضها مستقبلا. كما أوضح حنزاب في تغريدة على "تويتر" قائلا: "الرياضة قيم ومبادئ ووسيلة فعالة لتعارف الشعوب وتواصلهم, يجب أن نواجه دخول الشعارات السياسية المسيئة للملاعب بحزم وإلا فعلينا انتظار الأسوأ". الهلال يحتج في نفس الوقت ، قدم نادي الهلال مذكرة احتجاج إلى الاتحاد الأسيوي للعبة وذلك ضد الاستفزازات الإيرانية وأخطاء التحكيم. وفي المقابل، بدأت جماهير الهلال الاستعداد للرد على جماهير بيروزي بعيدا عن التحركات الرسمية حيث يلتقي الفريقان إيابا يوم الثلاثاء المقبل. ترقب لرد جماهيري ورغم حرص المنظمين في السعودية على أن تمر مباراة الإياب دون أدنى مشكلة، أشارت تقارير إعلامية إلى أن جماهير الهلال تفكر في أن يكون التيفو الذي تشكله الجماهير في المدرجات هو "الهلال سلمان الحزم", طالما لم يتخذ الاتحاد الأسيوي موقفا حاسما في مواجهة إقحام السياسة في الرياضة. ولهذا يترقب الجميع مباراة الثلاثاء الماضي بلهفة شديدة لرؤية ما ستسير إليه الأمور, لكن هذه اللهفة يعلوها القلق, مما قد تسير إليه الأوضاع بملاعب آسيا في المستقبل, مع تصاعد وتيرة التعصب ودخول السياسة طرفا في مدرجات الملاعب.