ناقش المتحدثون والمشاركون في ندوة دبي الدولية العاشرة للإبداع الرياضي التي تنظمها جائزة محمد بن راشد آل مكتوم للإبداع الرياضي الجديد في عالم صناعة الرياضة والإبداع فيها والتجارب الناجحة لشخصيات ومعاهد مرموقة. جاء ذلك خلال فعاليات الندوة التي أقيمت يوم أمس (الثلاثاء 28 أكتوبر 2014) تحت شعار "أفكار في الإبداع الرياضي"، بحضور سعادة مطر الطاير رئيس مجلس أمناء جائزة محمد بن راشد للإبداع الرياضي وأعضاء مجلس أمناء الجائزة الأكبر والأهم في الرياضة والأولى من نوعها على الإطلاق التي تعنى بالإبداع في العمل الرياضي: د. حسن مصطفى رئيس الاتحاد الدولي لكرة اليد، د. عبداللطيف بخاري، د. عاطف عضيبات، د. خليفة الشعالي، ود. أحمد الشريف الأمين العام، كما حضر الندوة عدد من الشخصيات القيادية الرياضية من داخل وخارج الدولة، يتقدمهم جبريل الرجوب رئيس اللجنة الأولمبية الفلسطينية ورئيس الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم، اللواء م ناصر الرزوقي رئيس اتحاد الإمارات للتايكوندو والكاراتيه، عبدالمحسن الدوسري الأمين العام المساعد للهيئة العامة لرعاية الشباب والرياضة، وأعضاء مجلس دبي الرياضي: سعيد حارب، علي بوجسيم، يوسف جواد الرضا. وتم خلال الندوة تكريم المتحدثين ورؤساء الجلسات بمنحهم درع الندوة التي باتت حدثاً مهماً يستقطب المعنيين في الإبداع، ويستهدف جعل الإبداع ثقافة في عملنا الرياضي. تحدث في الجلسة الأولى البروفيسور أندرو هاريسون سفير الإبداع وترأست الجلسة د. نيلوفا روحاني وحملت الجلسة عنوان "أفكار في الإبداع"، واستعرض فيها هاريسون التحديات التي يواجهها المبدعين، والفرق بين الإبداع والابتكار، والقيم التي يتقيد بها المبتكر، كما شرح كيفية تحقيق المعادلة بين الابتكار والبناء لتحقيق الإنجاز. واستهل البروفيسور أندرو محاضرته بالاستشهاد بمقولة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي – رعاه الله، "نستخدم الإبداع والابتكار لخلق شيء جديد"، وقال أن هذه المقولة تختصر الكثير من العلوم التي تحاول شرح معناها، وقال: لقد نشرت كتابين من قبل تحدثت فيهما حول الأشخاص الذين يحبون عملهم وكيف أن ذلك يؤدي إلى الإبداع، حيث يعتبر ذلك هو العنصر الخفي في الإنسان وهو السبب الحقيقي في الإبداع، وكان هدفي في هذين الكتابين هو الدمج بين العمل والتفكير ومن خلال ذلك يمكن للإنسان تحقيق الاستفادة الكاملة من جميع أعماله، ويمكنني هنا تعريف الإبداع بأنه تحقيق رؤية أو فكرة جديدة تختلف عن تفكير الآخرين، أما الابتكار فهو ما يحول الأفكار إلى نتائج ومكاسب، ومن السهل أن تصنع من الإبداع ابتكاراً، لكن من الصعب أن تخلق من الابتكار إبداعاً". وأضاف: "إن ما نتحدث عنه هو الأحكام والمقاييس العامة التي لابد أن نلتزم بها، فمثلاً في كرة القدم نجد جميع الفرق تلتزم بنفس القانون وتلعب نفس اللعبة لكن هناك فريق يتميز ويفوز وآخر يخسر، وهنا يبرز العنصر الخفي في تحقيق الفرق بين الفائز والخاسر، ويمكنني أن أستعين بمقولة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم (يجب أن تتحمل وأن تضع الحصان في أعلى قدراته حتى تستطيع تحقيق النجاح)، وهذه المقولة توضح ما هو العنصر الخفي حيث تتحدث عن قوة العقل والقدرة على تجاوز الحدود، فهناك من يمارس الرياضة بشكل يومي وهناك من يطور تمارينه الرياضية باستمرار حتى يصل إلى القمة، وهذا الأمر الذي أدى إلى تطوير المعدات الرياضية بشكل غير عادي لكي تتناسب مع طموحات كل رياضي للوصول إلى أعلى قدرة له في تحقيق الإنجاز، وكذلك تطور تقنية تصوير الألعاب الرياضية والتطور الحادث بها بشكل غير عادي، فنجد الكم الكبير في آلات التصوير التي تستخدم لتصوير العديد من الرياضات، فهذه الآلات تراقب كل حركة وكل جزء من الثانية في حركات الرياضي وهو ما فتح المجال لاكتشاف نقاط القوة والضعف في اللعب، حيث استطاع العلماء من خلال تصوير سباقات الجري اكتشاف أن تقليل كمية الاحتكاك مع الأرض في رياضة الجري تجعل المتنافس أسرع من الآخرين، فأدى ذلك إلى تطوير في هيئة التمارين وهو ما صنع العديد من اللاعبين الناجحين وظهور وتحقيق العديد من الأرقام القياسية التي تتطور بشكل متسارع، وأيضاً الإبداع والابتكار في الطب أدى إلى إنقاذ العديد من الرياضيين المحترفين من مغبة الإصابات التي كانت تحرمه اللعب مرة أخرى، فقد تمكن الطب الآن من إعادة الرياضي إلى مستواه قبل الإصابة". واستكمل :"يستطيع الرياضي الفذ أن يفصل نفسه عن التنافس والمنافسة وأن يجعل عالمه دائرياً وليس مسطحاً، بحيث يهيئ نفسه للتفكير فيما بعد الخسارة بإيجابية، فإذا لم يفز في المرة الأولى فعليه أن يفكر في تطوير أدائه لكي يفوز في المنافسات التي تليها وهكذا حتى يحقق هدفه في الفوز، لذلك لابد للإنسان أن يضع هدفه الأساسي هو الفوز مهما تكررت خسارته، ونحن نبحث هنا عن العنصر الخفي لدى الرياضيين فالمهم هنا هو الجانب النفسي للاعب ولوجستية الابتكار والأفكار الإبداعية، وليس الجانب البدني أو التغذية أو التدريبات، فعندما تجتمع ثلاثة أشياء هي (الأهداف والأفكار والثقافة) في شخص واحد يمكنك أن تتنبأ بفوزه بلا أدنى شك، وهناك فرق بين من يقول وبين من ينفذ، وبين من يقول وينفذ في نفس الوقت، ونستشهد في ذلك من قول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم (نريد أن نجعل دبيالمدينة الأولى في العالم)، هو بذلك فجر ثورة حقيقة غيرت من مجريات الكثير من الأمور، حيث استطاع يضع هدفاً بمقولته هذه واستطاع أن ينفذ هذه المقولة على أرض الواقع. واختتم قائلاً :"توجد دراسات في علم نفس يمكنها قياس وتحديد العوامل النفسية المؤثرة في أداء الإنسان، فهناك مثلاً مقياس (ISPI) الذي يقيس مؤشر الإبداع في الإنسان، والذي أوضح وجود ثلاثة أنواع من البشر (المبدعين، الوسطاء والبنائين)، وهذا المقياس يستطيع أن يحدد للإنسان إلى أي فئة ينتمي هذا الإنسان، والذي من خلاله نستطيع تحديد نقاط القوة في الإنسان لنعززها ونكتشف نقاط الضعف لنقومها، واكتشفنا من خلال هذا المقياس أن هناك نموذجين مختلفتين من البشر الأول الشخص الذي يفكر ويبدع والشخص الآخر هو الذي يبني وينفذ دون أن يجهد عقله في التفكير، ولكي نكون ناجحين ومميزين لابد أن نجمع بين الإبداع والابتكار والتحليل، حيث أثبت الواقع والتاريخ أن الإبداع وحده لا يكفي لتحقيق النجاح، وأكبر مثال على ذلك العالم الفذ ليوناردو دافنشي الذي كان بارعاً في الرسم والنحت والذي صمم أفكار العديد من الاختراعات التي غيرت مجرى التاريخ فقد كان إنساناً مبدعاً لكن معظم اختراعاته لم تنفذ وظلت مرسومة على مخطوطات دون تنفيذ لفترة كبيرة من الزمن، وذلك لأنه كان يحتاج إلى العنصر البناء، كان يحتاج إلى إنسان ينفذ ما أبدعه واخترعه من أفكار، لذلك فإن الإنجاز والتطور لا يتحقق إلا من خلال الربط بين المبدع والبناء". وفي نهاية الجلسة قام هاريسون بإجراء تجربة عملية توضح كيف يستطيع المبدعين مساعدة الأفراد العاديين في التفكير بشكل صحيح لحل المشكلات، حيث طلب من الحاضرين في الندوة اكتشاف أكبر عدد من الأرقام التسلسلية في ورقة مليئة بالأرقام المبعثرة في مدة لا تتجاوز الأربعين ثانية، لكنهم لم يستطيعوا، وكرر طلبه في ورقة أخرى مقسمة لتسعة أجزاءوفي هذه المرة استطاع الحاضرين تحديد عدد أكبر من الأرقام المسلسلة في نفس المدة الزمنية. نادر شلبي يستعرض تكنولوجيا النانو في الرياضة تناول أ.د. نادر شلبي عميد كلية التربية الرياضية بجامعة العريش المصرية، في الجلسة الثانية التي أدارها د. ناجي إسماعيل حامد المدير الفني للجائزة، وجاءت بعنوان إبداعات رياضية التقنية الجديدة المعروفة بنانو تكنولوجي وهي تقنية متقدمة ظهرت للمرة الأولى في العام 1990 ، والقى شلبي في محاضرته الضوء على استخدامات وتطبيقات النانوتكنولوجي في المجال الرياضي، مؤكدا ان هذه التقنية ستحدث ثورة كبيرة في الرياضة في المستقبل القريب. وعرف المتحدث النانو بانه وحدة مصغرة للغاية لا تتجاوز واحد على بليون من المتر، مركزا على استخدامات التقنية في المجال الرياضي، مشيرا إلى ان التقنية تستخدم في العديد من المجالات الرياضية، ومن بينها المجال الطبي في العلاج وانتقاء الرياضيين وتحليل أداءهم بجانب تصنيع المواد والمعدات والملابس الخاصة بمختلف الألعاب الرياضية. وكشف د. نادر شلبي عن الدور الكبير الذي تلعبه تقنية النانو تكنولوجي في مجال الطب الرياضي، مشيرا إلى استخدامها المختلفة في علاج الرياضيين واكتشاف قدراتهم مبكرا وتوجيههم إلى الرياضة التي تناسب قدرات وتركيبة الرياضي العضلية من خلال الدراسة المستضيفة التي تتم في معامل متخصصة. وتحدث شلبي عن استخدام تقنية النانو في التدريب الرياضي وتحليل الأداء عبر وضع أجهزة خاصة على جسد اللاعب او في معداته تقوم برصد حركته ومن خلالها تتاح الفرصة للجهاز الفني للوقوف على أدائه داخل الميدان وتحديد جهده البدني وما يحتاجه من تدريب إضافة إلى تقييم مردوده في الميدان. وأوضح د. نادر شلبي ان تقنية النانو تكنولوجي مكنت من تطوير وابتكار الأجهزة المستخدمة في الرياضة، مشيرا إلى ان التقنية أسهمت في صناعة اطراف صناعية للرياضيين المعاقين تتصل بالجهاز العصبي لتحسين أداء المعاق وتمكينه من تحقيق إنجازات في المنافسات البارلمبية وهو الأمر الذي يمكن ان يسهم في اندماج المعاق اكثر في المجتمع. وتطرق المتحدث إلى التطور الكبير الذي شهدته صناعة المعدات الرياضية في الألعاب المختلفة مثل كرة القدم، ذاكرا ان التقنية مكنت من صناعة كرة اكثر سرعة ومرونة، كما نجحت التقنية في تحييد العوامل التي يمكن ان تؤثر على وزن الكرة أو أحذية اللاعبين ومعداتهم في الظروف غير الطبيعية مثل الأمطار وأرضية الملعب وغيرها، حيث تمت صناعة معدات مقاومة للظروف ونحتفظ بطل خصائصها مهما تغيرت الأجواء. وذكر شلبي ان الألعاب الرياضية المختلفة يمكن ان تستفيد من هذه التقنية في تصنيع معداتها ضاربا المثل بكرات الغولف التي أصبحت اكثر سرعة ومضارب التنس التي قل وزنها وزادت معدل ضرباتها بفضل تقنية النانو التي تسهم أيضا في صناعة قوارب اخف وزنا واسرع من مثيلاتها. وشرح د. شلبي خلال المحاضرة أهمية التقنية وانتشارها في العالم مبين ان الكثير من الدول الكبرى تحرص على تطوير هذه التقنية مشيرا إلى ان اليابان مولت بحوث تطوير تقنية النانو تكنولوجي بمبلغ وصل إلى بليون دولار فيما تملك أمريكا اكثر من 40 الف عالم يمكنهم العمل في هذه التقنية. في ختام محاضرته قدم شلبي مجموعة من التوصيات على راسها السعي لتسخير العلم من اجل إعداد الأبطال باستخدام التقيات العلمية في تطوير قدرات اللاعبين، وتجهيز معامل لتطوير القياسات الفسيولوجية التي تسهم في تحديد قدرات اللاعبين وتكشف اتجاهاتهم مبكرا لتوجيههم للرياضة التي تناسب كل رياضي. استعراض التجربة الناجحة لمصطفى العرفاوي استعرض مصطفي العرفاوي عضو مجلس أمناء جائزة مجمد بن راشد للإبداع الرياضي والرئيس الشرفي للاتحاد الدولي للسباحة في الجلسة الثالثة التي أدارها مسعد عبدالوهاب من جريدة الخليج، تجربته في العمل الإداري الرياضي مشيرا إلى انه مارس الرياضة في سن صغيرة وبدأ مشواره في العمل الرياضي بتأسيس الاتحاد الجزائري للسباحة وهو في الثلاثين من عمره، كما أسس اللجنة الأولمبية الجزائرية ليضع بلاده في هذا المحفل العالمي الكبير. وتحدث العرفاوي عن تجربته الدولية التي امتدت في الاتحاد الدولي للسباحة التي تواصل لاحد عشر سنة امتدت من العام 1998 إلى 2009، حقق خلالها الكثير من الإنجازات بإدخال بطولات جديدة وتطوير العمل بالاتحاد، خاصة في الجانب التقني للبطولات. وألقى العرفاوي الضوء على تأسيس جمعية الاتحادات الإفريقية للسباحة في العام 1983، مبينا انه اصبح رئيسا للجمعية في العام 1987 وواصل مشوار في قيادة الاتحادات الإفريقية للسباحة حتى العام 2011. وتطرق المتحدث إلى الوضع الراهن للسباحة العربية مشيرا إلى ان ما ينقصها هو التدريب الجيد مطالبا المسؤولين في الأجهزة الرياضية الاهتمام اكثر بالسباحة باعتبارها واحدة من الألعاب الرياضية التي يمكن ان تتحقق فيها إنجازات ترفع من قدر الرياضة العربية. جديد الندوة شهدت الندوة إضافة مبادرتين مميزتين هما الأولتين في الندوات الرياضية تمثلت الأولى في استخدام لغة الإشارة لترجمة الجلسات إلى المصابين بالصم من الحاضرين في القاعة أو المشاهدين على شاشات التلفزيون، وتمثلت الثانية في إدارة حوار مفتوح من خلال موقع التواصل الاجتماعي (Google+) مع منتسبي كليات التربية الرياضية في جامعات الإمارات، المنصورة بجمهورية مصر العربية واليرموك بالمملكة الأردنية الهاشمية، وذلك في إطار تنفيذ توجيهات مجلس أمناء جائزة محمد بن راشد آل مكتوم للإبداع الرياضي باستخدام وسائل التكنولوجيا الحديثة والوسائط الذكية لإتاحة الفرصة للراغبين للاستفادة من الجلسات والمشاركة في الحوار عن بعد.