عندما كانت الكرة السعوديه في أوج عظمتها كانت تستند على إرث مميز على مستوى الإدارة وأيضا على مستوى النجوم ، فكان صاحب السمو الملكي الأمير الراحل فيصل بن فهد رحمه الله لا يترك أي مجال لمنظومة عمل تدار بعقليه غير احترافية في زمن اللا احتراف ، فدعوني أبحر بخيالي وذاكرتي للمسيرة العطرة للتاريخ المميز لكرتنا : كانت باكورة انجازاتنا قبل عصر الاحتراف كأس الأمم الآسيويه 1984 بواسطة كادر سعودي على مستوى التدريب ( الزياني ) بنجوم من طينة النعيمه وماجد ومحيسن وعبدالجواد والمصيبيح والمنصور وشايع والبقيه ، بعد ذلك التاريخ اصبح للكرة السعوديه هوية على المستويين الإقليمي والقاري ، تلا ذلك مشاركه في كأس الخليج الثامنة في المنامه واكتشاف لنجوم قادمة لساحة النجومية بمرتبة اساطير كالثنيان والهريفي ومركز ثالث في البطوله المستعصيه ، مشاركه دوليه خجولة في ضيافة استراليا عام 88 في البطولة الذهبية مع البرازيل والأرجنتين باقتراح من الرياضي المحنك فيصل بن فهد . ثم استضافة كأس الخليج في درة الملاعب وكالعادة تتمرد البطولة على الفريق السعودي ومركز ثالث جديد . اتت كأس آسيا التاسعة في دوحة قطر وقبلها معسكر خفيف بقيادة كارلوس البرتو باريرا الخبير بالمنطقة الخليجيه ومباراة تحضيريه لا تنسى أمام المارد الإنجليزي وتعادل بندية بهدف لهدف لماجد عبد الله وأسطورة آرسنال توني ادامز . بدأت المعمعة الآسيويه بفوز على سوريا بهدفي السويد والمطلق ومواصلة المشوار حتى محطة كوريا الجنوبيه ولقب ثاني آسيوي ببروز لافت للثنيان والهريفي والمطلق وجازع والدعيع وعبدالله صالح . رجوع للبلد واستقبال الفاتحين للأبطال ثم بدأ الموسم الرياضي وهنا سأقف لقرار تأديبي صادر من الإتحاد السعودي بوقف النجم الكبير يوسف الثنيان للإساءة للحكم عمر المهنا في مباراة للإتحاد والهلال ان لم تخني الذاكرة في قرار يعتبر عبرة لكل لاعب مهما كانت قيمته وهذه هي العدالة ليسود النظام والانضباط بين اللاعبين ، ثم الاستعداد لخليجي 10 في الكويت بمعسكر وانسحاب قبل بداية البطولة لأسباب لا أريد التطرق لها ، ثم فترة توقف طويلة تزامنا مع حرب الخليج الى ان اتى موسم 92 ومعسكر طويل للمنتخب 44 لاعب جلهم من نادي الشباب والاستعداد للدورة العربية بسوريا ووصول للنهائي والخسارة امام مصر في النهائي 3/2 ، حدث تاريخي سعودي بفكرة رائعة من فيصل رحمه الله ( تفعيل اقتراحه ببطوله دوليه تقام بين ابطال قارات العالم ) وافق الإتحاد الدولي على الفكرة السعوديه ونفذها مباشرة فنظمتها السعوديه وأصبحت وصيفه للأرجنتين وهذه البطولة شهدت بروز لسعيد العويران وأيضا عرفت العالم بنجم ارجنتيني كبير يدعى ( فرناندو ريدندو ) والذي اصبح افضل لاعب في البطولة قبل انضمامه لتنريفي الأسباني . ثم الذهاب لليابان للدفاع عن اللقب الآسيوي مع المدرب الرائع البرازيلي نيلسينيو بدون نجم الهلال سامي الجابر حيث لم يستدعه الجهاز الفني ، تعادل كبداية مع الصين بهدف لمثله للمهلل ثم تعادل آخر بآخر دقيقه ضد قطر للأنيق خالد مسعد ثم اكتساح تايلند والإمارات وخسارة النهائي ضد اليابان بمستوى يعتبر لغزا الى هذه الساعة ! ولكن لا ننسى بروز الموسيقار هداف البطولة ، ومسعد وسعيد والخليوي في هذه البطولة . ثم المشاركه في كأس الخليج في قطر وعودة الجابر ومركز ثالث لكن كسبنا الغشيان الذي اتى للتو من كأس العالم بإستراليا . ولكن سأقف هنا للتنويه عن قوة شخصية الأمير الراحل ومعاقبة الهريفي والثنيان قبل البطولة لمخالفة تعليمات معسكر المنتخب ! ولأن الانضباط أهم من النتائج الوقتيه وأيضا لرفضه الضغوطات من مسئولي انديتهم فتم ايقافهما وقد القت بظلالها على شخصية اللاعب يوسف الثنيان الذي عاد اكثر احترافية ونضج . رحلة المونديال : قرار صائب بعدم مشاركة اللاعبين الدوليين مع انديتهم في موسم 1414 لكي يتفرغ المنتخب لتصفيات المونديال وهنا التخطيط السليم وبعد نظر المسئولين كعام استثنائي بدأت التصفيات الأوليه والنهائيه بتأهل الأخضر للمرة الأولى والتواجد بأكبر مسابقه دوليه على وجه المعمورة ، بدأ المونديال الأمريكي بمستوى مبهر وخروج من دور الستة عشر على يد السويد ثالث العالم آنذاك ثم اتخذت عدة قرارات اهمها : تقديم الشكر لعدة نجوم كانت تمثل عنصر الخبرة في المنتخب كماجد وعبدالجواد والهريفي لإتاحة الفرصه لجيل التسعينات الإستثنائي ، وبعد ذلك توالت الإنجازات الواحد تلو الآخر : أبرزها * فك النحس الملازم لدورة الخليج عام 1994 * كأس آسيا في الإمارات 1996 * تأهل لمونديال فرنسا 1998 * الوصول لنصف نهائي بطولة القارات في المكسيك 1999 * الوصول للمباراة النهائيه لآسيا 2000 * التتويج بدورة الخليج في الرياض 2002 * التأهل لمونديال كوريا واليابان 2002 * الفوز في دورة الخليج للمرة الثالثه 2003 * التأهل للمونديال للمرة الرابعة 2006 * التأهل لنهائي آسيا 2007 لذلك يعتبر موسم 2008 هو بداية اضمحلال الكرة السعوديه والتواري عن الحضور المشرف ومنذ ذلك التاريخ والكرة السعوديه تعاني الأمرين على صعيد الأندية والمنتخبات ؟! الأسباب : * السبب الأول من وجهة نظري هو قلة النجوم فالكرة السعوديه حاليا لا تملك نجوما بمستوى ماجد ويوسف والهريفي وسامي ومسعد وعبد الغني والعويران والغشيان والدعيع واحمد جميل وفؤاد انور . . . * عدم التخطيط السليم لاستحقاقات المنتخب وعدم وضع آليات او استراتيجيات عمل واضحة . * عدم الاستقرار التدريبي وهو العامل المهم في لعبة كرة القدم ولنا في الإتحاد الألماني وأوكسير الفرنسي خير مثال . * العشوائيه في عمل الأندية وطريقة ادارتها العقيمة . * ابرام عقود طويلة الأجل وبأسعار خياليه للاعبين من طراز ( لاعب عادي ) مما يثبط الحافز التطويري لديهم . * عدم التحكم في سلوك اللاعبين وخاصة التمارين الصباحيه والسهر والسفر بدون علم النادي . * عدم معاقبة اللاعب المخطئ كما كان يفعل الراحل فيصل بن فهد رحمه الله . * كثرة المسابقات المحليه وكثرة التوقفات في اهم مسابقه لكل بلد وهي الدوري . * الإعلام المسيطر والموالي للأندية على حساب المنتخب وتأثيره على النجوم في الدفاع عنهم وتحنيطهم وتخديرهم . * توزيع مناصب لأشخاص غير مناسبين على مستوى الفهم والإدراك رياضيا . * كثرة مشكلات وقضايا الأندية والتركيز عليها من قبل الإعلام مما يصرف العقول عن ألأولويات التي تساعد على التطوير . كل هذه الأسباب اجتمعت وتراكمت في ظرف عدة سنوات حتى اضحت كرتنا في الحضيض . و اتمنى ان لا نصبح هنغاريا آخر فمن المعروف ان المنتخب المجري كان منتخبا لا يقهر ايام بوشكاش وكوشيتش في الخمسينات ومن ثم اختفى من خارطة كرة القدم الدوليه ، أتمنى الشروع في ايجاد الحلول وأن نصل للعلاج لرجوع الكرة السعوديه لسابق عهدها وإلا سنتحدث عن الماضي كثيرا . في النهايه : ابارك للخماسي العربي الأردن والعراق ولبنان وعمان وقطر الوصول للمرحلة الأهم وأتمنى تأهل اكبر قدر منهم .