لم يحدث أبدا طوال تاريخ مسابقة الدوري الأسباني أن تمكن البطل من حسم اللقب لمصلحته منذ شهر كانون الأول/ديسمبر. ولكن لم تشهد البطولة نفسها أيضا طوال تاريخها مثل هذا الفارق الذي يتصدر به برشلونة ترتيب البطولة الأسبانية حاليا. فبفوز برشلونة 4-1 على أتلتيكو مدريد أقرب منافسيه بمسابقة الدوري الأسباني مساء أمس الأحد، وسع الفريق الكاتالوني فارق تصدره لترتيب البطولة إلى تسع نقاط أمام أتلتيكو و13 نقطة أمام ريال مدريد ثالث الدوري الأسباني حاليا. واحتفلت جماهير برشلونة التي بلغ عددها 98 ألف متفرج في استاد “كامب نو” بفوز برشلونة أمس كما لو كان فريقها استعاد لقب الدوري الأسباني بالفعل، وهو الأمر الذي بات يبدو مؤكدا في الوقت الراهن ما لم تقع أي كارثة للفريق. وعلقت محطة “راك – 1″ الإذاعية الكاتالونية صباح اليوم الاثنين قائلة “سيحتاج الأمر إلى زلزال أو نهاية العالم، كما تنبأ شعب المايا، لمنع برشلونة من إحراز لقبه ال22 بالدوري الأسباني”. وتمكن برشلونة من تحطيم جميع الأرقام القياسية منذ انطلاق هذا الموسم حيث أضاع نقطتين فقط في مبارياته ال16 الأولى بمسابقة الدوري. وحتى في المباراة الوحيدة التي انتهت بالتعادل 2-2 بالنسبة لبرشلونة هذا الموسم وكانت أمام ريال مدريد في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، كان برشلونة الأقرب إلى الفوز وسدد كرة في عارضة مرمى ريال مدريد قرب نهاية المباراة بينما كان النادي الملكي يعد الثواني لكي ينتهي اللقاء. ويسير برشلونة في طريقه نحو تحطيم الرقمين القياسيين اللذين سجلهما ريال مدريد في الموسم الماضي سواء بتسجيل مئة نقطة أو بإحراز 121 هدفا في موسم واحد. حيث سجل برشلونة 54 هدفا حتى الآن من بينهم 25 هدفا بتوقيع النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي. وكان حامل لقب جائزة أفضل لاعب في العالم أحرز إجمالي 90 هدفا بعام 2012 مع كل من برشلونة ومنتخب الأرجنتين ليحطم تماما الرقم القياسي العالمي لعدد الأهداف المسجلة في عام واحد والذي ظل حتى وقت قريب مسجلا باسم النجم الألماني السابق جيرد مولر الذي سجل 85 هدفا لبايرن ميونيخ ومنتخب ألمانيا في عام 1972. ومع تسجيله 25 هدفا بالدوري الأسباني بهذا الموسم حتى الآن ، يتقدم ميسي بخطى ثابتة أيضا نحو تحطيم رقمه القياسي الشخصي بتسجيل 50 هدفا في المسابقة نفسها بالموسم الماضي. ولكن النجم الأرجنتيني الصغير لم يعد البطل الوحيد في برشلونة في الوقت الراهن. فقد ظهر تحت بؤرة الضوء أيضا المدرب تيتو فيلانوفا الذي عادة ما يفضل التواري في الظل عن الظهور. وقال أندوني زوبيزاريتا مدير الكرة في برشلونة عقب الفوز الكبير على أتلتيكو مدريد مساء أمس: “لم نتوقع أبدا أن نصل إلى هذا الموقف في كانون الأول/ديسمبر، ولكن الفضل في هذا يرجع إلى اللاعبين والمدرب”. وبالفعل، لم يكن حتى أكثر مشجعي برشلونة تفاؤلا ليتوقع أن يحقق فيلانوفا بداية ناجحة بهذا الشكل مع الفريق بعدما تمت ترقيته من منصب مساعد المدرب إلى المدرب الأول في حزيران/يونيو الماضي. فقد كانت مهمة إكمال ما بدأه سابقه بيب جوارديولا أمرا صعبا على فيلانوفا، بعدما قرر جوارديولا أخذ عطلة لمدة سنة عقب أربعة أعوام مذهلة مع برشلونة قاده خلالهم إلى إحراز 13 لقبا بخلاف إشادة العالم كله بمستوى أداء الفريق. وأعاد فيلانوفا إلى برشلونة شغفه وحيويته وطموحه بعد حالة الركود التي أصابت الفريق في الموسم الماضي وقرار جوارديولا بالرحيل. وكعادته كان فيلانوفا حذرا في تصريحاته وقلل من شأن ما فعله برشلونة أمام أتلتيكو أمس نافيا تماما أن يكون لقب الدوري الأسباني قد حسم. وقال: “لا أعتقد أنها مسابقة دوري مملة، أو أننا ننافس أنفسنا في هذه البطولة. فقد عانينا وبذلنا مجهودا هائلا لكي نفوز في العديد من المباريات”. وأضاف: “لم أتصور أن نجمع كل هذه النقاط بحلول كانون الأول/ديسمبر، ولكن الطريق مازال طويلا أمامنا. فلا يتأخر أتلتيكو عننا بأكثر من تسع نقاط، وجميعنا نعرف من التجارب السابقة أنه لا يمكن استبعاد ريال مدريد أبدا من السباق على اللقب”. كما وجه سيرخيو بوسكيتس لاعب خط وسط برشلونة رسالة تحذيرية مشابهة وقال: “لن يستسلم أتلتيكو أو ريال مدريد. نتقدم بفارق جيد ولكن نصف الموسم مازال أمامنا بأكمله”. وكان دييجو سيميوني مدرب أتلتيكو مدريد وصف مسابقة الدوري الأسباني الحالية بأنها “تتحول إلى مسابقة مملة. بذلنا ما في وسعنا الليلة، ولكنهم (برشلونة) ينافسون أنفسهم حقا في هذه البطولة”. بينما اعترف البرتغالي جوزيه مورينيو مدرب ريال مدريد عقب تعادل فريقه 2-2 أمام إسبانيول في وقت سابق من الأمس بأن إمكانية فوز فريقه بلقب الدوري الأسباني لهذا الموسم باتت “مستحيلة”. وتصدر تقدم برشلونة الكبير في صدارة الدوري الأسباني جميع الصحف الصادرة اليوم الاثنين في البلاد. فقد كتبت صحيفة “موندو ديبورتيفو” الكاتالونية في صدر صفحتها الرئيسية: “هذه البطولة سباق أحادي الطرف” بينما اعترفت صحيفة “ماركا” المدريدية أخيرا بأن “مسابقة الدوري أصبح لها فائز من الآن”. فيما جاء في العنوان الرئيسي لصحيفة “آس” المدريدية أن “برشلونة أصبح بمفرده تماما الآن”.