تقع مدينة صور الساحلية اللبنانية على شاطئ البحر الأبيض المتوسط وتبعد حوالي 83 كيلو عن العاصمة اللبنانية بيروت باتجاه الجنوب ويبلغ ارتفاعها عن سطح البحر حوالي 10م وتمتد على مساحة نحو 6.75 كيلومترات مربعة كما يبلغ عدد سكانها 151,000 نسمة تقريباً وتعتبر رابع أكبر مدينة في لبنان. وتعتبر صور واحدة من أشهر حواضر العالم عبر التاريخ من ناحية سيطرتها على التجارة البحرية وإنشائها للمستوطنات التجارية حول المتوسط ونشرها للعديد من الديانات في العالم القديم حيث كانت جزيرة في العصور القديمة وجرت فيها عدة تنقيبات أثرية من عهد الصليبيين والعرب والعثمانيين والإغريقيين والبيزنطيين واليونان والرومان والفينيقيين وبنتيجة هذه التنقيبات قامت منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة /الأونيسكو/ عام 1979م بإدراج مدينة صور على لائحة التراث العالمي. اشتهرت صور أيام الفينيقيين بصناعة الأنسجة المصبوغة باللون الأرجواني النادر والمستخرج من أصداف "الموريكس" البحرية التي تعرف بالإغريقية ب "فونيق" وأصبح في وقتها هذا اللون بفضل تميّزه وندرته اللون الملكي للأباطرة والملوك, هنا سُمِّي سكان صور في تلك الفترة ب"الفينيقيين" الذين شهدت صور في عهدهم ازدهاراً كبيراً بفضل صناعاتها المحلية التي كان من بينها صناعة الزجاج الشفاف وصباغ الأرجوان ووجود العديد من الآثار مثل الجرار الجنائزية والأنصاب والمجوهرات المختلفة التي تم العثور عليها في العام 1991م في مدفن المدينة الفينيقية والموجودة حالياً في خزائن مصرف لبنان بانتظار عرضها في أروقة المتحف الوطني اللبناني هي خير دليل على ذلك. فتحت جيوش المسلمين مدينة صور عام 634 لتعيش المدينة أبهى تألقها وازدهارها في ظل الخلفاء الأمويين والعباسيين حيث امتلأت أسواقها بأصناف البضائع من السجاد إلى الحلي الذهبية والفضية ونشطت فيها تجارة السكر والمصنوعات الزجاجية وعند وصول الفاطميين إلى الحكم في مصر وسيطرتهم الفعلية على مدن الساحل عرفت المدينة شيئاً من الاستقلال الذاتي في ظل حكم قضاتها من أسرة بني عقيل وثم سقطت في أيدي الصليبيين الذين تمكنوا من احتلالها في عام 1124 وظلت أسيرة الصليبيين حتى عام 1291 عندما استعادها المماليك إلى بدايات القرن السادس عشر حيث دخلت صور كباقي مدن المنطقة تحت سيطرة العثمانيين وبقيت على هذه الحال إلى أن أصبحت جزءاً من دولة لبنان الكبير بعد الحرب العالمية الأولى. وفي ما يتعلّق بالآثار الباقية في مدينة صور فإن مديرية الآثار في لبنان تقوم منذ نحو خمسين عاماً بحملات تنقيب واسعة في نطاق صور وفي محيطها بحثاً عن ما تختزنه أرض هذه المدينة وتاريخها حيث تم العثور على بقايا الحضارات متوزّعة في ثلاثة قطاعات من المدينة: القطاع الأول يحتل جزءا من الموقع الذي كانت تقوم عليه في ما مضى قلعة صور البحرية ويشمل على مجمعات واسعة من الأحياء السكنية والحمامات العامة وحوض سباحة روماني مستطيل وحمّامات رومانية والمجمعات الرياضية والمباني السكنية الشوارع ذات الأروقة وذات الأرضية المرصوفة بالفسيفساء وأحجار كبيرة تعود تلك المنشآت بمجملها إلى العصور الرومانية والبيزنطية إضافة إلى بعض بقايا أرصفة المرفأ الفينيقي الجنوبي التي ما تزال منتشرة قرب الشاطئ. // يتبع //