كانت حياكة الحرير في لبنان تمثل قطاعا إقتصاديا حيويا تتنافس على صناعته وتصديره المدن اللبنانية لأكثر من 2500 عاما حيث كان الحرير اللبناني الإرجواني سمة السلطة والثراء للملوك والأباطرة والطبقات الإرستقراطية في أوروبا والشرق الأوسط لكن هذه الصناعة شهدت في الفترات الاخيرة تراجعا كبيرا منذ بداية القرن العشرين . وقد أجرت وكالة الأنباء السعودية استطلاعا عن صناعة الحرير في لبنان التقتت من خلاله مع أحد الحرفيين اللبنايين الذي مازال يمارس هذه الحرفة التقليدية اليوم وهو ميشال سلموني معمر يبلغ من العمر 87 عاما ويعمل في حياكة الحرير منذ أكثر من 72 عاما في السوق العتيق ببلدة الزوق اللبنانية والذي مازال يمتلك في عهدته رزمة من خيوط الحرير اللبناني الإرجواني الطبيعي الذي يبلغ عمرها اكثر من 70 عاما اذ انها اول رزمة يقوم بحياكتها عند بداية التحاقه بهذه المهنة . يقول سلموني أنه فخور بهذه الصنعة الحرة فهي متوارثة في عائلته لأجيال بعيدة تعلمها هو من والده الذي نقلها بدوره من جده لافتا الى أنه بدء العمل بها فعليا عندما كان عمره 15 عاما وذلك سنة 1939م مع إنطلاقة الحرب العالمية الثانية . ويشير سلموني الى أن حياكة الحرير تطلب الصبر والجهد الكبيرين في آن وتتطلب عدة أشهر فقط لحياكة عباءة حريرية واحدة فخيط الحرير رفيع جدا وذلك مما يجعل إنتاج قطعة قماشية حريرية عملية مضنية للحرفي. ويذكر سلموني أنه في الماضي كان معظم الإنتاج اللبناني من الحرير يعد للتصدير الى الخارج لاسيما الى أوروبا والدول العربية وسوريا على وجه الخصوص الذين كانوا يشترون الأقمشة الحريرية ليس فقط من أجل الثياب النسائية بل من أجل أثاث منازلهم وقصورهم . ويلفت سلموني الى أن حياكة الحرير في لبنان مرت بعدة حقبات ففي زمن أبائه وأجداده كانت حياكة الحرير في لبنان ترتكز على الحرير اللبناني الطبيعي المستخرج من شرانق دودة القز التي كانت يربيها المزارعون اللبنانيون على أوارق شجرة التوت معتبرا أن تلك الشجرة كانت الأساس في تلك الصناعة الحرفية. أما اليوم يرى سلموني أن حياكة الحرير في لبنان تواجه الإنقراض الحتمي ويرجع ذلك الى عدة أسباب أدت الى تدهورها الى هذه الحال لعل أبرزها الحرب العالمية الأولى فسلموني يرى نقلا عن والده أن قبل تلك الحرب كان في بلدة الزوق وحدها 200 حائك للحرير لكن مع إندلاع الحرب والتي رافقتها هجوم شرس لحشرة الجراد التي قضت على معظم الأشجار وأدت الى مجاعة كبرى في لبنان مات وهاجر الكثيرون من اللبنانيين ولاسيما اليد المتخصصة في حياكة الحرير وتربية دودة القز وزراعة شجرة التوت. وتابع سلموني أن بعد تلك الحرب توجه الكثير من المزارعين الى زراعة أنواع أخرى من الأشجار المثمرة لاسيما الفواكه كما ان الزحف العمراني لعب دورا سلبيا بتشديد الخناق على المساحات التي كانت تستغل لزراعة التوت فكل تلك العوامل أدت الى خسائر فادحة على إنتاج الحرير اللبناني الطبيعي وعلى حياكة الحرير. // يتبع //