عاد الجدل بقوة في الآونة الأخيرة بشأن نية فرنسا المعلنة إطلاق اتحاد متوسطي خلال فترة توليها الرئاسة الدورية الاوروبية مطلع شهر يوليو القادم والسعي لإقامة إطار تعاون جديد بين دول الضفة الجنوبية في المتوسط ودول التكتل الأوروبي. وفيما ضل المشروع وتفاصليه وحيثيته غامضا نسبيا فقد جوبهت الخطة الفرنسية ببعض التحفظ من قبل العديد من الدول والأوساط الاوروبية وفي بعض الاحيان بالرفض التام. ولكن هذا التحفظ لم يمنع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي طوال الفترة القليلة الماضية من الاستمرار عبر اتصالات متعددة الاتجاهات لفرض إرساء هذا الاطار الجديد من التعاون وإعادة فرنسا لمحور التحرك الاقليمي المتوسطي . وحسب آخر المستجدات المحيطة بالخطة الفرنسية فان فرنسا قررت الدعوة الى قمة خاصة في العاصمة الفرنسية باريس لاطلاق هذا المشروع . ويبدو التطور الوحيد المسجل في الآونة الأخيرة هو توجه باريس بالامتناع عن توجيه دعوات رسمية لحضور القمة الاوروبية المتوسطية المشار اليها لعدد من الدول الاوروبية التي أبدت تحفظا او معارضة للمشروع الفرنسي وفي مقدمتها المانيا. وتتحرك الدبلوماسية الالمانية بقوة هذه الايام لاحباط المشروع الفرنسي وترى فيها محاولة واضحة من قبل باريس لقلب معادلة القوة الاوروبية لصالحها بعد ان تمكنت برلين من الهيمنة شبه المطلقة على المقدرات الاقتصادية والسياسية لدول شرق القارة. ويخشى الدبلوماسيون من ان يتحول المشروع الفرنسي الى نقطة مواجهة فرنسية المانية باتت تتفاعل تدريجيا ومن شأنها اضافة عنصر من انعدام الثقة بين باريس وبرلين وما يحمله ذلك من تداعيات على آليات التنسيق الاوروبي. وحذرت المستشارة الالمانية انجيلا ميركيل بشكل رسمي من ان خطة الرئيس ساركوزي المتوسطية من شأنها إحداث انقسامات خطيرة داخل التكتل الاوروبي. وفيما تمكن ساركوزي منذ اسابيع فقط من جر ايطاليا واسبانيا الى خطته المتوسطية فقد حرصت المستشارة الالمانية بدورها على ثني مدريد عن التوجه الفرنسي وقامت بزيارة لهذا الغرض للعاصمة الاسبانية بداية الشهر الجاري. واجرى جان بيار جوييه وزير الدولة الفرنسية للشؤون الاوروبية عدة اتصالات في بروكسل الاسبوع الماضي بهدف شرح الخطة الفرنسية ولكنه أقر بأنها قد تثير حساسيات فعلية بين الدول الأعضاء . وحمل الوزير الفرنسي مستشار الرئيس ساركوزي الخاص هنري غيونو بأنه وراء الفكرة. //يتبع// 2146 ت م