اُختتمت في مدينة جنيف أعمال الدورة الثانية والخمسين لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة؛ والتي امتدت أعمالها قرابة شهر وذلك باعتماد مجموعة من القرارات ذات الصلة ببنود أعمال المجلس، كما بحثت الدورة عددًا من الموضوعات المدرجة على جدول أعمالها، حيث مثل المملكة في الجزء رفيع المستوى وفدٌ برئاسة معالي رئيس هيئة حقوق الإنسان الدكتورة هلا بنت مزيد التويجري، ومشاركة عدد من رؤساء الدول والوزراء. وشهدت مشاركة المملكة على مدى شهر كامل نشاطًا مكثفًا، حيث رأست معالي الدكتورة أعمال المجلس عبر رئاستها لوفد المملكة في الجزء رفيع المستوى، بمشاركة معالي مساعد رئيس هيئة حقوق الإنسان الدكتور هشام بن عبدالرحمن آل الشيخ في الاجتماعات اللاحقة من الدورة، كما شاركت المملكة خلال الدورة بعدة بيانات تشمل العديد من الموضوعات المدرجة على بنود أعمال المجلس ومن أبرزها الحق في التنمية، والحق في السكن، والحق في الغذاء، وحقوق الأطفال، والحق في بيئة آمنة وصحية ونظيفة ومستدامة، وحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وحرية الدين والمعتقد، إضافة إلى مشاركتها مع عدد من المجموعات في بيانات مشتركة حيال عددٍ من الموضوعات مثل عقوبة الإعدام، وتعزيز وحماية حقوق الإنسان في سياق مكافحة الإرهاب. وألقت معالي رئيس هيئة حقوق الإنسان كلمة أكدت خلالها أن تعزيز وحماية حقوق الإنسان تقتضي بذل جهود حثيثة ومستمرة، وتحقيق تحولاتٍ على أرض الواقع؛ وأن المملكة تشهد تحولات تاريخية تمثلت في الكثير من الإصلاحات والتطورات في مختلف ميادين حقوق الإنسان، نتيجة لرؤيتها 2030؛ والتي يعتبر الإنسان محورها. وذكرت أن المملكة عملت على تطوير منظومتها التشريعية من خلال إصدار وتعديل العديد من التشريعات، التي شملت نظام الإثبات ونظام الأحوال الشخصية، ويجري العمل حالياً على إعداد مشروعي نظام العقوبات، ونظام المعاملات المدنية، كما أشارت إلى إطلاق مبادرة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز -حفظه الله-، لحماية الأطفال في العالم السيبراني بهدف مواجهة التهديدات السيبرانية المتزايد التي تستهدف الأطفال، وصدور السياسة الوطنية لمنع عمل الأطفال بهدف توفير بيئة آمنة لهم. وفي سياق الحق في بيئة سليمة، أشارت التويجري خلال كلمتها إلى إطلاق المملكة لمبادرتي "السعودية الخضراء" و"الشرق الأوسط الأخضر " ضمن سعيها لتعزيز شراكتها إقليميًا ودوليًا في مواجهة التحديات البيئية والتغلب عليها، كما استعرضت التطورات المتحققة في مجال تمكين المرأة، والمتمثلة في ارتفاع حصتها في سوق العمل خلال الفترة من 2017 وحتى 2022 من 21.2% إلى 34.7%، وزيادة معدل مشاركتها الاقتصادية خلال الفترة ذاتها من 17% إلى 37 %، وارتفاع نسبة تمثيلها في المناصب الإدارية (العليا والمتوسطة) خلال الفترة من 2017 إلى 2021 من 28,6% إلى 39%. وأوضحت أن المملكة لم تدخر جهدًا في دعم القضايا الإنسانية، معربةً عن إدانة واستنكار المملكة لقيام عدد من المتطرفين بإحراق وتمزيق نسخ من المصحف الشريف في عدد من الدول الأوروبية، مؤكدةً ضرورة التقيد بالمبادئ والأحكام التي نصت عليها المعايير الدولية لحقوق الإنسان، والتي تحظر أي دعوة إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية تشكل تحريضًا على التمييز أو العداوة أو العنف. وأكدت في كلمتها أمام المجلس، أن المملكة عازمةً على مواصلة تعزيز وحماية حقوق الإنسان انطلاقًا من قيمها الراسخة، وإرادة قيادتها التي تقدّم الإنسان على كل اعتبار، وتأكيدها على أهميّة احترام التنوُّع الثقافي والمساواة بين الشعوب في ضوء الصكوك والمواثيق الدوليّة، داعيةً مجلس حقوق الإنسان إلى القيام بمسؤولياته تجاه تحسين أوضاع حقوق الإنسان في العالم، في جوٍ من الحوار البناء، والالتزام بالشفافيّة والموضوعية، وتعزيز ثقافة التسامُح وضرورة إعطاء جميع حقوق الإنسان القدر ذاته من الاهتمام، بحيث لا يتم التركيز على حقوق على حساب أخرى، إعمالًا لمبدأ تكاملية حقوق الإنسان وعدم قابليتها للتجزئة. يذكر أن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة يعقد ما لا يقل عن ثلاث دورات عادية في السنة تمتد كل دورة منها عشرة أسابيع بحسب جداول أعمال المجلس، ويعد مجلس حقوق الإنسان الهيئة الحكومية الدولية الرئيسة في الأممالمتحدة التي تضطلع بالمسؤولية عن تعزيز وحماية حقوق الإنسان.