أيقونة معرفية ولوحة إرشادية، تتجسد في تصميم معماري مستوحى من الأصالة وعبق التاريخ، في تجربة ملهمة تقتبس تفاصيل المكان وتختزل القصص والأحداث وتعكسها في قالب بصري وتفاعلي، يعيش تفاصيلها زوار مركز هيئة التراث بقرية ذي عين الأثرية بمحافظة المخواة بمنطقة الباحة، ليكون موقعاً تراثياً ثقافياً يسلط الضوء على عناصر التراث المادية وغير المادية ويعطي المعلومات اللازمة للتوجيه والتجول والاكتشاف. وتستقبل وجهة الجذب وعتبة المصافحة والترحاب، الزائرين بصورة بانورامية عن الباحة وتاريخها ومكوناتها بشكل عام، وعن قرية ذي عين بشكل مركز بكل ما تحتويه من حضارة تاريخية وفرادة ساحرة وعبقرية في البناء والتنظيم، في مساحة تعيد تعريف المواقع التراثية وتمزجها بالمعلومات لتتحول إلى ممارسة ثقافية ومعرفية، معززةً قيمة المكان والتاريخ والموروث وأهمية المحافظة عليه والعناية به. ويروي المركز تذكرة عبور حكاية الأجداد وحضور في مستودع الأيام من خلال مظهره الذي استلهمه من هوية المنطقة المعمارية في البناء بالحجارة، موظفاً النقوش على الأبواب والنوافذ في الديكور والتصاميم، ليمنح اتساعاً للألوان والخطوط المستلهمة من الأرض وعبق المكان على مدى الرؤية وتشكيل المشهد، محققةً بذلك هيئة التراث انسجاماً ونموذجاً حديثاً على إمكانية البناء والامتداد على أثر الماضي كما لو أن المسافة الفاصلة بين الأجيال تتلاشى وتختفي، وكذلك تسجل طريقة جديدة في استثمار الموروث. ويقسم مركز الزوار بقرية ذي عين، بطريقة لافتة في توزيع المساحة على مجموعة من العناصر التي تشكل خصوصية وهوية منطقة الباحة، بداية من الاستقبال الذي يحقق فرصة التعريف بتاريخ منطقة الباحة منذ عصور ما قبل التاريخ الموغلة في القدم وحتى العصر الحديث، ثم يذهب الزائر إلى الموجودات الأثرية التي يعود تاريخها إلى العصور الحجرية عبر شواهد حضارية على تلك الفترة الزمنية، ليؤكد أن منطقة الباحة لم تكن بمعزل عن النشاط السكاني والحركة الاقتصادية بالجزيرة العربية في عصور ما قبل الإسلام، وذلك بفضل تواجدها على طريق التجارة القديم، وكونها معبراً طبيعياً للباحثين عن الصيد والباحثين عن الغذاء. كما يقدم مركز الزوار بقرية ذي عين في قاعة الاستقبال، سرداً تفصيلياً حول قرية ذي عين من معلومات إثرائية تحكي تاريخ القرية والباحة وحضارتهما، من خلال فصول تتنقل في الزمن والأجيال لتستعرض مكونات القرية وتبتكر نافذة على النشأة والتاريخ ومواد البناء المستخدمة في عمارة القرية، وقسم آخر إبداعي ينقل الزوار إلى بعد بصري يمزج الخطوط بالألوان في ركن العناصر الزخرفية، ويليها قسم يحقق إطلالة من الحاضر على المستقبل لمنطقة الباحة وقرية ذي عين، وبعد ذلك تعمق في التفاصيل من التضاريس والمناخ والمكونات الطبيعية والمنتجات الزراعية، وصولاً إلى التراث غير المادي سواء الأكلات الشعبية أو الحرف والصناعات اليدوية أو الفنون الأدائية، ومن ثم بمنطقة التصوير وما تتضمنه من أنشطه وفعاليات وركن لالتقاط الصور التذكارية، وختاماً منطقة الأطفال التي تجمع بين التعليم والترفيه بوجود جداريات إثرائية ومعلومات تعريفية. ويحضر المركز هذه المرة عبر شراكة هيئة التراث مع أمارة منطقة الباحة في مركز الزوار بقرية ذي عين، ليكون افتتاحية المكان وكبسولة عن المدينة والإنسان، في تراث وتاريخ وماضٍ تعيش في الحاضر واليوم واللحظة، ومعلومات ومعرفة وتفاصيل وثراء وحضارة تقف لاستقبال الزائر؛ ليذهب إلى الدهشة ويتجول في العبق وهو يمتلك تصوراً أولياً عن ما يذهب إليه وما سيتذكره ويحتفظ به، لأنه وإن كانت القرية ذي عين فإن المركز بصيرة تاريخية وثقافية. وتسعى هيئة التراث من تشغيل المركز، إلى المواءمة مع مستهدفات رؤية 2030م؛ لتقديم التراث بصورة جاذبة للزوار من مختلف الجنسيات، والمحافظة عليها كمكتسبات تاريخية وحضارية للمملكة، إلى جانب تحسين تجربة الزوار لقرية ذي عين التراثية .