أكد رئيس جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية "كاوست" البروفيسور توني تشان، أن تقنية الذكاء الاصطناعي أسهمت بشكل فاعل في تطوير قطاعات الصناعة والابتكار والصحة والبنى التحتية، وأسهمت بدور حيوي في مواجهة وحل الكثير من التحديات، مجملاً ذلك بأن هذه التقنية باتت أكثر أهمية في وقتنا الحاضر لخدمة الإنسان. وذكر على سبيل المثال دور الذكاء الاصطناعي على الصعيد الطبي إذ ساعدت تقنية ذاكرة (LSTM) على التنبؤ بمخاطر أمراض القلب والأوعية الدموية، واكتشاف فيروس كورونا من خلال صور الأشعة السينية والأشعة المقطعية، مشيراً في النطاق إلى جهود "كاوست" في تطوير أول نظام آلي يعتمد على الذكاء الاصطناعي لتشخيص الإصابة بفيروس كورونا. وخلال مشاركته في جلسات القمة العالمية للذكاء الاصطناعي في نسختها الثانية، التي تنظمها الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي "سدايا " حالياً في الرياض، تحدث عن الفرص غير المستغلة بين الذكاء الاصطناعي والعلوم والتربية والتعليم وشخّصها ب"واحدة من عدة مفارقات في جيلنا"، فمن الواقع المعاش نلحظ الجهود المبذولة لجمع العلوم والمعارف وتطوير تقنيات تعلمها حتى أن بعض طلاب المدارس الابتدائية اليوم لديهم معارف وإلمام بالرياضيات والعلوم والتقنية أكثر من خريجي الجامعات في العقود الماضية، كما جرى تطوير قطاعات الاقتصاد والصحة بصورة أكثر تخصصاً، وباتت التقنيات المتقدمة جزءاً من حياتنا المعاصرة، في حين يقابل ذلك ما نواجه من تحديات مستعصية تواجه العالم جميعاً الأمر الذي يفرض تضافراً دولياً خاصة في القضايا المشتركة التي نعيشها مثل تغير المناخ والتحولات في مصادر الطاقة وندرة الغذاء ومهددات البيئة والصحة والأمن السيبراني وغيرها. واستدل رئيس "كاوست" على ذلك بعدم قدرة المجتمع الدولي على تحقيق أهداف الأممالمتحدة للتنمية المستدامة في خفض نسبة الفقر إلى النصف وإنهاء المجاعات وضمان تقديم تعليم مجاني للأطفال العالم، والحفاظ على الطاقة والمياه والموارد المعدنية واستخدامها على نحو مستدام، فضلاً عن المهددات المشتركة لمقومات الحياة على سطح الأرض والبيئات البحرية والغلاف الجوي. وعن قدرة الذكاء الاصطناعي والروبوتات في تحقيق هذه الأهداف، قال البروفيسور توني تشان: "جزء من الإجابة عن هذا السؤال يتعلق بقدرة مؤسسة بحثية مثل جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست) على أن تكون شريكاً حقيقياً للمملكة والعالم في مواجهة تحدياتنا العالمية، وفي الجامعة ضمن مبادرة الذكاء الاصطناعي نستخدم فضاء AI + X ، فمن خلاله يمكننا إدراك قوة الذكاء الاصطناعي في حل المشكلات العالمية المتعلقة بأهداف الأممالمتحدة للتنمية المستدامة، وعمل رئيس المبادرة البروفيسور يورغن شميدهوبر، على تطوير الذاكرة قصيرة المدى (LSTM) وهي تقنية أسهمت بشكل كبير في تطوير الذكاء الاصطناعي وتحسينه، وبالفعل، أدى تدريبه المسبق للشبكات العصبية المتكررة العميقة (NNs) إلى أول تجربة قائمة على التدرج لتقنية التعليم العميق". وبيّن أن تطبيقات ذاكرة (LSTM) تسهم اليوم في تقنيات التعرف على الكلام، والتعرف على الأنماط المرئية، والتصوير الطبي، والترجمة الآلية، والمساعد الآلي في الهواتف الذكية والعديد من التطبيقات الأخرى حيث سيكون لها تأثير على الهدف التاسع من أهداف التنمية المستدامة المعني ب (الصناعة والابتكار والبنية التحتية) من خلال تحسين الابتكارات في قطاع الصناعة والأتمتة والبنية التحتية. وفي ما يتعلق بالهدف الثالث من أهداف التنمية المستدامة (الصحة الجيدة والرفاه)، تُقدم تقنية ذاكرة (LSTM) تطبيقات تحويلية للتنبؤ بمخاطر أمراض القلب والأوعية الدموية، واكتشاف فيروس كورونا من صور الأشعة السينية والأشعة المقطعية، كما طوّر أحد أعضاء هيئة التدريس بجامعة "كاوست" البروفيسور زين غاو، أول نظام آلي بالكامل قائم على الذكاء الاصطناعي لتشخيص الإصابة بفيروس كورونا (كوفيد-19) من صور الأشعة المقطعية وتقنيات التجزئة والقياس الكمي، كما جرى استخدام نفس تقنية الذكاء الاصطناعي في التقييم الإشعاعي لسرطان الثدي. وشرح رئيس "كاوست" تأثير هذه التقنية على الهدف الثاني من أهداف التنمية المستدامة (القضاء التام على الجوع) عبر تطوير تطبيقات ذكية تساعد على التنبؤ بزراعة الأرز، إلى جانب مجموعة واسعة من التنبؤات البيئية التي من شأنها تحسين الإنتاج الزراعي. كما أكد أن جامعة "كاوست" تسعى إلى جانب تعميم تطبيقات الذكاء الاصطناعي، على تحسين أفكار ومفاهيم الذكاء الاصطناعي من خلال التطبيقات نفسها، وكانت سباقة دفع آفاق الحدود المعرفية والبحثية في قطاعات الطاقة والغذاء والبيئة والصحة وغيرها، إلى جانب ما تمتلكه من بيانات هائلة كمخرج للعديد من القياسات والتجارب والدراسات واسعة النطاق مثل البيانات المتعلقة بقطاع الصحة. وقال: "البيانات اليوم هي النفط الجديد، خاصة مجموعات البيانات الفريدة والشاملة التي يمكن استخدامها في تحسين أفكار ومفاهيم الذكاء الاصطناعي، ويمكن أن أستشهد هنا بمبادرة أطلقناها في إطار مبادرة الصحة الذكية في كاوست تهدف إلى معالجة الأمراض أحادية الجين في المملكة العربية السعودية (أي التي يسببها جين واحد)، هذا العمل هو تعاون بين كاوست ومستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث، والفكرة تقوم على تسخير البيانات الضخمة التي تشمل الجينوم، وقراءات أجهزة الاستشعار، والتاريخ الاجتماعي والسلوكي والبيئي والعائلي وغيرها. وبين أن منهج استخدام تقنية تعليم الآلة لفهم وإنشاء طرق تشخيص وعلاج مخصصة ودقيقة للأمراض أحادية الجينات سيؤثر بصورة إيجابية في مجال الرعاية الصحية في المملكة وخارجها، في حين أن توافر قاعدة بيانات واسعة مع القدرة على تأكيد التشخيصات أو النتائج سيسمح لكاوست بالتحسين المستمر للخوارزميات. وتطرق رئيس جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية عن مبادرة الصحة الذكية بكاوست إذ تسهم في الدراسات والأبحاث التي تربط العلوم الأساسية لوظيفة الدماغ البشري بالذكاء الاصطناعي. وأشار إلى اهتمام "كاوست" بمجال الروبوتات وأنظمة الأتمتة والتحكم الذاتي، لاسيما وأنها ركيزة في تطبيقات الاستشعار البيئي وحماية البيئة والحفاظ عليها، مثل أن توضع أجهزة استشعار تحت الماء في البحر الأحمر ( كاميرات، شبكة اتصالات، وحدات معالجة للبيانات) للمراقبة واكتشاف مهددات البيئة البحرية، الأمر الذي سيوفر على الجامعة وشركائها في مختلف المؤسسات ونيوم ومشروع البحر الأحمر من حماية البيئة . وأكد البروفيسور توني تشان أن "كاوست" بقدر ما تسعى إلى تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي للأغراض المشتركة للحياة فإن تعليمه للطلبة من أولوياتها.