حذّر الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط من خطورة الوضع الحالي في ليبيا ، والمرشح للاشتعال بشكل أكثر خطورة، موضحا أن الأمر يستلزم معالجة عربية أكثر قوة، وإرادة سياسية صادقة تجتمع عليها جميع الدول الأعضاء دون استثناء لتمكين الجامعة من الاضطلاع بمسؤولياتها كاملة، والحفاظ على البلاد من التدخلات والأطماع الأجنبية، ومن ثم إخراجها من دوامة الاقتتال والانشقاق والاضطراب بالشكل الذي يستحقه وينشده الشعب الليبي. وقال أبو الغيط في كلمته أمام اجتماع مجلس الجامعة العربية الذي بدأ أعماله اليوم على المستوى الوزاري في دورته غير العادية عبر تقنية الفيديو كونفرنس، برئاسة الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية بسلطنة عمان يوسف بن علوي لبحث تطورات الأوضاع في ليبيا ، إن اجتماع اليوم يأتي وليبيا تمر بمنعطف خطير للغاية في مسار الصراع الذي يمزق هذا البلد العربي المهم ، الذي باتت تطوراته تبعد كل البعد عن هدف التسوية السلمية المتكاملة للوضع في البلاد، وتمثل أبعاده تهديداً لسلامة ووحدة أراضي الدولة الليبية وأمن واستقرار دول الجوار المباشر ومنظومة الأمن القومي العربي ككل. وأضاف: لقد تابعنا بقدر بالغ من القلق والاستنكار، التدويل المتزايد المرفوض للأزمة الليبية، مع تفاقم التدخلات العسكرية الأجنبية المكشوفة في الصراع، والخروقات المتكررة والمعلنة لحظر السلاح على جميع الاتجاهات، والاستقدام المنهجي للمرتزقة والمقاتلين الأجانب إلى ساحة المعركة وهو ما جعل من ليبيا مسرحاً آخر – وبامتياز – للتدخل الخارجي والاستهداف الإقليمي لإحدى الدول الأعضاء في جامعتنا العربية. وأكد " أبوالغيط " تمسك الجامعة بالحفاظ على سيادة واستقلال دولة ليبيا وسلامة أراضيها ووحدتها الوطنية على طول الخط، مشدداً على الرفض لأية أصوات – داخل البلاد أو خارجها – تدعو إلى الانشقاق أو الافتراق، وأية مخططات – محلية كانت أم أجنبية – لتقسيم البلاد إلى مناطق نفوذ وإحداث شرخ دائم في النسيج المجتمعي الليبي. وجدد الأمين العام للجامعة العربية إدانته لجميع أشكال التدخلات العسكرية الأجنبية في هذا البلد العربي، مؤكداً أن قرارات مجلس الجامعة واضحة وثابتة في هذا الخصوص، وهي أكثر وضوحاً فيما يخص التدخلات الإقليمية الأوسع في الشؤون الداخلية للدول العربية؛ والرفض المطلق لأية حلول عسكرية للوضع الليبي، لكون الخيار العسكري لن يحقق اي انتصاراً لأي طرف، ولن يحقق العمل العسكري سلاماً أو يُرسي استقراراً على كامل التراب الليبي. وأوضح " أبو الغيط " أنه لا سبيل سوى الحل السياسي الشامل لتسوية الأزمة الليبية بجميع جوانبها، وبشكل يعالج جذور الأسباب التي ساهمت في إذكاء الصراع وتعميق الخلاف وذلك عبر عملية سياسية جامعة، بمساراتها الأمنية والسياسية والاقتصادية، تحت الرعاية الأصيلة للأمم المتحدة، على النحو الذي تؤكد عليه قرارات الجامعة، وتوافقت عليه الأطراف المشاركة في مسار برلين، واعتمده مجلس الأمن. ولفت الأمين العام للجامعة الانتباه إلى إن الهدف المباشر الذي يجب أن نسعى إليه، كما سعينا دائماً منذ أبريل 2019 ، هو إيقاف القتال وخفض حالة التصعيد العسكري الخطيرة في الميدان، والتوصل إلى تهدئة فورية على جميع خطوط المواجهة وخاصة حول سرت، ومن ثم تمكين الأطراف الليبية من تجديد انخراطها في مفاوضات اللجنة العسكرية المشتركة التي ترعاها البعثة الأممية للوصول إلى اتفاق رسمي وشامل ودائم لوقف إطلاق النار في كافة أرجاء البلاد. وأشار إلى أن أية ترتيبات لوقف إطلاق النار لن تنجح أو تصمد طويلاً على الأرض ما لم تكن مصحوبة بالتزامات وأحكام واضحة لإخراج المرتزقة والمقاتلين الأجانب من البلاد، وتفكيك وتسريح الميليشيات المسلحة التي تعمل كلها خارج سلطة الدولة، والحيلولة دون استمرار التدخلات العسكرية الأجنبية التي لا تهدف إلا لتحقيق أطماع ومصالح القائمين عليها. وثمن " أبو الغيط " عالياً أي جهد، وبالذات عندما يكون عربياً، لاستئناف الحوار السياسي الجاد بين الأشقاء الليبيين، طالما أن ذلك يرتكز على إطلاق عملية سياسية وطنية خالصة، يقودها الليبيون أنفسهم، وترعاها الأممالمتحدة؛ منوها بأن هناك مقترحات بناءة ومفصلة تضمنها إعلان القاهرة، الذي لقي ترحيباً عربياً وإقليمياً ودولياً واسعاً؛ وهناك إسهام مقدر يتم عبر آليتي دول الجوار الثلاثية والموسعة؛ مبيناً أن الجامعة العربية نفسها قطعت شوطاً طويلاً في عملها المتناسق والتكاملي ضمن المجموعة الرباعية مع الأممالمتحدة والاتحادين الأوروبي والأفريقي، وتتولى الجامعة حالياً الرئاسة المشتركة للجنة المتابعة الدولية التي تعمل على تأمين الالتزام بخلاصات مؤتمر برلين ووحدة الجهود الدولية دعماً للسلام في ليبيا ومساندةُ لعمل البعثة الأممية.