رؤيتنا تسابق الزمن    ضبط (19328) مخالفاً لأنظمة الإقامة والعمل خلال أسبوع    أمطار رعدية ورياح نشطة على عدة مناطق في المملكة    "الرياض" ضيف شرف معرض بوينس آيرس الدولي للكتاب    وزير التعليم يرفع التهنئة للقيادة بما تحقق من منجزات تعليمية    وزارة التعليم تستعرض منصاتها في معرض تونس الدولي للكتاب 2025    بيان مشترك لوزير المالية ومدير عام صندوق النقد الدولي ورئيس مجموعة البنك الدولي بشأن سوريا    أبها تتغطى بغطاءها البنفسجي    تركي بن محمد بن فهد يرفع التهنئة للقيادة بمناسبة ما تحقق من إنجازات في مسيرة رؤية المملكة 2030 بعامها التاسع    ريال مدريد ينتقد اختيار الحكم الذي سيدير نهائي كأس إسبانيا    مواقع أجنبية: الهلال يبعث برسالة تهديد لرونالدو    وزير الصحة: تطبيق نموذج الرعاية الصحية الحديث أسهم في رفع متوسط عمر الإنسان في المملكة إلى 78.8 عامًا    زيلينسكي: أوكرانيا تريد ضمانات أمنية أمريكية كتلك التي تمنحها لإسرائيل    وزير "البيئة" يرفع التهنئة للقيادة بمناسبة صدور التقرير السنوي لرؤية المملكة وما تضمنه من إنجازات    مجلس الأعمال السعودي - الأمريكي يستضيف فعالية تواصل استثمارية رفيعة المستوى    للمرة الثالثة على التوالي ..الخليج بطلاً لممتاز كبار اليد    بيراميدز يحقق ما عجز عنه الأهلي    الرئيس التونسي يزور جناح جامعة نايف بمعرض تونس للكتاب ويشيد بجهودها في تعزيز الأمن العربي    «أماني» تحصد الدكتوراه برسالة متميزة    القبض على باكستانيين في المنطقة الشرقية لترويجهما «الشبو»    محمد العرفج يُفجع بوفاة والدته    الاتحاد السعودي للطيران الشراعي يُقيم معسكرًا لفئة النخبة    نائب أمير تبوك: رؤية المملكة 2030 حققت قفزات نوعية وإنجازات    عام 2024 يُسرع خُطى الرؤية السعودية ويسجّل إنجازات استثنائية    بلدية محافظة ضرية تطرح 8 فرص استثمارية    موعد مباراة الهلال في نصف نهائي دوري أبطال آسيا للنخبة    أمير منطقة جازان يرفع التهنئة للقيادة بما حققته رؤية المملكة من منجزات في الأعوام التسعة الماضية    ثانوية الأمير عبدالمحسن تحصد جائزة حمدان بن راشد    قطاع بارق الصحي يُنفّذ مبادرة "صحة الفم والأسنان"    مستشفى خميس مشيط للولادة والأطفال يُقيم فعالية "متلازمة داون"    مستشفى أحد رفيدة يُنفّذ "اليوم العالمي للتوحد"    "عبيّة".. مركبة تحمل المجد والإسعاف في آنٍ واحد    مدرب الأهلي: جماهيرنا سندنا لتخطي بوريرام التايلندي    الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف يلتقي مديري عموم الفروع    غدًا.. انطلاق أكبر فعالية مشي في المملكة «امش 30»    في الدمام ( حرفتنا حياة ) ضمن مبادرات عام الحرف اليدوية 2025    "حديث المكتبة" يستضيف مصطفى الفقي في أمسية فكرية عن مكتبة الإسكندرية    إمام المسجد الحرام: الإيمان والعبادة أساسا عمارة الأرض والتقدم الحقيقي للأمم    إمام الحرم النبوي: حفظ الحقوق واجب شرعي والإفلاس الحقيقي هو التعدي على الخلق وظلمهم    تنفيذ ورشة عمل لاستعراض الخطط التنفيذية للإدارات في جازان    بيولي: هدفنا الآسيوية وجاهزون ليوكوهاما    هيئة تطوير وتعمير المناطق الجبلية بجازان تستعرض مشروع زراعة أشجار الصندل في "أسبوع البيئة 2025"    مبادرة لرعاية المواهب السعودية في قطاع الجمال    الشيخ صلاح البدير يؤم المصلين في جامع السلطان محمد تكروفان الأعظم بالمالديف    تقلص الجليد القطبي    مخاطر في الذكاء الاصطناعي    خشونة الورك: الأسباب.. التشخيص.. العلاج.. الوقاية    محافظ صبيا يشيد بجهود رئيس مركز العالية ويكرمه بمناسبة انتهاء فترة عمله    محافظ صبيا يكرم رئيس مركز قوز الجعافرة بمناسبة انتهاء فترة عمله    رئيس نادي الثقافة والفنون بصبيا يكرّم رئيس بلدية المحافظة لتعاونه المثمر    بلدية صبيا تدعو للمشاركة في مسيرة المشي ضمن مبادرة #امش_30    ذكاء اصطناعي للكشف عن حسابات الأطفال في Instagram    بناءً على توجيهات ولي العهد..دعم توسعات جامعة الفيصل المستقبلية لتكون ضمن المشاريع الوطنية في الرياض    أكدا على أهمية العمل البرلماني المشترك .. رئيس «الشورى»ونائبه يبحثان تعزيز العلاقات مع قطر وألمانيا    لبنان.. الانتخابات البلدية في الجنوب والنبطية 24 مايو    ملك الأردن يصل جدة    10 شهداء حرقًا ووفاة 40 % من مرضى الكلى.. والأونروا تحذّر.. الاحتلال يتوسع في جرائم إبادة غزة بالنار والمرض والجوع        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خطبتا الجمعة من المسجد الحرام و المسجد النبوي

أوصى فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور ماهر بن حمد المعيقلي، المسلمين بتقوى الله في السر والعلن التي هي وصية الله للأولين والآخِرين، ﴿ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ﴾.
وقال في الخطبة الجمعة التي القاها اليوم : الرحمة صفةٌ من صفات ربنا الكريم، كتبها سبحانه على نفسِه، فوسع بها كل شيء، وعم بها كل حي، فهو الرحمن الرحيم، وأرحم الراحمين، يداه مبسوطتان آناء الليل وأطراف النهار، يوالي على عباده بنعمه، وعطاؤه أحب إليه من منعه، ورحمته جل جلاله غلبت غضبه، وفي الصحيحين، قال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (( لَمَّا قَضَى اللَّهُ الْخَلْقَ كَتَبَ عِنْدَهُ فَوْقَ عَرْشِهِ، إِنَّ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِى )), وآثار رحمته جل جلاله، ظاهرةٌ في خلقه، بيّنةٌ في آياته : (( وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)) ومن رحمته سبحانه، أن يرسل الرياح بشرى بين يدي رحمته، وينزل الغيث، ويحي الأرض بعد موتها، (( وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الوَلِيُّ الحَمِيدُ )).
وأضاف : ومن آثار رحمة الله تبارك وتعالى، ما نشره من رحمة بين الخلائق، فما هذه الرحمة التي يتراحمون بها، إلا شيء يسير من رحمة أرحم الراحمين، ففي الصحيحين، أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: (( جَعَلَ اللَّهُ الرَّحْمَةَ مِائَةَ جُزْءٍ، فَأَمْسَكَ عِنْدَهُ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ جُزْءًا، وَأَنْزَلَ فِي الأَرْضِ جُزْءًا وَاحِدًا، فَمِنْ ذَلِكَ الجُزْءِ يَتَرَاحَمُ الخَلْقُ، حَتَّى تَرْفَعَ الفَرَسُ حَافِرَهَا عَنْ وَلَدِهَا، خَشْيَةَ أَنْ تُصِيبَهُ )), واللَّه تبارك وتعالى، أَرْحَمُ بِعِبَادِهِ مِنْ الوالدة بِوَلَدِهَا؛ ففي مشهد عجيب، يصفه لنا الفاروق رضي الله عنه، لمّا قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبْيٍ، فَإِذَا امْرَأَةٌ مِنَ السَّبْيِ تَبْتَغِي، إِذَا وَجَدَتْ صَبِيًّا فِي السَّبْيِ، أَخَذَتْهُ فَأَلْصَقَتْهُ بِبَطْنِهَا وَأَرْضَعَتْهُ، فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( أَتَرَوْنَ هَذِهِ الْمَرْأَةَ طَارِحَةً وَلَدَهَا فِي النَّارِ )) قُلْنَا: لَا وَاللهِ وَهِيَ تَقْدِرُ عَلَى أَنْ لَا تَطْرَحَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( لَلَّهُ أَرْحَمُ بِعِبَادِهِ مِنْ هَذِهِ بِوَلَدِهَا ))، رواه البخاري ومسلم.
وأوضح الدكتور المعيقلي إن من رحمته سبحانه بعباده المؤمنين، أنه ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا، نزولا يليق بجلاله، إكراما للسائلين، ورحمة بالمستغفرين التائبين، ففي الحديث المتفق على صحته، قال النبي صلى الله عليه وسلم :(( يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتعالى كُلَّ لَيْلَةٍ إلى سَمَاءِ الدُّنْيَا، حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ، يَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأسْتَجِيبَ لَهُ، مَنْ يَسْألُنِي فَأعْطِيَهُ، مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأغْفِرَ لَهُ )), وتتجلى رحمته جل جلاله، بفتح بابه للمسرفين، وبسط يده للتائبين : (( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ )).
وبين أن من رحمته سبحانه، أنه جعل حملة العرش ومن حوله، يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به، ويستغفرون ويشفعون للذين آمنوا مستشهداً بقوله تعالى : (( رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)).
وأشار فضيلته ألى أن الجنة رحمة الله تبارك وتعالى، يدخلها من يشاء من عباده برحمته، ولا يبلغها أحدٌ بعمله، فلو أتى العبد بكل ما يقدر عليه من الطاعات ظاهراً وباطناً، لم يعبد الله حق عبادته، ولم يؤد شكر نعمه، ففي الصحيحين، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( لَنْ يُدْخِلَ أَحَدًا مِنْكُمْ عَمَلُهُ الْجَنَّةَ ))، قَالُوا: وَلَا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللهِ , قَالَ : (( وَلَا أَنَا، إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِيَ اللهُ مِنْهُ بِفَضْلٍ وَرَحْمَةٍ )), وقال من نظر في سيرة سيد ولد آدم، صلى الله عليه وسلم، يجد الرحمةَ في أكمل صُوَرها، وأعظم معانيها، قد حفلتْ بها سِيرتُه، وامتلأت بها شريعتُه، فكان صلى الله عليه وسلم يعطف على الصغار ويرقّ لهم، ويقبّلهم ويلاعبهم، ويقول: (( مَنْ لاَ يَرْحَمُ لاَ يُرْحَمُ ))، وفي صحيح البخاري : لما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم، على ابنه إبراهيم، وهو في سكرات الموت، جَعَلَتْ عَيْنَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَذْرِفَانِ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : وَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ يعني: تبكي، فَقَالَ: (( يَا ابْنَ عَوْفٍ إِنَّهَا رَحْمَةٌ ))، ثُمَّ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( إِنَّ العَيْنَ تَدْمَعُ، وَالقَلْبَ يَحْزَنُ، وَلاَ نَقُولُ إِلَّا مَا يَرْضَى رَبُّنَا، وَإِنَّا بِفِرَاقِكَ يَا إِبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ ))، فما عرَفتِ البشرية أحدًا أرحم بالصغار من رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى قال عنه خادمُه أنسُ بن مالك رضي الله عنه: " مَا رَأَيْتُ أَحَدًا كَانَ أَرْحَمَ بِالْعِيَالِ، مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ".
وأضاف قائلاً : وأما النساء، فكانت الرحمة بهنّ من رسول الله صلى الله عليه وسلم أعظم، والرفق بهنّ أكثر ، والوصية في حقهن آكد، فحثّ صلى الله عليه وسلم على الرحمة بالبنات، والإحسان إليهنّ ، فَفي صحيح البخاري، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( مَنْ يَلِي مِنْ هَذِهِ البَنَاتِ شَيْئًا، فَأَحْسَنَ إِلَيْهِنَّ، كُنَّ لَهُ سِتْرًا مِنَ النَّارِ ))، فاتقوا الله عباد الله، فيما ولّاكم الله عليه، ففي سنن الترمذي بسند صحيح، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لأَهْلِي )) , وكان صلى الله عليه وسلم، يرحم الضعفاء والخدم، ويهتم بأمرهم، خشية وقوع الظلم عليهم، والاستيلاء على حقوقهم، وجعل عليه الصلاة والسلام، العطف والرحمة بالمساكين والضعفاء، من أسباب الرزق والنصر على الأعداء، ففي سنن أبي داود بسند صحيح، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( ابْغُونِي ضُعَفَاءَكُمْ _ أَيْ اطْلُبُوا رِضَائِي فِي ضُعَفَائِكُمْ _ فَإِنَّمَا تُرْزَقُونَ وَتُنْصَرُونَ بِضُعَفَائِكُمْ )).
// يتبع //
15:51ت م
0055
------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------

عام / خطبتا الجمعة من المسجد الحرام و المسجد النبوي / إضافة أولى واخيرة
ولفت فضيلته إلى أنه في يوم فتح مكة، لما مكّن الله لرسوله صلى الله عليه وسلم، ما كان منه إلا أن أعلن عفوه العام عن أعدائه، الذين أخرجوه من أرضه، وائتمروا على قتله، و لم يدّخروا وسعاً في إلحاق الأذى به وبأصحابه، فقابل صلى الله عليه وسلم الإساءة بالإحسان، والأذيّة بحسن المعاملة، ولما بلغه قول سعد بن عبادة رضي الله عنه: " اليَوْم يَوْمُ المَلْحَمَةِ ، أي يوم الحرب والقتل، أعلن صلى الله عليه وسلم رحمته صريحة واضحة، فقال: (( الْيَوْمُ يَوْمُ الْمَرْحَمَةِ فرحِم صلى الله عليه وسلم الصغيرَ والكبير، والقريب والبعيد، والعدو والصديق، بل شملت رحمته الحيوانَ والجماد، وما من سبيلٍ يوصل إلى رحمة الله، إلا جلاَّه لأمَّته، وحثَّهم على سلوكه، وما من طريق يبعد عن رحمة الله، إلا زجر عنه، وحذَّر أمته منه, فكانت حياته صلى الله عليه وسلم كلها رحمة، فهو بأبي وأمي صلى الله عليه وسلم رحمة، وشريعته رحمة، وسيرته رحمة، وسنته رحمة، وصدق الله إذ يقول : (( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ )).
وأكد إمام وخطيب المسجد الحرام أن دين الإسلام، دين سماحة ورحمة، وسلام للبشرية، دعا إلى التراحم، وجعله من دلائل كمال الإيمان، ففي السنن الكبرى للنسائي، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَا تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تَرَاحَمُوا ))، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، كُلُّنَا رَحِيمٌ، قَالَ: (( إِنَّهُ لَيْسَ بِرَحْمَةِ أَحَدِكُمْ خَاصَّتَهَ، وَلَكِنْ رَحْمَةُ الْعَامَّةِ ))، وقال : نعم إنها الرحمة العامة، التي تسع الخلق كلهم، وهي من أعظم أسباب رحمة الله تعالى، كما أن عدمها أجارنا الله وإياكم، سبب للحرمان من رحمة الله عز وجل، ففي الصحيحين، يقول رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( مَنْ لَا يَرْحَمِ النَّاسَ، لَا يَرْحَمْهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ )).
وأضح أن أولى الناس بالرحمة، وأحقهم وأولاهم بها، الوالدان، فبالإحسان إليهما، تكون السعادة، وببرهما، تُستجلَب الرحمة، وخاصة عند كبرهما مستشهداً قوله تعالى : (( وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدِكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا )).
وأكد فضيلته أن من العلاقات البشرية، والروابط الاجتماعية، التي لا تستقيم إلا بخلق الرحمة، العلاقة الزوجية، فهي مبنية على المودة والرحمة مستشهداً بقوله تعالى، (( وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ))، مشيراً إلى أن المودة بين من نصيب الزوجين، فيشد وثاقها خلق الرحمة، فترحم المرأة زوجها، ويرحم الرجل امرأته، ويمتد أثر هذه الرحمة للبنين والبنات، فتنشأ داخل هذه الأسر المرحومة، نفوس مطمئنة، وطباع سليمة مستقيمة ورأى أنه وإذا كان للقريب نصيب وحق من الرحمة، فالغريب كذلك له حظ ونصيب، خاصة كبار السن والضعفاء وذوو الحاجات، فتخلقو بخلق الرحمة، وارحموا من ولاكم الله عليهم، وتراحموا بينكم، تفوزوا برحمة أرحم الراحمين، ففي سنن الترمذي بسند صحيح، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا مَنْ فِي الأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ )).
وبين الشيخ المعيقلي أن رحمة الله تبارك وتعالى، تستجلب بطاعته، وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، والاستقامة على أمره، وكلما كان نصيب العبد من الطاعة أتم، كان حظه من رحمة الله أوفر مستشهداً بقوله تعالى : (( وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ )).
وفي المدينة المنورة أوصى فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن البعيجان, المسلمين بتقوى الله تعالى وقال :إن الله جل وعلا صان الدماء والأعراض والأموال وتوعد المعتدي عليها بالأقوال والأفعال .
وأضاف في خطبة الجمعة التي القاها اليوم قائلاً إن الله تعالى جعل المؤمنين إخوة وجعل بينهم مودةً ورحمة فجراح السنان ملتئمة وجرح لا التئام له فعن معاذ بن جبل قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فأصبحت يوما قريبا منه ونحن نسير فقلت يا رسول الله: أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار، قال: لقد سألت عن عظيم، وإنه ليسير على من يسره الله عليه، تعبد الله ولا تشرك به شيئا، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت، ثم قال: ألا أدلك على أبواب الخير؟ الصوم جنة، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، وصلاة الرجل من جوف الليل، قال: ثم تلا: [تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ] حتى بلغ: [يَعْمَلُونَ] ثم قال: ألا أخبرك برأس الأمر كله وعموده وذروة سنامه؟ قلت بلى يا رسول الله، قال: رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد، ثم قال: ألا أخبرك بملاك ذلك كله؟ قلت بلى يا نبي الله، فأخذ بلسانه قال: كف عليك هذا، فقلت: يا نبي الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال: ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم.
وأكد فضيلته أن الإستطالة على الحرمات وتتبع العورات من أعظم المصائب والابتلاءات ومن أشد الفتن وأكبر المنكرات والغيبة, مستشهدا إلى أن من نتائج تتبع العورات ضعف الإيمان في النفوس فعن أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه، لا تغتابوا المسلمين، ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من اتبع عوراتهم يتبع الله عورته، ومن يتبع الله عورته يفضحه في بيته)) .
و حث فضيلته على صيانة العرض وحفظ اللسان, وأن للمسلم حرمة عظيمة حماها الشرع وصانها وتوعد من تعدى عليها وأن من أعظم آفات اللسان نشر الإشاعات و إذاعة الأراجيف ونسج الأكاذيب مستشهداً بقولة تعالى ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى? مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ )), لافتاً إلى وعيد الله لمن يسعى في تتبع العورات وهتك أستارها وعنْ أَبي بكْرةَ أنَّ رسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ في خُطْبتِهِ يوْم النَّحر بِمنىً في حجَّةِ الودَاعِ: ((إنَّ دِماءَكُم، وأمْوالَكم وأعْراضَكُم حرامٌ عَلَيْكُم كَحُرْمة يومِكُم هَذَا، في شهرِكُمْ هَذَا، في بلَدِكُم هَذَا، ألا هَلْ بلَّغْت)).
وأضح فضيلته أن اجتناب المحرمات والمحظورات مقدم على فعل الطاعات والأعمال الصالحات, فعن أبو هريرة رضى الله عنه عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ( أتَدرونَ ما المُفلِسُ؟ إنَّ المُفلسَ من أُمَّتي مَن يأتي يومَ القيامةِ بصلاةٍ وصيامٍ، وزكاةٍ، ويأتي وقد شتَم هذا، وقذَفَ هذا، وأكلَ مالَ هذا، وسفكَ دمَ هذا، وضربَ هذا، فيُعْطَى هذا من حَسناتِه، وهذا من حسناتِه، فإن فَنِيَتْ حَسناتُه قبلَ أن يُقضَى ما عليهِ، أُخِذَ من خطاياهم، فطُرِحَتْ عليهِ، ثمَّ طُرِحَ في النَّارِ) .
وأكد فضيلته أن المملكة العربية السعودية وما يشن عليها من قبل الحاسدين والحاقدين والمتربصين إنما حرب على الدين فلنضرع إلى الله تعالى وندرء به في نحورهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.