أكد الأستاذ المشارك في كلية الإعلام والاتصال بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، ومستشار الأمين العام لهيئة كبار العلماء للاتصال المجتمعي الدكتور محمد بن سليمان الصبيحي، أن التعايش المجتمعي يمثل مرتكزاً رئيساً لتحقيق استقرار المجتمع وأمنه وتنميته، وهو في الوقت ذاته مطلب مهم لتفعيل المواطنة بمفهومها الشامل، مؤكدا أهمية المؤسسات الإعلامية والثقافية في إشاعة لغة الحوار الهادف الذي يقوم بين الحضارات والثقافات على التسامح والتعايش، لاسيما في هذا العصر الذي اشتد فيه الصراع بين الدول والأمم والشعوب وانتشر فيه النزاع حول المصالح والمواقف والسياسات. وقال الدكتور الصبيحي خلال مشاركته في جلسة حملت عنوان "دور المؤسسات الإعلامية والثقافية في تعزيز قيمة التعايش" في اللقاء الوطني الذي ينظّمه مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني تحت عنوان "التعايش المجتمعي وأثره في تحقيق اللحمة الوطنية" في مقره بالرياض ، أنه إذا كانت الثقافة هي الواقع الذي يعيشه الفرد داخل مجتمعه:" إن تجربة التفاعل مع المحتوى الإعلامي تنقل الفرد إلى عالم رمزي اختزلته وسائل الإعلام لتعبر جزئياً عن الثقافة المحيطة بها"، مبينا أن المؤسسات الإعلامية والثقافية نموذجان تطبيقيان لمعرفة جودة ممارسة التعايش. وأكد على الدور الكبير الذي تضطلع به في تحفيز الناس ليكونوا فاعلين أكثر وملتزمين بمواجهة الكراهية وتقبّل المشترك وترسيخ قيم التنوع والتعايش والتلاحم الوطني وتعزيز قيم السلام والتسامح. وأشار الدكتور محمد الصبيحي إلى أن خطورة وسائل الإعلام تكمن في كونها مسؤولة عن نقل التراث والثقافة من زمنها الأصلي وسياقها الاجتماعي، ومن ثم إعادة إنتاجها بأساليب وصيغ وزمن مختلف كما يفهمها أو كما يريدها الإعلاميون، وبالتالي ينعكس أثرها على المجتمع، وهنا تبرز فكرة التمثيل الثقافي كنظرية معيارية تطالب وسائل الإعلام بأن يكون محتواها ممثلاً للثقافات المحلية بصورة تدفع للتعايش والاندماج وتبتعد عن أحادية الاتجاه وأيديولوجية الطرح، موضحا أنه يمكن النظر إلى الدور الإعلامي المعزز للتعايش من خلال إسهامه في تحقيق التمثيل الثقافي للمجتمع بمعالجات مهنية بصورة تسمح بأن يشعر أفراد المجتمع بحضورهم الإعلامي الذي يمنحهم الاستقرار النفسي والأمن الفكري. وأوضح الدكتور الصبيحي أن الفاعلين في الإنتاج الثقافي هم قادة رأي وأصحاب فكر وناقدون اجتماعيون، ويملكون قدرًا من الثقافة التي تؤهلهم عبر نظرة شمولية، لافتا إلى أنه يمكن النظر إلى الدور الثقافي المعزز للتعايش من خلال تشكيل النسيج الثقافي للمجتمع وتقديم قيمة التعايش المجتمعي عبر مبادرات جماهيرية. ونبه مستشار الأمين العام لهيئة كبار العلماء للاتصال المجتمعي إلى أن هناك أزمة وظيفية في الميدان الإعلامي تكمن في استغلال وسائل الإعلام لتحقيق مآرب تقف على التضاد من فكرة تعزيز قيمة التعايش المجتمعي، مؤكدا أن الإعلام يخدم بشكل كبير تعزيز التعايش المجتمعي ونبذ العنف والعمل على حماية النسيج المجتمعي وترسيخ قيم التنوع والتلاحم الوطني لأنه يمثل قوة مهمة للتخفيف من أسباب النزاع.