أوضح فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس أن من رأرأت بصيرته نحو مقاصد الشريعة علماً واحتجاجاً وعملاً وانتهاجاً وتعرفاً لأحكامها ومراميها أدرك أنها بديعة في حقائقها مواكبة لأحداث العصور ومستجدات النوازل في جميع الأزمان بل هي منجاة من عواصف الآراء النزقة المظلة وأمواج الأهواء الفاتنة المزلة ومن رأى بنظره أيقن أن محور تلك المقاصد وعنوانها وجوهرها بعد حفظ الدين حفظ النفس البشرية التي كرمها الله وشرفها ونوه بها في عظيم خطابه فأعلى شأنها وزكاها فكان تكريمه وتبجيله لها أفضل ما عرفته النظم من احتفاء وتأمين. وقال فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها بالمسجد الحرام لقد جاءت الشرائع كلها برعاية الأنفس وصيانتها لأنه يتوقف عليها نظام العالم مشيراً إلى أن قتل النفس يتنافى مع الحكمة من الخلق والإيجاد وفي شريعة الإسلام قرن رب العزة سبحانه قتل النفس بالشرك بالله ولهذا كان أكبر الكبائر بعد أعظم فساد الدين الذي هو الكفر. وأوضح أن الله سبحانه وتعالى منح الحياة للناس وحافظ على النفس البشرية وأحكمها نظاماً وتشريعاً ومنع كل ما يؤدي إلى إزهاق الأنفس وسد الذرائع إلى ذلك فمنع الشقاق والتناحر والخلاف والتنافر وتوعد كل من تسول له نفسه هذا الفعل الشنيع بالخلود في العذاب العظيم. وأبان أن الإسلام دين السلام وأن أحكام الشريعة ما شرعت إلا لمصالح العباد في المعاش والمعاد وحيث ما وجدت المصلحة المتيقنة فثم شرع الله فشريعتنا إعمار لا دمار بناء ونماء لا هدم وفناء إشادة لا إبادة وما تعمد إليه فئام مارقة ضالة آبقة يمتشقون اسلاتهم الناهشة من إيقاظ الفتن النائمة في أفكار حالمة ومناهج هائمة تعمد إلى سفك الدم الحرام والعتو في الأرض والإجرام ومحاولة طمس مكتسبات هذه الديار المباركة وتدمير منشآتها ومقدراتها التي هي رمز قوتها وتقتيل الأبرياء والعزل بل والأدهى والأمر التطاول على بيوت الله والإضرار بالمساجد ودور العبادة وانتهاك حرماتها وترويع الساجدين الآمنين كل ذلك وأقل منه يتنافى مع مقاصد شريعتنا السامية ، قال صلى الله عليه وسلم : (إنها ستكون هنات وهنات فمن أراد أن يفرق أمر هذه الأمة وهي جميع فاضربوه بالسيف كائناً من كان) فهذا هو العدل والإنصاف لمن أراد أن يفرق جمع الأمة أو يخرق وحدتها كيف بمن يقتل ويصنع المتفجرات ويعمل على ترويجها ويسعى جاهداً إلى زعزعة الأمن وعدم استقراره ونشر الذعر بين أفراد المجتمع وتهون عليه أرواح معلقة بالمساجد ما بين راكع وساجد ومن أجل كينونة النفوس العليلة الباطشة الشريرة ودفع القتل المريع رتب المولى جل في علاه العقوبة القصوى على هذه الجريمة النكراء وما ذاك إلا توطيداً للأمن وحماية للمجتمع وقطعاً لدابر الجريمة واستئصالاً لكل ما يؤدي إلى انتشار الفوضى. // يتبع //