أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور أسامة خياط المسلمين بتقوى الله عز وجل والعمل على طاعته واجتناب نواهيه. وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها بالمسجد الحرام : إنه لما كان رفع البلاء قبل وقوعه هو أولى من رفعه بعد وقوعه ، فإن اجتناب المعصية والحذر من مسالك الخطيئة هو دأب المتقين ويكون ذلك بالتفكر بالداعي إلى المعصية والباعث عليها والميسر للوقوع فيها وليس ذلك إلا بالنفس الأمارة بالسوء والشيطان الآمر بها والمزين لها والحاض عليها . وأضاف فضيلته يقول : إن اللبيب الحافظ لنفسه ليقف مع هذين الداعيين وقفتين ، الأولى مع نفسه بالنظر الفاحص في خباياها والتفتيش عن عيوبها وهى نظرة تفضي لما هى عليه من جهل وظلم يوردان الموارد بالصد عن الخير والإغراء بالشر والحمل على الباطل . وأشار الدكتور الخياط إلى أن من عرف نفسه حق المعرفة علم أنها كما قال ابن القيم رحمه الله ( علم أنها منبع كل شر ومأوى كل سوء ، وأن جهلها أكثر من علمها ، وأن ظلمها أعظم من عدلها ، وأن ما فيها من خير هو فضل من الله فمن به عليها ولم يكن منها ولم يكن نابعا منها . ومضى فضيلته يقول : إن هذه المعرفة بالنفس تستلزم التماس العلم النافع المقتبس من مشكاة النبوة ليرتفع به جهلها ، وتلتزم أيضا العمل الصالح الذي ينتفع به ويزول ظلمها ، والاستعاذة من شرور النفس هدي نبوي وسنة محمدية أرشد النبي صلى الله عليه وسلم الأمة لها لتستعصم بالله منها، ولتستدفع بها جهلها وظلمها . وزاد إمام وخطيب المسجد الحرام يقول : فأما الوقفة الثانية فبالنظر إلى شيطانه الموكل وبملاحظته التي تفيد باتخاذه عدوا وتفيد كمال الاحتراز منه والتحفظ والانتباه لما يريده ، كما قال ابن القيم رحمه الله ( إن الشيطان يريد أن يظفر بالعبد في جملة عقبات بعضها أصعب من بعض لا ينزل من العقبة الشاقة إلى ما دونها إلا إذا عجز عن الظفر به فالعقبة الأولى عقبة الكفر بالله وبدينه ولقائه وصفاته وبما أخبرت به رسله ، فإن ظفر به في هذه العقبة بردت نار عداوته واستراح ، فإن اقتحم هذه العقبة ونجا منها ببصيرة الهداية وسلم معه نور الإيمان طلبه على العقبة الثانية وهى عقبة البدعة ، إما باعتقاد خلاف الحق الذي أرسل الله به رسوله ، وإما بالتعبد بما لا يأذن به الله من الأوضاع المحدثة بالدين التي لا يقبل الله منها شيئا ، فمفاسد البدع لا يقف عليها إلا أصحاب البصائر ، فإن تعدى هذه العقبة وسلم منها ، طلبه للعقبة الثالثة وهى عقبة الكبائر فإن ظفر به زينها له وحسنها في عينه وفتح له باب الإرجاء . وقال : له غل إيمان هو نفس التصديق فلا تفتح به الأعمال ، وربما أجرى على لسانه كلمة طالما أهلك بها الخلق وهى قوله لا يضر مع التوحيد ذنب ولا ينفع مع الشرك حسنة ، فإن قطع هذه العقبة بعصمة من الله أو بتوبة نصوح تنجيه منها ، طلبه للعقبة الرابعة وهى عقبة الصغائر ، ولا يزال يهون عليه أمرها حتى يصر عليها فيكون مرتكب الكبيرة الخائف أحسن حالا منه فالإصرار على الذنب أقبح منه ، ولا كبيرة مع التوبة والاستغفار ولا صغيرة مع الإصرار ، أما العقبة الخامسة فهي عقبة المباحات التي لا حرج على فاعلها فشغله بها عن الاستكثار من الطاعات ). واختتم إمام وخطيب المسجد الحرام خطبته مؤكدا بأن العبد إذا نجا من هذه العقبات فإنه لا يبقى له سوى عقبة واحدة لابد له منها وهى عقبة تسليط جند الله عليه بأنواع الأذى باليد واللسان والقلب على حسب مرتبته بالخير وهذه العقبة لا حيلة له بالتخلص منها إلا بعبودية لله لا ينتبه لها إلا أولوا البصائر . // يتبع // 15:13 ت م تغريد