بعد أن ضاق ذرعا من تدريسه للإسكندر الأكبر ابن المقدوني فيليب الثاني، رأى أرسطو أن هذا التلميذ «الدلوع» وابن العز يضيع عليه الكثير من الوقت الذي لو صرفه على إعداد نظرياته لكان أجدى!. إضافة إلى عدم جدية هذا الطالب الذي جلبته الواسطة إلى صفوفه، والذي لا يخجل من تناوله رقاقات «الشيبس» أثناء الدرس مما يقطع تسلسله الفكري بشكل مثير للاشمئزاز. في تلك الليلة سقط في يد أرسطو، فهو لا يعلم بوجود مكان أفضل من بلاد الإغريق يؤخذ عنها العلم والأدب، فكان لزاما عليه مسايرة فيليب الثاني في تدريس ابنه وإلا كان مصيره النفي!. وبينما كان أرسطو يقلب قنوات «الدش» وأفكاره في آن واحد وقع نظره على حديث لمسؤول سعودي في القناة الأولى، كان معاليه يتحدث بحماس عن ارتفاع مستوى البحث العلمي في جامعته وتصنيفها العالمي الذي لا يشبه شيء. ليتوقف أرسطو مذهولا للحظات ويستعير تعبيرات أرخميدس صارخا: وجدتها!. ومنذ «شقة الصبح» خرج أرسطو إلى أقرب مكتب خدمات للعمال مكملا الأوراق اللازمة للحصول على تأشيرة عمل سعودية. وما إن مرت عدة شهور حتى كانت «الفيزا» بين يديه، ليحزم حقائبه ويودع أستاذه الفاضل أفلاطون. وما إن انقضت مسافة الطريق حتى أصبح أرسطو يقف تماما على بوابة الدخول التي ما إن كاد يمر بها حتى أخبره الموظف بأن يقف في صف «اللاسعوديين». عبر أرسطو إلى حلمه الذي كان يستقبله على عتباته «كفيله» في هذه البلاد. حمله الكفيل رث الثياب في سيارته، ولم يستغرب صاحبنا من مظهر «الكفيل» فقد كان يسمع بتقشف العلماء وتجاوزهم الاهتمام بالمظهر إلى الاهتمام باللب. في الطريق فتح «الكفيل» فمه قائلا «هيه رفيق جيب الجواز» ليناوله إياه أرسطو بكل حب وكرامة. وبعد مرور ربع ساعة كان سيد المنطق يقف تماما في وسط «بوفيه» في شرق الرياض!. مرت ستة أشهر ذاع فيها صيته كأفضل معلم شاورما في المنطقة. ويُعد أرسطو الآن كتابا بعنوان «فلسفة الكبدة» ولا يزال يبحث عن ناشر.