المسرحية: ترياق الممثل والمخرج: علي الخبراني المؤلف: عبدالله عقيل هو نص يحتمل هذه التسميات: «ترياق» أو «الإكسير» أو «الحذاء المنتظر»، لولا أنه بعيد عن مفهوم النص المسرحي، لأن مشاهدتنا للممثل علي الخبراني «وهو المخرج أيضا» وهو يؤدي العمل وحده، تدفعنا إلى تصنيفه على أنه محاكاة رائعة في مغزاها وعباراتها، كتبت بلغة بلاغية مبهجة لكنها بعيدة عن الدراما الحقيقية؛ فلا عقدة أو صراع في هذا النص الذي استمر على خط واحد هو في مجمله سرد لخاطرة أبدعها عبدالله عقيل وأغفلها الخبراني الذي كان ينقص معالجته أن تنشئ رابطا بين المشاهد والنص لتتخلق خواصه المسرحية. لكن الجميل في هذا العرض الذي أنتجته جمعية الثقافة والفنون بجازان هو اختيار الحذاء كعامل رئيسي فيه، فهو رمز للتقدم والتقهقر والتغلب على أشواك الطريق وعوائقه، والخبراني كمخرج قام في هذا العمل بجعله كائنا مسيطرا في لوحات العمل، فتارة حذاء فعلي ينتعله وتارة بازارا وتارة سجنا يقيده. وكانت اللوحة الأولى هي الأجمل من خلال استخدام خيال الظل ووضوح مشقة تسلق السلالم مع صوت الرياح التي تعكس العوائق الاجتماعية والسياسية المؤدية إلى صعوبة الوصول للهدف. كان إيقاع المشهد عاليا ومعبرا لولا أن الخروج المفاجئ للممثل تاركا حذاءه هبط بالإيقاع إلى أدنى مستوياته واستمر على هذا النحو حتى نهاية العرض. وربما كان الخبراني قادرا على إنجاح العمل لو أنه أتاح لأحد غيره أن يتولى تمثيله بينما يتفرغ هو للإخراج، فالمسرحية المونودرامية تتطلب ممثلا متمكنا وغير منغمس في معترك الإخراج، وهذا النوع من المسرحيات لا يتقنها إخراجيا وتمثيليا في وقت واحد، إلا من اكتسب خبرة طويلة في فن المونودراما المسرحي. سقط الممثل في هذا العمل فبدا أداؤه رتيبا وغير متفاعل مع النص الذي اتخذ أسلوبا إلقائيا في سرد أحداثه بعيدا عن الأداء المسرحي، فبات العمل مملا في الكثير من فتراته. كان الممثل ينتظر «جودو» ويرددها من خلال كلامه إلا أن فعله بدا متناقضا من خلال تمرده على الحواجز الموجودة أمامه بعد تجاوزها بشجاعة واضحة ليصبح هو «جودو»، كما أن هناك مشاهد لم تعط حقها الكافي في المشهدية مثل تحويل الحذاء إلى بازار في أقل من دقيقة واحدة مع أنه كان بالإمكان إشباع هذه اللوحة على مستوى الإخراج والتمثيل. لم تكن النهاية مقنعة بسبب بعض التناقضات، مثل ظهور الحذاء على الممثل دون أي تبرير درامي، ومثل استسلام الممثل برفع الراية البيضاء في بداية العمل بينما الأحداث التالية لا توحي بهذه الانهزامية. الإضاءة نفذت بشكل دقيق متماشية مع حركة الحذاء، ولكن لا علاقة لها بنوع الحدث من حيث التوظيف. وكان الإيقاع الموسيقي الذي استخدمه الخبراني في نهاية العرض جميلا جدا لتوظيفه الموروث الجازاني المتمثل في قرع طبول الحرب، إلا أن ما تلك أفسده الحركة الرتيبة وغياب التشكيل الحركي. ولأن هذا العمل حصل على جائزة أفضل مخرج في مهرجان الرياض للمونودراما في دورته الثانية، فإن هناك خللا قد يكون مني في تناول هذا العرض.