شاب في مقتبل العمر، طموحه كبير ويأمل الوصول إليه كبقية الأسوياء، فهو منذ أن تفتحت عيناه لا يستطيع المشي كبقية أقرانه إلا أن ذلك لم يمنعه الطموح والتفكير في الوصول إلى العالمية عن طريق مهنة أحبها وعشقها واكتشف أنها مودعة في ذاته أخيرا، وذلك حينما وجد الرعاية والدعم من قبل مركز التنمية الاجتماعية ببلدة المنصورة حيث يقطن ومركز النخلة للحرف اليدوية بمدينة الهفوف التابعة لمحافظة الأحساء. محمد أحمد القويضي «26 عاما» لم يعش طفولة رائعة كبقية الأطفال ولم يحس بأن إعاقته حبسته عن اللعب مع الأطفال، حيث ولدته أمه معوقا لا يستطيع المشي، كما أن ضعف المعرفة لدى والديه أدى إلى عدم إكماله الدراسة فكلما رأى صغارا يحملون شنطة وأدوات مدرسية في الغدو والرواح ازدادت حسرته على نفسه وظل يتساءل: ما الذي يمنعه ليصبح مثلهم يحمل الحقيبة ويكمل دراسته، وبقيت هذه الحسرة إلى اليوم إلا أن ذلك لم يمنعه من التعرف على التقنية الحديثة وبسرعة هائلة، حيث تعلم الكتابة على الحاسب الآلي بمساعدة أصدقائه فهو يستطيع التواصل مع أصدقائه عن طريق الماسنجر ويكتب على الوورد مما جعله يتعرف على كثير من الأصدقاء خارج محافظة الأحساء عن طريق النت ويتواصل معهم بالحديث الماسنجري. حياة بلا معنى ظلت حياة محمد بلا معنى؛ حيث يغلب عليها الروتين فلا يعرف غير محيطه قبل أن يتبناه مركز التنمية الاجتماعية بالمنصورة، وهي بلدة شرقية تابعة لمحافظة الأحساء تقع شرق مدينة الهفوف ويسهم في تعليمه هذه الحرفة اليدوية التي أسهمت في اكتشاف ذاته وملء حياته وفراغه فظل يمارسها حتى حصل على دورة مدتها ثلاثة أشهر في مركز النخلة للحرف اليدوية بالمحافظة، وأخذ يبدع في هذا المجال فتفوق على كثير من الأصحاء ولا يزال يذكر أول فخارة صنعها وهي عبارة عن غوري شاي معللا ذلك بحبه لشرب الشاي، وقد لقي التشجيع من قبل الأهل إلا أن أكثر شخص ساعده كان ابن عمه الذي كان يقوم بإيصاله إلى المركز يوميا ويحفزه ويدفعه إلى الأمام في هذه الحرفة. ويلخص فكرته عن فنون الفخار: «أود تقديم فخارة على شكل كورة لميسي وكأس لنور وقلب لزوجة المستقبل»، ولم ينس أن يتحدث عن عشقه لكرة القدم فهو يعشق نادي اتحاد جدة واللاعب محمد نور، مشيرا إلى أنه لو قابل نور لقدم له أفضل فخارة على شكل كأس إعجابا وتقديرا لهذا اللاعب الكبير، وأضاف أنه يعشق نادي برشلونة خصوصا الأسطورة الساحرة ليو نيل ميسي، وأمنية حياته مصافحة هذا اللاعب: «لو صافحته لقدمت له فخارة على شكل كورة». بحث عن النصف الآخر ينتقل محمد إلى العاطفة والحب: «يظن الناس أن المعوقين بلا مشاعر وليس لديهم أي قلب، لذا وصل عمري إلى السادسة والعشرين ولم أجد فتاة تقبلني، ولو وجدت فسأصنع لها فخارا عجيبا على شكل قلب وأكتب اسمي واسمها على أكبر فخارة في العالم»، ويضيف عن طموحه: «لدي نية لصناعة أكبر فخارة في العالم والدخول إلى موسوعة جينيس عن طريق الفخار حتى أثبت للعالم أن إعاقتي لم تكن حائلا لنجاحي وأنني أعمل كما يعمل الأسوياء ولا ينقصني أي شيء»، من جانب آخر طالب الجهات المختصة بتقديم الدعم له ومنحه أرضا كي يعمل بها ويصنع الفخار. وحصل محمد على دعم من صناديق استثمارية لكنها قرض: «ذلك جعلني أتردد في قبولها حيث إن إقبال الناس على شراء الفخار قليل مع الأسف، لذا لا أتمكن من تسديده لكني أطلب منحة من الجهات المختصة كهيئة السياحة والآثار، وأن تتبنى مهنتي كي أبدأ حلمي ومشواري للنجاح؛ حيث إن حالتي المادية صعبة جدا»، وناشد الفخارين السعوديين بتأسيس جمعية للفخارين على غرار جمعية التصوير الضوئي بالسعودية وجمعية المسرحيين، بحيث يجتمعون كل شهر لتبادل الخبرات والأفكار والالتقاء معا، مؤكدا طموحه كفخار للمشاركة في مهرجان الجنادرية العام المقبل.