اختفت الضغوط التي كانت منصبة على المنتخب الفرنسي طيلة عقد من الزمن، بسبب المثير للجدل المدرب ريمون دومنيك، الذي يعاني فقرا تكتيكيا اتضح منذ إعلان زين الدين زيدان اعتزاله، بإجماع النقاد والخبراء في الوسط الرياضي الفرنسي. ولأنه رجل غير عادي، اشتهر بتصرفاته الغريبة، خصوصا عندما يبدأ بتحريك شفتيه حينما يقف عاجزا عن تغيير واقع المباراة، أو حين يجلس على كرسيه ويخاطب نفسه في مشهد لا يخلو من الضحك، قرر دومنيك أن تكون استعدادات فرنسا للمونديال «غير عادية»، بعدما وضع في جدولته للمعسكر الذي يقام في فرنسا بالقرب من جبال الألب، وجوب ركوب اللاعبين للدراجات والسير عليها، بالإضافة إلى ركوبهم أيضا «التليفريك» لأنه يرى تلك الأمور أهم من التدريب الجدي والبدء في قراءة مستوى خصومه ووضع منهجيته لبلوغ الدور الثاني. ويبدو أن دومنيك أراد من تلك الخطوة كسب احترام لاعبيه قبل أن يودعهم تاركا المهمة للوران بلان الذي سيخلفه فور نهاية البطولة، بعد أن أصبح شخصية لا تطاق لدى الفرنسيين، نظير المستوى الهزيل ل «الديوك» في كأس الأمم الأوروبية الأخيرة والخروج منذ دور المجموعات. وبعيدا عن دومنيك يعد لاعب وسط بايرن ميونيخ فرانك ريبري اللاعب الأبرز في التشكيلة وأكثر من يعول عليه في المنتخب، بالإضافة إلى يوهان جوركوف وفلورانت مالودا والمهاجم تيري هنري. وتكمن قوة المنتخب الفرنسي في خط وسطه بعد أن كان دفاعه وهجومه مضربا للمثل في أوقات سابقة، إلا أن اعتزال ليليان تورام وكلود ميكاليللي وتراجع مستوى باتريك فييرا الذي لم ينضم للقائمة، أثر كثيرا في منطقة الدفاع، لكون الثنائي الأخير يعدان من أفضل المحاور الدفاعية في العالم، ولم يختلف عنهما ليليان تورام قلب الدفاع. وبالإضافة إلى ذلك يخشى الفرنسيون كثيرا من تراجع مستويات هنري الهداف الأسطوري للمنتخب برصيد 51 هدفا، لأنه المهاجم الأفضل في القائمة مع بلال أنيلكا. ولم تعد الكرة الفرنسية تنجب مواهب كروية مثلما كان الأمر سابقا، حيث عاش «الديوك» على جيل زين الدين زيدان في الفترة من 1998 وحتى 2006، وطيلة الأعوام الثمانية، لم يبرز اسم لاعب فرنسي بصورة لافتة باستثناء ريبري، وهو ما أكده لاعب المنتخب الفرنسي السابق ميشيل بلاتيني الذي يرأس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم حاليا: «التجنيس لعب دورا إيجابيا مع فرنسا، ولكنه لم يخدمها طويلا، الآن أصبحنا نعاني الأمرين من شح المواهب، وإذا استمررنا على هذه الحال، فسيكون المنتخب الفرنسي عاديا ولن ينافس على الألقاب مثلما اعتدنا أن نراه». وتأكيدا لحديث بلاتيني فإن قائمة فرنسا المستدعاة للبطولة والمكونة من 23 لاعبا يبرز بها أسماء ريبري ومالودا وإيفرا وجالاس وكلهم ليسوا فرنسيي الأصل. وعرف عن المنتخب الفرنسي «التناقض» الغريب في مستواه، فبعد أن كان بطل العالم في عام 1998، خرج منذ الدور الأول في كأس العالم 2002، وبعد ذلك عاد ليصل إلى المباراة النهائية في 2006، ومن ثم يخرج من كأس أمم أوروبا 2008 متذيلا ترتيب مجموعته التي ضمت إلى جانبه إيطاليا ورومانيا وهولندا. ولا تعتبر الأجواء داخل المعسكر الفرنسي طيبة على الرغم من اجتهادات دومنيك، حيث أكد أنيلكا أن الفرنسيين سئموا تعلم الدروس من منتخبات أخرى مثل إسبانيا التي تغلبت عليهم في مباراة ودية الموسم الجاري بهدفين دون رد: «سئمنا هذا الحال، لا نعرف متى نتبدل، وقفنا عاجزين ومتفرجين لواقعنا.. فرنسا لم تعد قادرة على مقارعة الكبار، وهذا أمر مخزٍ». وعلق دومنيك على تصريحات لاعبه، وكان يعلم بأنه أكثر المعنيين فيما قال، إلا أنه تظاهر بتقبله لما ذكر، موضحا أن أنيلكا واحد من اللاعبين الذين يحتاج إليهم المنتخب لتقديم النتائج المتميزة في البطولة، ويستفيد كثيرا من نصائحه. ولم يكن عشاق المنتخب الفرنسي بحاجة إلى فضيحة مدوية تزيد من آلامهم وتزعزع ما تبقى من ثقتهم في اللاعبين، بعد اتهام كريم بنزيمة وفرانك ريبري وسيدني جوفو بإقامة علاقة غير شرعية مع فتاة مغربية قاصر، وهو أمر اعترف به اللاعبون الثلاثة. ومن المتوقع أن يكون المونديال الإفريقي الأخير بالنسبة إلى هنري «32 عاما» وأنيلكا «30 عاما» ووليام جالاس «31 عاما» وفلورانت مالودا «30 عاما»