ضم مجلس العموم البريطاني الجديد، بعد الانتخابات الأخيرة، تسعة نواب مسلمين، وذلك للمرة الأولى في تاريخ البرلمان العريق. وأصغر هؤلاء التسعة هو أنس سروار،27 عاما. ويقدر عدد المسلمين في بريطانيا بمليوني شخص، يمثلون نحو 3 % من عدد السكان «2.4 مليون مسلم من أصل 60 مليون بريطاني»، بحسب آخر الإحصاءات التي نشرت العام الماضي. ويبلغ تمثيلهم في مجلس العموم أقل من 1.5 % من إجمالي النواب البالغ عددهم 650 نائبا، وهي نسبة يعتبرها سروار «غير كافية، ويجب العمل على رفعها، والطريق مفتوح لذلك». يعتبر سروار صوجوده في البرلمان «دليلا واضحا على رغبة وقدرة المسلمين عموما على الاندماج في المجتمع البريطاني؛ لأنهم جزء منه». ويعد طبيب الأسنان الشاب، العضو بحزب العمال في أسكتلندا، أبرز مثال على استعداد المجتمع لاستيعاب المسلمين، وحرصهم هم أيضا على ذلك. وينتمي سروار إلى أسرة مسلمة، حفرت اسمها في تاريخ السياسة البريطانية. وعندما يتحدث نائب دائرة جلاسكو سنترال عن أبيه تتغير نبرة صوته، حسب موقع هيئة الإذاعة البريطانية. فهو فخور به، ومدين له؛ لأنه «ساعدني كثيرا، وشجعني على الانخراط في السياسة وفي حزب العمال». والأب، محمد سروار، وضع اللبنة الأولى في تاريخ المسلمين ببريطانيا عندما أصبح أول نائب مسلم يدخل مجلس العموم. وشغل سروار الأب المقعد ممثلا للدائرة عينها التي يمثلها ابنه حاليا لفترتين، بين عامي 1997 و2005، ثم تقاعد ليتفرغ لشؤون العائلة. ويلفت سروار الابن إلى أنه «لا مشكلة لدي في أن يقال إنني ورثت المقعد عن أبي، لأنني فزت به بطريقة ديموقراطية شفافة ونزيهة، وبأصوات الناس»، لكنه يقر بأن دور أبيه في التوريث كان مؤثرا لأنه «ساعدني بقدر كبير للغاية على كسب الشعبية وثقة الناخبين». وانخرط سروار الصغير في حزب العمال ناشطا وليس عضوا، في سن مبكرة. وما أن استوفى شرط السن، ببلوغه ال16، انضم للحزب وحصل على العضوية. وعندما بدأت عملية اختيار مرشحي حزب العمال في أسكتلندا، تنافس 15 مرشحا، وكان واحدا من أربعة فقط اختيروا للتصفية النهائية. وفيها فاز سروار بالترشيح بتأييد 75 % من الأصوات. ورغم الانخراط السياسي المبكر، لا ينظر سروار حاليا أبعد من البرلمان. وغاية هذا الشاب، وهو أب لولد اسمه آدم، أن يكون «نائبا جيدا، خادما لأهل دائرته، يعبر عن مصالحهم وشرح قضاياهم، وجعل جلاسكو أفضل مكان يمكن للمرء أن يعيش فيه». وعدم طموحه لكرسي رئاسة الوزراء لا علاقة له، بحسب سروار، بكونه مسلما من أصل باكستاني. فهو يعيش في بريطانيا «مواطنا بريطانيا وليس مهاجرا». ويلفت إلى أن «المسلمين في بريطانيا يسيرون في الاتجاه الصحيح، ولا يزال هناك الكثير من العمل كي يتخلصوا من مشكلاتهم». وينشغل سروار بتحسين صورة المسلمين في بريطانيا، الذين يرى أن «غالبيتهم معتدلون، ويسعون للاندماج في المجتمع، كما يؤمنون مثل غيرهم من معتنقي الأديان الأخرى بالعدالة». وكما والده، يكره سروار التطرف. وفي انتخابات عام 2005، فاز الأب بالمقعد بعد معركة انتخابية ضارية مع مرشح عن الحزب القومي اليميني المتشدد. وبدأ وعي سروار بالسياسة الخارجية وهو في ربيعه ال12. فقد زار فلسطين، والتقى الزعيم الراحل ياسر عرفات، وتعرف على حال الفلسطينيين عن كثب. وتكررت الزيارة في إبريل 2008، حيث قصد قطاع غزة، وعاد ليشارك في حملة بأسكتلندا لزيادة الوعي ب«معاناة الفلسطينيين وحشد التأييد لقضيتهم». وكما القضية الفلسطينية، يؤيد سروار حق تقرير المصير لسكان إقليم كشمير المتنازع عليه بين الهند وباكستان .