قبل يومين أصدر الشيخ يوسف الأحمد فتوى تناولت خدمة تقدمها شركة الاتصالات السعودية مفادها إرسال أطفال لتعلم كرة القدم في دول أجنبية. الفتوى التي أطلقها الشيخ ذهبت إلى التحريم مرتكزة على رؤية شرعية هي محل تقدير واحترام، ونقاشها متروك لأهل العلم، لكن اللافت في الفتوى أنها في جانب منها تقوم على سوء الظن، ففيها يرى الأحمد أن الشركة تستدرج المراهقين إلى بلاد المشركين، وهذا الاستنتاج والظن غريب في حد ذاته، إذ إن الشركة ليست في حاجة إلى استدراج أحد إلا إلى خدماتها، كما أن خلاف الشيخ مع مثل هذه الجوائز التشجيعية يجب ألا يقوده إلى إطلاق الاتهامات، فالتخوين لغرض التخويف لم يعد سلوكا مقبولا، كما أنه من الأجدى أن يعرض فكرته بعيدا عن المزايدات التي لا يطرب لها إلا قليل ممن حوله. ويبدو أن الشيخ الأحمد في ظل حماسته في إطلاق بعض الفتاوى لا يعرف شيئا عن كرة القدم، ولا عن الأموال التي تستثمر فيها، كما يبدو أنه بعيد عن الصفقات التي تتم الآن لجلب لاعبين إلى الأندية السعودية، فالمسألة استثمار مالي بحت، وليس فيها خيانات أو استدراجات، و«بلاد الكفار» لديها ما يشغلها عن إفساد الآخرين. سنكتشف مع قليل من التحليل أن بعض المتصدين للتعليق على الشؤون اليومية للناس هزوا هيبة الفتوى، وأن الناس تجاهلوها، والأدلة كثيرة وأبرزها في السابق تحريم الاكتتابات في بعض الأسهم، فكانت المفاجأة أن ملايين الناس اكتتبوا، دون أن نغفل الجهود المباركة للمجتهدين المخلصين. مشكلة بعض من يصدرون الفتاوى المثيرة في العالم الإسلامي أنهم تركوا القضايا المهمة في المجتمع، وتحولوا إلى مفتين لكل شيء مثير في بحث واضح عن الإثارة، فأصبحت الفتوى سهلة ومستباحة في بعض الأحوال التي لم يعد النظر إلى الفتاوى فيها كقيمة فقهية، ونتيجة لإعمال فكر واجتهاد، بل هي محاولات من البعض للظهور والبروز وحصد مكان متقدم من خلال اللحاق بما يريده الأتباع، خلافا لما عليه الوضع الطبيعي في أن تتبع المجموعة المفتي.