سيطرت مسببات الأزمة المالية العالمية، على أعمال الدورة الثامنة للمنتدى الاقتصادي العربي الذي عقد في بيروت، أمس، بمشاركات دولية واسعة، إذ قال رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري في كلمة الافتتاح إن المؤتمر هذا العام له أهمية مختلفة: «المتغيرات الاقتصادية في العالم كثيرة وكبيرة، ففي حين بدأ الاقتصاد العالمي طريقه إلى التعافي بعد الأزمة المالية العالمية التي بدأت في أواخر العام 2008، تواجه العديد من الدول الأوروبية تحديات كبيرة اليوم سواء على صعيد الدين السيادي أو القطاع المصرفي أو سعر الصرف». وأضاف الحريري: «حماية اقتصاداتنا تكون من خلال تبني نظم الرقابة السليمة، فعامل الثقة كان من العوامل الأساسية التي ساعدت لبنان على تفادي تداعيات الأزمة المالية العالمية والتحول إلى ملجأ آمن لرؤوس الأموال وتحقيق معدلات نمو حقيقية مرتفعة في العامين الماضيين، ورغم أن لبنان لا يزال أحد أكثر الدول معاناة للديون في العالم، إذ يبلغ حجم ديونه 55 مليار دولار، إلا أنه نجا من الأزمة المالية العالمية؛ لأن المصارف لم تكن مكشوفة ولم تعرض نفسها لأي مجازفة، واستطاع البلد تحقيق نمو مهم في منطقة تأثرت سلبا بالأزمة». وألقى رئيس مؤسسة الفكر العربي الأمير خالد الفيصل كلمة قال فيها: «نحن جميعا على امتداد الوطن العربي مهمومون بتداعيات الأزمة المالية العالمية وملامح الاقتصاديات العربية على أثرها، وما علينا كعرب أن نفعله على صعيد المبادرات التحفيزية الحكومية وأنظمة إدارة الاقتصاد بمشاركة القطاع الخاص، وكأي مواطن عربي أرى أن البون يزداد اتساعا بين العالم العربي والعالم الذي ركب قطار العصر وقطع أشواطا بعيدة في مجالات تطوير العلوم والتقنية، وتسارع حركة العولمة في إعلان ميلاد عالم جديد من الكيانات الكبيرة، ويمثله بجلاء قيام الاتحاد الأوروبي الذي أدركت دوله التحول العصري فتجاوزت كل ما كان بينها من خلافات وحروب». وتابع: «المشهد العربي بكل مقومات توحده لا يزال جزرا شبه معزولة والجسور بينها هشة ومعدلات التنمية في معظمها تحتل ذيل القائمة عالميا مع أن مقوماتنا الطبيعية في ازدياد، وعقولنا المهاجرة تشارك في صنع النهضة لغيرنا، والعائق الأهم بزعمي هو غياب الدور التأثيري للمفكر في مجتمعه وشيوع تصنيفه بين موال للسلطة أومعاد لها أو منطوٍ صامت تجاه الموقف برمته، ومناخ كهذا أدى إلى غياب الفكر عن دوره الطليعي في قيادة المجتمع العربي». وأضاف الأمير خالد الفيصل، في كلمته أن مؤسسة الفكر العربي وبعد مرور عشرة أعوام حققت نجاحات كبيرة جدا، ورأى أعضاء المؤسسة في نهاية العقد الأول أن يجتمعوا لتقييم أعمالها في الفترة الماضية، والتفكير في وضع إستراتيجية جديدة للمؤسسة في العقد المقبل: «أعتقد أننا في حاجة إلى تقييم الوضع وإضافة ما يمكن إضافته لتكون العشرة أعوام المقبلة أكثر فعالية وفائدة ومردودا ثقافيا وفكريا في العالم العربي». وأقترح أن تقتصر نقاشات ورش العمل على مبحثين لاختيار الأفضل منهما الأول: أن تستمر المؤسسة على النهج القائم حاليا مع التطوير والتحديث الطبيعي لمناشطها، والثاني أن تتحول المؤسسة إلى مركز للأبحاث والدراسات والعصف الذهني، وتصدر عنه سنويا أبحاث وتقارير ثقافية واقتصادية وإعلامية وتعليمية واجتماعية وغيرها، خصوصا أن تقرير التنمية الثقافية العربية ومشروع حضارة واحدة لقيا قبولا واسعا في الدائرة العربية، بحيث يناقش المؤتمر السنوي «فكر» هذه التقارير، مع مواصلة المؤسسة تحفيز الإبداع باستمرار تبنيها جائزتي الإبداع العربي وأفضل كتاب عربي وتعظيم تواصلها مع المواطن العربي من خلال البرنامج التليفزيوني حوار العرب