خيانة ثم سحب شارة ثم اتهام بترويج المخدرات وانتهاء بإطلاق الجماهير صافرات الاستهجان عليه متى ما تسلم الكرة.. أمور من شأنها أن تنهي مستقبل اللاعب أيا كانت قيمته، بيد أن تلك الأمور التي تجمعت في موسم واحد لم تكن كافية لكي تسقط قائد فريق تشلسي الإنجليزي وصمام أمانه جون تيري الذي أبى إلا أن ينهي موسمه بابتسامة بعيدة عن التصنع ترتسم على محياه، بعد أن لعب دورا بارزا في تتويج فريقه بلقبي الدوري والكأس ليكون القائد الأول في تاريخ النادي الذي ينجح في رفع اللقبين بموسم واحد. وفقد تيري «29 عاما» الكثير من الاحترام الذي كان يتلقاه من الجماهير الإنجليزية، لكونه كان قائدا للمنتخب الأول، ولكن فضيحته بخيانته لزوجته مع الصديقة السابقة لزميله واين بريدج، جعلته يواجه مستقبلا غامضا خصوصا أن الصحف البريطانية انتقدته بشدة على مدى ثلاثة أشهر متواصلة. ولم تقف الأمور عند هذا الحد بعدما أعلن مدرب المنتخب الإنجليزي فابيو كابيللو قراره بتجريد تيري من شارة القيادة مبررا موقفه ب «ضرورة أن يكون قائد المنتخب قدوة للجميع بما في ذلك الأطفال الذين يتأثرون به كثيرا، واعتبر تيري فشل فشلا ذريعا في إثبات قدرته على أن يكون قدوة صالحة». ليطلق من بعدها تصريحا اتضح فيه مدى حاجته إلى لاعب بحجمه لتحقيق حلم الإنجليز بنيل لقب كأس العالم للمرة الأولى منذ أكثر من 40 عاما: «عجلات السيارة بها خمسة مسامير، وتيري واحد منها.. إذا فقدته فإني مهدد بالانقلاب بالمركبة!». وتذكر تيري خلال حوار مع هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» الكثير من ذكرياته، كاشفا عن وجود غصة استقرت في حلقة يعتقد أنها ستستمر حتى نهاية مسيرته الكروية: «لم تكن بدايتي مع تشلسي مفروشة بالورود، ولم أصل إلى شارة القيادة للمنتخب الإنجليزي بسهولة.. كانت بدايتي مع تشلسي صعبة، كنت أنظف دورات المياه وأمسح أحذية نجوم الفريق آنذاك، والآن من كان يقوم بتلك المهمتين هو القائد.. عندما نجحت في مهمتي مع تشلسي وجهت أنظاري إلى شارة المنتخب ولا يخفى على أحد المشكلات التي أبعدتني عن كأس العالم 2002 وكأس أمم أوروبا 2004، وبالفعل نجحت في إنجاز المهمة، ولكنها لم تدم طويلا، بسبب خطأ لن أغفره لنفسي». وفيما يخص علاقته مع زميله في الفريق سابقا واين بريدج الذي اعتزل اللعب مع المنتخب بسببه، أكد تيري في تصريح سابق لصالح صحيفة «جارديان» أنه شعر بتأنيب الضمير لما سببه لزميله، مضيفا في الوقت ذاته أن بريدج بالغ في الموضوع بصورة أكبر من اللازم خصوصا عندما رفض مصافحته قبل لقاء تشلسي مع مانشستر سيتي بالدوري. ولم يتوقع تيري أن يكون المدافع المعتزل مارسيل ديساييه من ضمن اللاعبين الذين انتقدوه بدلا من تحفيزه لتجاوز الأزمات: «ديساييه تعلمت منه الكثير خصوصا عندما لعبت إلى جواره مع تشلسي.. لقد توقعت منه رسالة دعم يطلقها للعلن، وفاجأني بانتقاد لاذع بعدما وصفني بالكارثي، ولم يكتفِ بذلك بل أضاف العديد من الأكاذيب مثل توتر علاقتي مع زملائي بالفريق». وعلى الرغم من الهزات التي تعرض لها المدافع الدولي الإنجليزي، لن يواجه اللاعب موقفا أصعب من إضاعته لركلة الجزاء الحاسمة التي كادت تهدي تشلسي لقب بطولة دوري أبطال أوروبا عام 2008، عندما انزلقت قدمه وضلت كرته طريق المرمى. وأثبت اللاعب أنه صاحب شخصية قوية، لأن القميص الذي ارتداه في النهائي المشؤوم، علقه في صالة منزله لكي يشاهده يوميا ويعطيه حافزا للتعويض: «أتعامل مع الإخفاقات بصورة مغايرة.. أنا لا أحب أن أنسى مواقفي العصيبة في عالم كرة القدم، لأني استغلها كحافز للتعويض، وطريقة جيدة للوم النفس بصورة يومية، وتحميلها السبب في كل ما حصل». ويملك تيري مكتبة خاصة بها أكثر من 100 قميص للاعبين مختلفين، بالإضافة إلى جميع الألقاب الشخصية التي حققها والميداليات، ولكنه رفض وضع قميص نهائي «موسكو» معها وفضل عزله عنها حتى يأتي الوقت الذي يرفع فيه كأس البطولة، وحينها سيحرق ذلك القميص وتصوير المنظر بكاميرة فيديو كما وعد،: «ركلة الجزاء التي نفذتها تحدث الكثير عنها بشكل مغلوط، بعضهم اعتقد أني أردت أن أكون اللاعب الذي يسدد الركلة الخامسة لكونها الحاسمة ويتم تدوين اسمي على أني من قدت الفريق لهذا الإنجاز، ولكن الحقيقة غير ذلك فأنا استجبت لطلب المدرب لكي أسدد الركلة نظرا إلى طرد دروجبا الذي تم تحديد اسمه ليقوم بالمهمة واستجبت لطلبه، وما يجدر بي ذكره أيضا أن اسمي كان مدونا لتسديد الركلة الثامنة وليس الخامسة». وبعيدا عن الملاعب يرى تيري أن أكبر نجاح في حياته هو قدرته على تكوين أسرة، وأثمن ما يملكه هو ابناه، وزارت شبكة «سكاي الإخبارية» منزل تيري في وقت سابق من الموسم ليتحدث عن العديد من المواقف الطريفة، مثل فشله في إثارة إعجاب أبنائه كلاعب كرة قدم لأنهما يصران على ارتداء قميص مهاجم مانشستر يونايتد واين روني ونظيره في برشلونة ليونيل ميسي: «إذا كنت أشاهد مباراة كرة قدم في منزلي، لا تكاد تمر نصف الساعة الأولى حتى يطلب مني ابناي اللعب معهما في الحديقة.. وعندما نكون في طريقنا إليها يبدآن في الشجار، حيث يريد كل منهما أن يكون روني أو ميسي، ولم يسبق لهما أن ذكرا اسم والدهم». وكادت مجهودات تيري في تجاوز الفضيحة التي كلفته الكثير تتبخر، عندما قطع والده أفراحه بالفوز بلقب الدوري الإنجليزي باعترافه أمام المحكمة ببيع الكوكايين، وكانت ردة فعله على تلك الحادثة إيجابية، حيث نجح رفقة بقية زملائه في المحافظة على لقب كأس إنجلترا للعام الثاني على التوالي بالفوز على بورتسموث بهدف دون مقابل، ليختتم القائد مسيرته في الموسم بأفضل طريقة ممكنة