عندما أعلنت اللجنة السعوية للرقابة على المنشطات فرض عقوبة الإيقاف على علاء الكويكبي لاعب فريق الوحدة الأول لكرة القدم وغيره من اللاعبين في المنافسات السعودية، استسلموا للقرار من دون أدنى مقاومة أو حراك، رغم حالة الاستغراب التي اعتلت محيا الكثيرين حيال بعض اللاعبين مثل الكويكبي. وفي المقابل طرق المصري حسام غالي محترف النصر جميع الأبواب للبحث عن شهادة البراءة، وفتش «هناك وهناك» ليحمل أمتعته ويرحل بها من مكان لآخر على أمل الوصول إلى الحقيقة، وهو الأمر الذي تحقق له خلال مختبر ألمانيا الذي كان صوته أعلى من صوت نظيره الماليزي. وبين المثالين السابقين تقف علامة الثقافة الرياضية حدا فاصلا بين الطرفين، وتشكل محورا ساخنا للانطلاق من خلاله للإجابة عن عدة تساؤلات، أهمها: هل اللاعب يجهل حقوقه وواجباته؟ وما مدى ضرورة وجود محام لكل لاعب للحفاظ على حقوقه؟ وإلى أي حد يقف دور وكلاء أعمال اللاعبين؟ وما مدى ثقافتهم في النواحي القانونية؟ وهل اقتصر دورهم على نسبة ال 10 %؟. في البداية، أكد المصري نادر شوقي مدير أعمال حسام غالي محترف فريق النصر، أن عمل وكيل الأعمال والمحامي واللاعب، مرتبط بعضه ببعض، ولا يمكن فصله إذا ما أراد اللاعب الحفاظ على حقوقه. وبين أنهم في قضية حسام غالي تعاملوا باحترافية عالية من خلال عرض جميع أوراق القضية على محامين متخصصين: «وجود المحامي أمر ضروري لسلوك الطرق القانونية والبعد عن ارتكاب أي خطأ قد يصادر أي حق للاعب، والجميع لاحظ كيف تعاملنا مع قضية حسام غالي ولجنة المنشطات، حيث سلكنا الطرق القانونية ودعمنا جميع تحركاتنا باستشارات قانونية حتى لا نقع في أي خطأ يكلفنا الكثير ويذهب تعبنا هباء منثورا». أريحية التعامل ومن جهة أخرى، يرى رئيس نادي الاتفاق عبدالعزيز الدوسري أن تعامل الأندية مع وكلاء أعمال اللاعبين، أصبح أسهل بكثير من التعامل مع اللاعبين أنفسهم: «أغلب اللاعبين لا يملكون الثقافة الاحترافية التي يستطيعون من خلالها التواصل مع النادي والتفاهم حول جميع ما يخصهم من عقود وغيرها، في الوقت الذي يعد فيه التعامل مع وكيل الأعمال أسهل بكثير في ظل إجادته التفاوض حول بنود العقود وفهمها بشكل جيد». ومسألة التفكير في كسب المادة عبر عقد واضح وصريح من العوائق التي تواجه إدارات الأندية مع اللاعبين بشكل مباشر، ما يعني أريحية التعامل مع الوكلاء الذين أشار الدوسري إلى أن بعضهم يبحث عن الكسب المادي على العمل الاحترافي الكامل: «ليس غريبا أن يحصل مدير أعمال لاعب على مبلغ مالي مقابل تسويقه لفريق معين، فهذا من حقه لأنه وفر للاعب عرضا جيدا، وبالنسبة إلى العقود الإعلانية، فتعد أمورا لا تدوم، وليس من المجدي التفكير فيها لأن أي شخص يبحث عن عمل مميز». الوسيط القانوني وحول المحور الأهم والمتعلق بالمعرفة القانونية، أكد الدوسري ضرورة إلمام وكيل الأعمال بها: «هناك من يؤجج الأمور ليخرج بمكاسب مادية فقط، ومن المفترض إلمامه بكل ما يهم موكله ليحمي حقوقه، ومدير أعمال اللاعب هو الشخص الذي يملك فكر الدفاع عن حقوقه موكله، ويعرف كيف يعيدها له في حال تعرضه لأي مشكلة، وهو الوسيط الذي يدير الملف القانوني، وفي حال انخفاض مستوى اللاعب فعلى وكيل الأعمال المتمكن إعادته إلى مستواه الطبيعي وتوجيهه بالشكل الصحيح لأنه شريكه، وتراجع مستواه سيضر بالطرفين». وحمل مسؤولية المحامي لوكيل الأعمال في حال حدوث قضية تقتضي متابعة خاصة على اعتبار أن ذلك من الشروط التي يجب الاتفاق عليها بين اللاعب ومكتب أعماله، خصوصا في بعض الأمور القانونية التي تحتاج إلى رجل قانون. وكان عدد من اللاعبين المحليين عانوا كثيرا لعدم معرفتهم بالأمور القانونية، خاصة في المسائل التي تتعلق بشؤون الاحتراف والتعاقدات والإلمام بأهم القوانين، رغم تعاقدهم مع وكلاء أعمال. الثقافة العالية ويؤكد المحامي خالد أبوراشد أن وكيل أعمال اللاعبين إذا كان رجلا قانونيا فإنه يملك الدراية الكاملة، ومن الطبيعي أن توكل له مهمة الأمور القانونية، وإذا كان رياضيا فقط فمن الأفضل أن يكتفي بإدارة الشؤون الرياضية فقط، واشتراط الثقافة العالية والفكر الاحترافي للاعب عند اختيار وكيل أعماله لضمان الحصول على حقوقه وسط احترافية عالية: «من غير الممكن أن أعطي مدير أعمال رياضيا عقودا قانونية يديرها، وهو فقط شخص رياضي، ولكن الطبيعي والرائع جدا أن يتولى الرجل الرياضي الأمور الرياضية، والقانوني يتولى العقود القانونية، وهو الأمر الذي يضمن سير العمل بطريقة احترافية عالية». العقود المعقدة وشدد أبوراشد على ضرورة التعمق في فهم بعض الأمور القانونية: «بعض العقود المعقدة تحتاج إلى متابعة دقيقة من شخص دارس ومتخصص، ويجب أن يكون قانونيا لأنه أكثر دقة في التعامل مع هذه العقود، خاصة في بعض القضايا الدولية التي يجب أن يشرف عليها متخصصون». ويرى أن الذي يعتقد أن اللاعب لا يدرك أن وكيل أعماله من الممكن أن يوفر له عقودا إعلانية تدر عليه دخلا إضافيا، مخطئ: «هذا أمر خاطئ، فالرياضة أصبحت تحتاج إلى أشخاص يملكون دراية كبيرة، عند حدوث مشكلة في لجان منشطات مثلا، أو لجان أخرى تحتاج إلى وكيل أعمال يملك معرفة في التعامل مع هذه الجوانب، والأفضل أن يكون محاميا يعرف كيف يصيغ العقود ويجيد التعامل مع مثل هذه القضايا القانونية». وأشار الى أن ما حدث في قضية حسام غالي ومتابعة مدير أعماله لها، حتى أسهم في إعادة حقه، أمر جيد: «من المؤسف جدا أنه لو حدث هذا الأمر مع وكيل أعمال لاعب سعودي، فلا أعتقد أنه سيكون ملما بمثل هذه الأمور». وطالب اللاعبين باتخاذ خطوات معينة في عملية اختيار وكلاء أعمالهم: «يجب البحث عن مدير أعمال صاحب خبرة وقادر على التعامل مع القضايا والبنود الرياضية، خاصة الدولية منها، بشكل جيد والإلمام بالجوانب الرياضية والقانونية رغم صعوبتها». اللاعب الواثق وكان لوكيل أعمال اللاعبين تركي المقيرن وجهة نظر خاصة في مسألة تعامل اللاعبين ووكلاء أعمالهم مع القضايا، مشيرا إلى أن المسألة تعتمد على اللاعب في المقام الأول: «إذا كان اللاعب واثقا ومؤمنا بأنه على حق، فلا شك أنه سيسلك جميع الطرق ويطرق كل الأبواب من أجل إثبات حقه، وبالنسبة إلى قضية حسام غالي، فعلى حسب ما فهمته من وسائل الإعلام، فإنها تختلف عن قضية علاء الكويكبي، ولا ننسى أن الاتحاد المصري ووكيل أعمال اللاعب والنادي الأهلي المصري، وقفوا مع غالي لأنه كان واثقا من نفسه في قضيته». وعن العقود الدعائية: «هناك عقود جاهزة من الاتحاد الدولي لكرة القدم تعطي لمدير أعمال اللاعب خطوطا وبنودا معينة يسير عليها ويتبعها في التمثيل المتعلق بالعقود الدعائية الخاصة به». المكسب المشروع وعن اتهام أغلب وكلاء الأعمال بالبحث عن الدخل المادي قبل التفكير في توثيق وحفظ حقوق اللاعب، أوضح المقيرن: «سأتحدث عن نفسي فقط، فأنا لدي دروس في الأمور القانونية وأجيد التعامل معها منذ حضور تراوري للهلال وما صاحبه من أحداث، وكذلك احتراف عماد الحوسني في بلجيكا، والحمدلله لدي معرفة بقوانين الاتحاد الدولي، وليس عيبا أن أبحث عن مكسب مادي، ولكن في الوقت نفسه لن أغفل أي حق للاعب، لأن هذا دخلنا جميعا، ويفترض ألا يشعر أحد بالضيق من هذا الأمر لأن الجميع يسعون للكسب». وأكد المقيرن أنه ليس صحيحا أنه يضع، كوكيل أعمال، المادة مبدأ للبحث عنه من دون النظر إلى الأمور الأخرى: «إذا تعبت وتمكنت من تسويق اللاعب، فمن الطبيعي أن أتقاضى أجري لأن هذا شرع الله، ويأخذ كل ذي حق حقه» .