ابتعد الزعيم السابق فيدل كاسترو تماما عن الأضواء منذ أن أجبره المرض على الاستقالة من منصبي الرئاسة وقيادة أركان الجيش في كوبا عام 2008 بعد صراع دام 19 شهرا. ولم يظهر كاسترو في أي مناسبة علنية منذ ذلك الحين على الرغم من أن وسائل الإعلام الحكومية بثت عدة صور له في المستشفى. وأعلن الزعيم، 81 عاما، في بيان أنه نقل صلاحياته الرئيسية إلى شقيقه راؤول وزير الدفاع. ولنصف قرن كامل، واجه كاسترو الأعاصير من الداخل والخارج. ونجا من محاولات اغتيال عديدة واستطاع البقاء، حيث عجز آخرون من حلفائه أو خصومه. أوضح الزعيم الكوبي عندما أعلن الاستقالة أن القرار راجع لمشكلات صحية، « جاءت اللحظة المناسبة للبرلمان كي ينتخب مجلس الدولة ورئيسه ونائب الرئيس. أريد أن أواصل النضال جنديا من أجل تحقيق أهدافنا». وتولى كاسترو رئاسة كوبا منذ عام 1959 عندما أطاح بحكومة فولجينسيو باتيستا بثورة عسكرية ليصبح رئيسا للوزراء إلى عام 2008 عند إعلانه عدم ترشحه لولاية جديدة وانتخاب أخيه راؤول كاسترو مكانه. وكان كاسترو في 1965 أمينا للحزب الشيوعي في كوبا وقاد تحويل البلاد إلى النظام الشيوعي وحكم الحزب الواحد. وأصبح في 1976 رئيسا لمجلسي الدولة والوزراء. وكان أعلى قائد عسكري. وبعد جراحة معوية في 31 يوليو 2006 سلم مهامه لأخيه الصغير ونائب الرئيس الأول راؤول كاسترو. وفي 19 فبراير 2008 وقبل خمسة أيام من انتهاء مدة الحكم، أعلن أنه لا يرغب في مدة جديدة رئيسا أو رئيسا للأركان. ونشر فيدل كاسترو سلسلة مقالات بعنوان «تأملات فيدل» بمختلف لغات العالم عن طريق المواقع الإلكترونية التابعة للسفارات الكوبية. وخلال فترة حكمه، خطت كوبا خطى واسعة في مجالات عدة منها الرعاية الطبية التي أصبحت في عهده مجانية للجميع، وانخفضت معدلات وفيات الأطفال حتى أصبحت قريبة جدا من الدول الغربية المتقدمة، وكذلك في مجال معرفة القراءة والكتابة التي وصلت نسبتها إلى 98 %. وفي المقابل عانت كوبا في ظل حكم كاسترو ضيقا في هامش الحرية، حيث تم تضييق الخناق على المعارضة وفرض رقابة على العديد من وسائل الإعلام. وهناك من الكوبيين من يمقتون كاسترو وهناك كثيرون يحبونه. وقد يغيب ظل كاسترو عن الحياة اليومية للكوبيين، لكنهم لن ينسوه بسهولة. ليس فقط لأن كوبا ستكون بلداً آخر من دونه، ولا لأن 90 % منهم لم يعرفوا زعيماً سواه، بل لأنه سيظل يطل من خلال صحيفة «جرانما» التي أعلن فيها «نعيه» لينشر أفكاره التي ستبقى «سلاحاً يعتمدون عليه» كما وعدهم..