دائما ما تخذلنا الصورة. الذين يهتمون بالتقاطها وجمعها غالبا ما يعيشون ذكرى محزنة ساعة يعودون إليها. إنها ليست إلا صورة عتيقة تشبه تلك التي كتبتها إيزابيل الليندي في روايتها الخالدة. حين نلتقط صورة للذكرى فإننا نصنع حزننا شئنا أم أبينا. في صورنا ثمة قتامة ملونة. جناية ابتسامة لم نعد نرتكبها حين صرنا أكبر. نطالع ألبوم الصور لنرتشف جرعة سعادة مؤرشفة حتى نتمكن من تجاوز ألم الحزن وطعم المرارة. في صورنا، حتى بالأبيض والأسود، مساحة رمادية مشعة، عكس صورنا في المرآة: ملونة، لكنها شاحبة، متسائلة، وربما يائسة أيضا. في صورنا العتيقة، نبحث عن إجابات، لكنها تثير أسئلة أكثر. ثمة إجابة واحدة تمنحنا إياها صورنا القديمة: ما كان كاملا يوما ما لا يمكن أن يظل كذلك، هذا هو مبدأ «الوحدة» كما يقول العلماء. الصورة شاهد أيها السادة على أننا كنا هنا. على أننا ابتسمنا. على أننا عشنا لحظات جميلة. شاهد أيضا على أننا كنا أكثر براءة. إنها أيضا صديق، حين لا يكون لدينا أحد نتحدث إليه. صور الذكرى العتيقة، المخبأة في الألبوم صديقنا الذي تشبه ملامحه ملامحنا لكنه لا يشبهنا.