قبل أكثر من 15 عاما ضربت الرياض عاصفة رعدية ماطرة محملة بالبرد، أغرقت العاصمة في أقل من ربع ساعة، بعد استيعاب صدمة الكارثة خرج علينا أمين مدينة الرياض آنذاك وبشرنا بأضخم مشروع صرف صحي على الإطلاق، عندما اطلعنا على تفاصيله ظننا لوهلة أن الرياض ضمن المدن الاستوائية التي لا يغيب عنها المطر قياسا إلى ضخامة المشروع. سنوات والحفريات تحاصرنا، و«البوكلينات» تقض مضاجعنا، ونحن صابرون محتسبون نمني أنفسنا أنه سيأتي اليوم الذي نصحو فيه بعد ليلة غزيرة المطر لنسأل بعضنا «هل أمطرت سماء الرياض البارحة»؟ تفاؤلا بفاعلية الشبكة «الحلم»! بعد عقد ونصف لم يتغير شيء، ورسبت شبكة الصرف الصحي في أول اختبار مطري، وكم نحمد الله عز وجل على لطفه ورحمته بعباده، أن هذه الاختبارات لا تتكرر إلا مرة كل عقد، لكن التغيرات المناخية تنذر باختبار مطري موسمي فما أنتم فاعلون يا أمناء المدن؟!. لدي اقتراح بسيط أتمنى لو أخذت به الأمانات في مدننا الكبرى، المقترح، أن تكون عقود إنشاء شبكات الصرف الصحي تتضمن بندا يجبر المنفذ على تشغيلها وصيانتها لسنتين على الأقل من تاريخ انتهاء المشروع، ويؤجل صرف جزء من المستخلصات لحين انتهاء فترة التشغيل والصيانة. بهذا نضمن أن المقاول سيحرص على جودة التنفيذ لئلا يتكبد مصاريف باهظة في فترة التشغيل، وفي المقابل نوفر نسبة من التكلفة فيما لو طرحت عملية التشغيل والصيانة في منافسة مستقلة.سألت صديقا وهو كاتب مسكون بهمّ الوطن، لماذا لم يتطرق ل«غرق الرياض» في عموده الأسبوعي فكانت إجابته أبلغ من عشرات المقالات، قال: «غيمة واحدة تكتب بحبر من ماء تغني عن كثير مما كنا سنكتب وسنقول»!كنت أتساءل صغيرا هل كان السياب في وعيه حين قال «أتعلمين أيَّ حُزْن يبعث المطر»، اليوم أدركت أن للمطر وجها حزينا لا يظهر إلا في مدننا الكبيرة فقط!