لاغرابة أن تصادف الآن في كل حي أو شارع من مدينة الرياض أو المدن الأخرى، مركزا رياضيا أو صالة متخصصة في «الرياضة وكمال الأجسام»؛ فالكثير من الشباب على إدراك بأهمية ممارسة الرياضة صحيا ونفسيا، ولكن ليس ذلك هو السبب الوحيد، فللأمر أهداف أخرى، من بينها الحصول على جسم رياضي يشد الانتباه ويثير من يراه. «شعور رائع».. هكذا يختزل محمد الفارس وصفه لانتظامه الرياضي، الذي لم يكن مقتنعا به تمام الاقتناع في بادئ الأمر، لكنه بعد التجربة رأى أنه مفيد له على مستويات عديدة: «أتدرب منذ سنتين ونصف، وقبلها كنت أتمرن لكن على فترات متقطعة.. والآن بعد أن أصبح تدريبي مستمرا، فإني أحس بالتغيير يسري في دمي وأشعر بنشاط ذاتي للدورة الدموية، إنني باختصار أشعر بشعور رائع وجميل جدا لم توفره لي تجارب أخرى.. وأنوي الاستمرار». هل أصبح محمد مدمنا على الرياضة؟ ربما حدث ذلك ولكنه إدمان إيجابي: «لا يمر يوم دون أن أتدرب بأي شكل. وأنا أقضي تقريبا ما بين ساعة إلى ساعة ونصف يوميا للتدريب العضلي، وفضلا عن ذلك فأنا أمارس برنامجي الرياضي الأصلي الذي أمارسه أربع مرات في الأسبوع».ويعتقد محمد أن جسده وتفكيره اعتادا على الرياضة اليومية؛ لذلك فقد أصبحت جزءا من نظامه الطبيعي اليومي، ويقوم بها أحيانا دون تخطيط مسبق، بل يجد نفسه عند الموعد قد استعد لبدء حصته الرياضية اليومية. إن الشاب، بحسب الفارس ، سيمارس الرياضة بانتظام في حالة واحدة فقط، أن «تكون لديه قناعة كبيرة بضرورة تحسين جسمه وصحته وشكله». ورغم أن هذه القناعة جديدة على الوسط الشبابي ولم تنتشر انتشارا يماثل ما هو موجود في دول أخرى. إلا أن ما يحفز وجود هذه القناعة أو الرغبة محليا هو «الفراغ الكبير الهائل.. فهو ما يدفع الشاب نحو التفكير باغتنام الوقت، وأول ما سيرد على الذهن هو البدء بتدريب رياضي عبر الاشتراك مع مركز يقدم هذه الخدمة» بحسب محمد. وعن تحول الرغبة المجردة إلى هوس، يؤكد الفارس حدوث ذلك عند بعضهم من خلال استهلاكهم للهرمونات الصناعية الضارة: «إن البروتين الذي يتم تناوله مع التمارين مفيد في بناء الجسم، ولكن الهرمونات تعتبر مضرة صحيا، وللأسف فإن كثيرين يأخذون الهرمونات ولا يضربون حسابا لأضرارها الجسدية». ولا يحصر محمد نصائحه للشباب فقط، بل يتجاوزهم نحو الفتيات؛ ففي رأيه، أن الصحة الجسدية ليست مقتصرة على الرجال؛ فبإمكان الفتاة عبر النوادي النسائية، الشعور بمثل ما يشعر به الشاب ذو الصحة المحمية بالرياضة. ولكنه يضيف: «لا أنصح ببناء الفتيات عضلات لأجسامهن؛ لأن البنية الجسمية للنساء تختلف عن الرجل بحكم طبيعتها الأنثوية، وأصلا لا يُستحب بروز العضلات عند الفتيات، ولكن عند انخراطهن في الرياضة المناسبة فسيقتلن وقت الفراغ ويجدن أنها تجربة رائعة». وعلى العكس من الحالات العامة، لجأ فهد المبيريك إلى ممارسة الرياضة المنتظمة، ليس من أجل تخفيف الوزن وتقليص بنية الجسم، بل من أجل هدف معاكس تماما، إذ هو نحيف جدا كما يصف نفسه، وأراد أن يملأ جسده وينمي عضلاته، وبمجرد ما وضع هذا الهدف أمام عينيه اتجه نحو اهتمامه دون تهاون: «إنني منتظم في ممارسة الرياضة الجسمانية ورياضات الحديد منذ خمس سنوات، وأنا مواظب تماما على موعد التدريبات ولا أخلفها في أي وقت وتحت أي ظرف».ولم تقتصر استفادة فهد على الرياضة فقط، بل أحدث عنده هذا الإدراك وعيا فيما يتعلق بالتغذية المناسبة المتكاملة: «لقد أصبح وقتي منظما، وجسمي أفضل وصحتي متفوقة، وفضلا عن ذلك فأنا لا أشعر بفراغ، كما أنني مرتاح نفسيا لدرجة بعيدة» . ولكن لديه ما يؤرقه في هذا المجال، فهو يرى أن الدعم المؤسسي العام لمثل هذه الأندية معدوم تماما: «إنهم يهتمون جدا بكرة القدم مثلا ولكن لن تجد من يدعمك في رياضات القوى وكمال الأجسام». رغم أنها الرياضات الأكثر دعما ل «الثقة بالنفس» والتي يقول المبيريك إن هناك من يسمونها ب «رياضة الغرور لأنهم ينظرون إلى الثقة بالنفس التي يخلفها الانتظام في التدريبات الجسمانية بوصفها غرورا». ومن زاوية أخرى ينظر تركي الحربي للأمر فيعود بنتيجة مفادها أن «الاهتمام بالرياضة وصحة وشكل الجسد، هي ثقافة اجتماعية عامة»، وبالتالي فإن الحربي يجد مبررا للأكثرية هنا ممن لا يمارسون الرياضة؛ لأنهم «ليسوا في أمريكا ، حيث من النادر أن تجد أحدا لا يمارس الرياضة». ويرى أن الحل الذي يدفع باتجاه بناء هذه الثقافة هو تزايد الأندية وتنافسها تجاريا، واتجاهها نحو الدعاية والإعلان عن نشاطاتها، وهكذا يمكن توسيع قائمة ممارسي الرياضة، ويمكن أن نلحظ ازديادهم حتى تتحول هذه الثقافة إلى ثقافة اجتماعية عامة، إلا أن ناصر الشمري يثبت طريقة أخرى لاتساع دائرة الرياضيين، وهي نصائح الأصدقاء : «لم أفكر يوما بممارسة الرياضة المنتظمة لأن هذا لم يخطر ببالي، ولكنَّ صديقا لي انتظم في ناد مثل هذه الأندية ، وقد تمكن من إقناعي بالانضمام معه، وبعد أن مرت عدة أشهر لمست أنا بنفسي نتائج التغيير»